جماعات إنجليكانية أميركية تموّل مشاريع استيطانيّة

جماعات إنجليكانية أميركية تموّل مشاريع استيطانيّة

25 فبراير 2015
يعتقد الإنجليكانيون أنّ العرب يعيقون بناء الهيكل للمرة الثالثة(الأناضول)
+ الخط -

يكشف تحقيق تلفزيوني إسرائيلي النقاب عن أنّ بعض الجماعات المسيحيّة الإنجليكانيّة المتطرّفة في الولايات المتحدة، تقدّم عشرات الملايين من الدولارات سنوياً، لدعم جماعات يهوديّة تسعى إلى بناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى، ولتمويل مشاريع استيطانية وتهويديّة في القدس والضفّة الغربيّة، علاوة على إسهامها في تغطية نفقات الحملات الانتخابيّة لساسة في اليمين المتطرف.

وينوّه التحقيق، الذي بثّته قناة التلفزة الثانية، يوم الجمعة الماضي، إلى أنّ الجماعات الإنجليكانيّة تنظم سنوياً عدداً من المؤتمرات في أرجاء الولايات المتحدة، لدعم المشروع الاستيطاني اليهودي في الضفّة الغربيّة، حيث يحرص الإنجليكانيون على تمويل رحلات أعضاء الكنيست اليهود وقادة اليمين الذين يشاركون في هذه المؤتمرات وإقاماتهم في الولايات المتحدة.

اقرأ أيضاً: مشروع "إي 2" الاستيطاني لإجهاض الدولة الفلسطينية

ويفيد التحقيق بأنّ الإنجليكانيين، الذين يمثلون العمود الفقري لناخبي الحزب الجمهوري، يتولون دعم الجماعات اليهودية المتطرّفة من خلال عدة مكاتب، أحدها في واشنطن، مشيراً إلى أن من يتولى التنسيق مع هذه المكاتب هو الوزير السابق الحاخام بني أيالون، الذي ينادي بطرد الفلسطينيين، ويجاهر بحماسه لإقامة الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى.

ويراهن أيالون، الذي يقطن في مستوطنة "بيت إيل"، شمال مدينة رام الله، على دور الإنجليكانيين في بلورة رأي عام أميركي رافض لأيّ تسوية للقضيّة الفلسطينيّة، تقوم على إخلاء المستوطنات اليهوديّة في الضفّة الغربيّة. ولا يقتصر السعي لتعزيز العلاقة مع الإنجليكانيين على هوامش اليمين الديني المتطرف في إسرائيل، بل إنّ جميع الأحزاب الصهيونية في اليسار واليمين تسعى لتعزيز التواصل مع هذه الجماعات.

وبحسب التحقيق، جرى تدشين لوبي في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) لتعزيز العلاقات مع الإنجليكانيين في جميع أرجاء العالم. ومن بين أعضاء اللوبي، زعيم حزب العمل إسحق هيرتزغ، ورئيس كتلة الليكود في الكنيست يريف ليفين والنائب الدرزي حامد عمار، المنتمي إلى حزب "يسرائيل بيتنا"، والذي يقوده وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان. ويشير التحقيق إلى أنّ أكثر الأحزاب الإسرائيليّة حماساً للمشاركة في الأنشطة، التي تنظّمها الجماعات الإنجليكانية هو حزب "يسرائيل بيتنا"، حيث إنّ وزراءه ونوابه لا يتخلّفون عن أيّ مؤتمر من المؤتمرات، التي ينظمها الإنجليكانيون، لا سيّما زعيم كتلة الحزب في البرلمان دفيد روتم.

وتسعى الجماعات الإنجليكانيّة إلى تشجيع نخب اليمين الديني في إسرائيل، على تبنّي أجندة يتم تطبيقها في الولايات المتحدة، على غرار مواجهة الإجهاض. ويشير التحقيق إلى أنّ الإنجليكانيين يقدمون أموالاً لجماعات يهودية "تناضل" ضدّ الإجهاض. ويذكر أن أول من اكتشف "العائدات الإيجابية" للتحالف مع الإنجليكانيين، كان رئيس الوزراء الليكودي الأسبق مناحيم بيغن، الذي كان يستضيف قادتهم في ديوانه، ويشجّعهم على تقديم مساعدات لوجستية وطبيّة للجيش الإسرائيلي خلال حرب لبنان الأولى عام 1982، حين كان أطباء منهم يعملون لصالح الجيش داخل الأراضي اللبنانية.

وفي موازاة حفاظ رؤساء الوزراء من الليكود، على وجه الخصوص، على علاقات حميمة مع الإنجليكانيين، سبق لرئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو أن وصف الجماعات الإنجليكانية بأنها أكثر "الأصدقاء قرباً لإسرائيل". ونظم أعضاء هذه الجماعات مسيرات عدّة في أرجاء الولايات المتحدة أخيراً، تأييداً لقرار رئيس مجلس النواب الجمهوري جون بينر، دعوة نتنياهو لإلقاء خطاب أمام الكونغرس بمجلسيه، للتحذير من مغبّة التوقيع على اتفاق "سيئ" مع إيران.

اقرأ أيضاً: دعوات لنتنياهو لإلغاء خطاب الكونغرس واتهامه بإلحاق ضرر بإسرائيل

من ناحيته، يقول الباحث في الأديان في جامعة "تل أبيب"، البرفسور تومر فريسكو، إنّ اليهود "يلعبون دوراً مركزياً في العقيدة التي يؤمن بها الإنجليكانيون، إذ يعتبرون أنّ نزول المسيح مجدداً يتوقف على عودة اليهود إلى أرض الميعاد وإقامة وطن قومي لهم واندلاع حرب يأجوج ومأجوج في أرض إسرائيل".

وينقل موقع سلطة البثّ الثانية في إسرائيل عن فرسكو قوله إنّ "الإنجليكانيين يؤمنون أنّ نشوب حرب "يأجوج ومأجوج" لن يتمّ إلا بعد أن يصبح الشعب اليهودي هو صاحب السيادة في هذه الأرض، وأن يتمكن من إعادة بناء الهيكل للمرة الثالثة، وهذا ما يجعلهم مستعدين للتضحية من أجل توفير الظروف التي تضمن هذه النتيجة". ويشير بريسكو إلى أن "الإنجليكانيين يعتقدون أنّ العرب هم الذين يعيقون تدشين الهيكل من جديد، وهذا سر تحالفهم مع إسرائيل واليهود، وكراهيتهم العمياء للعرب".

وتمثّل المستوطنات في نظر الإنجليكانيين، "معجزة صهيونيّة تحقّقت بعد أن عاد شعب إسرائيل إلى أرضه، لا سيّما يهودا والسامرة (الضفّة الغربيّة) التي تمثل أرض التناخ". ويتجاوز الإنجليكانيون هوامش اليمين الديني في إسرائيل تطرفاً، من خلال اعتقادهم أنّ الأردن يُعدّ أيضاً جزءاً من "أرض إسرائيل".

في المقابل، يرى المختص في العلاقات الأميركية الإسرائيلية، البروفيسور أمنون كفيري، أنّ "توثيق العلاقات مع الإنجليكانيين، الذين يمثلون أقصى اليمين الأميركي المحافظ على هذا النحو، قد يضرّ بمصالح إسرائيل على المدى البعيد". وينقل موقع سلطة البث الثانية عن كفيري تحذيره من أنّ "تعزيز العلاقة مع قطاع جماهيري أميركي محدّد على حساب القطاعات الليبرالية، يضرّ بمصالح إسرائيل، حيث قد يتبيّن أنّ الحصول على الدعم المالي والسياسي من الإنجليكانيين في النهاية "خطأ استراتيجي".

المساهمون