ترامب يتّجه إلى كسب أصوات الإسرائيليين الأميركيين

ترامب يتّجه إلى كسب أصوات الإسرائيليين الأميركيين

04 اغسطس 2016
ترامب نصير إسرائيل وطاقمه مؤيد لها (Getty)
+ الخط -
لا يعكس التّداخلَ الإسرائيليَّ الأميركيَّ شيءٌ مثل موضوع الانتخابات الأميركية، سواء تلك الداخلية أو الانتخابات الرئاسية، ففي كلتا الحالتين يتّضح التداخل، ليس لمجرد حجم المصوّتين، بل أيضاً من خلال اهتمام الأميركيين من أصول يهودية بالانخراط الفعلي في كلا الحزبين، والتدرج فيهما حتّى بلوغ مستوى مندوبين في التصويت والمؤتمرات الحزبية.

تأسيساً على ذلك، يمكن القول إنّ هؤلاء المندوبين يتحوّلون إلى أداة استنزاف للمرشحين، وابتزاز تصريحات وتعهّدات موالية لإسرائيل، كشرط أوّلي لأي حديث عن الصوت اليهودي ووجهته، بحيث يغدو موضوع الصوت اليهودي الأميركي، في مختلف المعارك الانتخابية، أحد المعايير الأساسية لمحاولات معرفة اتجاه الريح في الانتخابات.

وخلال السنوات الأخيرة، بات الصّوت اليهودي الأميركي يميل، غالباً، نحو قيم الحزب الديمقراطي، خاصّة في قطاع الجيل الشاب، وهو ما يفسّر انضمام هؤلاء إلى المنافسة الداخلية بين المرشّحين الديمقراطيين، هيلاري كلينتون، وبيرني ساندرز، وتأييدهم لصالح الأخير، الأمر الذي أثار في السنوات الأخيرة قلقاً إسرائيلياً عامّاً (في صفوف اليسار واليمين) ممّا تعتبره إسرائيل "تغلب النزعات والقيم الديمقراطية والإنسانية لدى هؤلاء على النزعة اليهودية الصهيونية."

في المقابل، يتمّ عادة تجاهل وجه آخر للتداخل الأميركي الإسرائيلي؛ وهو المتعلق بـ "الإسرائيليين الأميركيين"، وهم الذين احتفظوا بجنسيّتهم الأميركية بعد هجرتهم إلى إسرائيل، وعدد أصحاب حق الاقتراع في الانتخابات الأميركية منهم يصل إلى نحو 300 ألف إسرائيلي، معظمهم يحمل نزعات يمينية عادةً، تنعكس بهجرتهم إلى إسرائيل، فضلاً عن ميل آلاف منهم للعيش في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، حيث تفضح لغتهم العبريّة الثقيلة أصولهم الأميركية.

وفي هذا السياق، كشف موقع "والا" الإسرائيلي أنّه، إلى جانب تفاخر مرشّحي كلا الحزبين بوجود مستشارين لهم من أصول يهودية، وحتى إسرائيلية، لإدارة الحملات الانتخابية بين اليهود الأميركيين؛ فإن المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، قرّر مؤخّراً استئجار خبراء في الإعلام من إسرائيل نفسها، ومهمّتهم الأساسية هي تشجيع الأميركيين الإسرائيليين على المشاركة في الانتخابات الأميركية، وذلك في إثر المنافسة الشديدة مع هيلاري كلينتون، وارتفاع حجم التأييد لها في استطلاعات الرأي الأميركية.

ووفقاً للموقع؛ فقد استأجر مديرو حملة انتخابات ترامب، أمس الثلاثاء، خدمات الإعلامي الإسرائيلي، الذي كان في السابق مراسلاً برلمانيّاً ليديعوت أحرونوت، تسفيكا بروط، لتنظيم حملة دعاية في صفوف هؤلاء تحثهم على المشاركة في عملية الاقتراع من داخل مقرّ السفارة الأميركية في تل أبيب.

ويضيف الموقع أن تصويت هؤلاء، الذين يبلغ تعدادهم نحو 300 ألف مصوت، من شأنه أن يرجّح الكفّة لصالح ترامب في الولايات التي لا يوجد فيها حسم واضح، مثل ولايتي فلوريدا وأوهايو، حيث كان جلّ هؤلاء يعيشون قبل هجرتهم لإسرائيل، وهذا الأمر، في حال تمّ بالفعل، قد يكون ذا أثرٍ حاسم في الانتخابات الرئاسية ككلّ، لا سيما أن النظام الانتخابي في الولايات المتّحدة قائمٌ على الحسم بناءً على نظام الولايات، وليس على إجمالي أصوات المنتخبين؛ إذ يصوّت المندوبون المنتخبون من كلّ ولاية لصالح مرشّح حزبهم.

وبالرغم من أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، كان قد أبدى موقفاً علنياً مؤيداً للمرشح الجمهوري السابق، ميت رومني، في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2012؛ إلّا أنّ الحرج الذي تسبّب به هذا الموقف لرئيس الوزراء الإسرائيلي أمام أوباما دفعه، هذه المرّة، إلى عدم إعلان موقف رسمي، والاكتفاء بالقول إن له علاقات جيدة مع الحزبين.

مع ذلك، فإن اختيار تسفيكا بروط يكشف حقيقة الموقف غير المعلن لنتنياهو؛ فبروط كان، ولا يزال، أحد المقربين من نتنياهو، وقد رُشّح في السابق لمنصب الناطق بلسانه، وعليه؛ لا يمكن استبعاد فكرة أنّ ترشيحه لهذه المهمة نابع أصلاً من حقيقة العلاقة التي تجمعه بنتنياهو.

في المقابل، يتّضح من النشر في المواقع الإسرائيلية أنّ رغبة ترامب في استمالة الجمهور اليميني ذي الأصول الأميركية في إسرائيل، دفعت مستشاريه، أيضاً، إلى استئجار المستشارة الإعلامية السابقة لزعيم البيت اليهودي، نفتالي بينت، وهي دانا مزراحي، من أجل إدارة هذه الحملة، كما تم استئجار خدمات الناطق بلسان عضو الكنيست الحريدي (المتديّن)، موشيه غافني، واسمه ييرح توكر، ليتولّى مسؤولية حملة ترامب الإعلامية في صفوف الجمهور الحريدي الأميركي في إسرائيل، خاصّة وأنًه يعمل أيضا مستشاراً للحاخام الرئيسي الاشكنازي في إسرائيل، دافيد لاو.

ومع تشكيلة من هؤلاء الإعلاميين والمستشارين الإعلامين المعروفين، ليس فقط بميولهم اليمينية، ولكن بقربهم من رموز اليمين الإسرائيلي، يكون ترامب قد ضمن تأييد قسم كبير من الأميركيين الإسرائيليين، ليعطي معنى جديداً لقوّة الصوت اليهودي عموماً، ولتأثير أصوات الحريديم المتطرّفين على وجه الخصوص.

ولعلّ ما يفسّر ذلك هو ما جاء في نصّ رسالة حملة دعم ترامب في صفوف الحريديم داخل إسرائيل (وغالبيتهم هاجروا من بروكلين في نيويورك)، والتي تقول: إن "ميل المصوتين الأميركيين في إسرائيل هو لدعم ترامب، بسبب كونه نصير إسرائيل، وبفعل طاقمه المؤيد لها، ويكفي أن يصل عشرات آلاف المصوتين من سكان إسرائيل لحسم نتائج الانتخابات في هذه الولاية أو تلك، في حال كانت النتائج قريبة للغاية وفقا لما تتنبأ به الاستطلاعات، لذلك هناك أهمية كبيرة خاصة لأصوات الإسرائيليين الأميركيين الذين ينتمون إلى هذه الولايات التي ليس فيها حسم واضح لنتائج الانتخابات".

ويعتزم طاقم ترامب الانتخابي في إسرائيل رصد مبالغ كبيرة للدعاية في شبكات التواصل الاجتماعية الإسرائيلية، وفي تتبع وتعقّب آثار ومواقع سكن الإسرائيليين من أصول أميركية، ومحاولة فهم وتحليل التوجّهات الانتخابية لأبناء الجيل الثّاني منهم، والذين لا يهتمّون، خلافا لأهاليهم، بالانتخابات التي تجري وراء البحار.

وما يسعى إليه الطاقم الانتخابي للملياردير الأميركي هو الوصول إلى هؤلاء، وإقناعهم بالمشاركة في عملية الاقتراع والتصويت لترامب، من خلال تسويقه على أنّه أكثر مرشّح مناصرٍ لإسرائيل في تاريخ الانتخابات الأميركية.


المساهمون