المدن الذكية

المدن الذكية

01 ابريل 2015
الاستخدام الواسع للتكنولوجيا (فرانس برس)
+ الخط -
يرجع مصطلح المدينة الذكية إلى المؤتمر الأوروبي للمدينة الرقمية لسنة 1994، حيث استخدم لأول مرة، ثم دشّن الأوروبيّون "مشروع المدينة الرقمية الأوروبيّة" في عدد من المدن سنة 1996، وكانت انطلاقة المشروع من مدينة أمستردام الهولندية، أول مدينة رقمية، تلتها مدينة هلسنكي الفنلندية.

وتعرف المدينة الذكية بصفتها مدينة معرفية ورقمية وإيكولوجية، تعتمد على البنية التحتية لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات في جميع مناحي الحياة فيها، كالنقل والأمن والاستخدام المنزلي والإدارة المحلية والماء والطاقة، وذلك بغرض تقديم خدمات حديثة ومتطورة للمواطنين، تسعى إلى إرضائهم وتعزز شعورهم بالانتماء والسعادة.

وتتصف هذه المدن بالذكاء، لقدرتها على تبسيط أعمال المواطنين عبر حل مشاكلهم بابتكارات وإبداعات رقمية توحد المدينة حول سياسة تُبنى على المعلومة في التحليل والدراسة والتنبؤ واليقظة والتعلم المستمر من التجارب.

وعلى هذا النحو، فالمدينة الذكية هي نظام شامل ومتكامل، تستعمل التقنيات التكنولوجية كالشبكات عالية السرعة، شبكات الألياف البصرية، شبكات الاستشعار والشبكات السلكية واللاسلكية، تقنيات السحابة الإلكترونية، ناهيك عن التطبيقات الذكية للهواتف المحمولة والخدمات المتنوعة للإنترنت، الأمر الذي يستجيب للتقدم العمراني ويحسن الظروف الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة في جوانبها الثقافية والبيئية. ويبدو ذلك واضحاً من خلال توفير الكهرباء وإدارة حركة المرور ومواقف السيارات، استخدام المياه وجمع النفايات، الأمر الذي يرتقي بجودة الحياة ويخفض النفقات والوقت، ويزيد الكفاءة المؤسساتية للمدينة، بما يشجع على الاستثمار والنمو الاقتصادي، وكذلك يزيد استدامة التنمية.

وفي هذا الصدد، ترتكز المدن الذكية على أربعة محاور:

*التوسع الحضري: يرتبط هذا المحور بالقضاء على انعزال المدينة عن محيطها، فالمدن الذكية متفاعلة ومترابطة الأوصال داخل نطاق حضري عريض قادر على مد جسور التواصل والتعاون في المدينة، مما يجعلنا أمام مدينة متضامنة.

*الاحتواء الرقمي: تعمل المدن الذكية على توفير التكنولوجيات الأساسية للمواطنين للعيش فيها، وتزويد مؤسسات المدينة بما تحتاجه من تقنيات وبنية تحتية لإنتاج خدمات حكومية وتجارية، كما تضمن الاتصال الشامل بين كل أطراف المدينة.

*المعرفة والابتكار: لا يمكن الحديث عن مدينة ذكية من دون التطرق إلى ربط المواطنين بشبكة للاتصال ثم التحفيز على ريادة الأعمال في القطاعات الابتكارية، الأمر الذي من شأنه خلق فرص للعمل، وتطوير الحياة العامة بإدارة حديثة تبسط الإجراءات القانونية والتنظيمية وتلجأ إلى المعرفة والبحث والإبداع في ازدهار المدينة.

*الرأسمال البشري: تستدعي المدن الذكية وجود قوى عاملة مكونة، حاملة لكفاءات تخصصية ومزودة بمعارف تكنولوجية، لتكون بذلك منتجة للقيمة الاقتصادية ولخدمات متطورة، الأمر الذي يترتب عليه إحداث تغييرات كبرى في مناهج التعليم والتدريب بالمدن.

تعتبر المدينة الذكية تصوراً للحياة في مدينة المستقبل التي تتسم بمظاهر عديدة، حيث نجد أن منازلها مجهزة للتحكم في الطاقة، ومتوفرة على أجهزة إلكترونية تسهل الأعمال، وشبكة كهربائية مبرمجة على ترشيد الاستعمال عبر عداد محكم يقوم بتصنيف الاستخدام حسب الشرائح الموجودة. وتنتهج المدن الذكية الطاقة البديلة من طاقة شمسية وإعادة تدوير المياه، وكذلك الطاقة الريحية لتوليد الكهرباء، وهي كلها مصادر للطاقة النظيفة تسعى إلى مصاحبة المشاريع الاقتصادية والمحافظة على الطبيعة في الوقت ذاته.

وفي سياق متصل، تحتاج هذه المدن إلى منظومة أمنية مزودة بقواعد للبيانات وأجهزة للاستشعار ترصد الجرائم والمخالفات في المدينة، بما يؤهلها لاستقبال السياح وجلب الاستثمارات. وفي ما يخص النقل والمواصلات، فالمدن الذكية منظمة جغرافياً عبر نظام التموضع العالمي الذي يصل وسائل النقل بتطبيقات ميسرة للتنقل ومبينة للأماكن والمؤسسات الموجودة في المدينة، علاوة على غزو السيارات الكهربائية للأسواق والحاجة الماسة لتوفير محطات لشحن هذه النوعية من السيارات. يضاف لكل ما سبق، أن المدن الذكية توفر غذائها من خلال الزراعة الرأسية، إذ يتم القيام بالنشاط الزراعي داخل مبانٍ شاهقة، في ظل نقص متزايد للأراضي الزراعية مع الزيادة السكانية.
باحث وأكاديمي مغربي

إقرأ أيضا: ملف الملحق: صناعة الترفيه العربية...حرفة تجذب المستثمرين

المساهمون