الجزائر: صعوبات تؤخّر تشكيل هيئة الحوار الوطني

الجزائر: صعوبات تؤخّر تشكيل هيئة الحوار الوطني

الجزائر
60244E7B-773C-460F-B426-426EBC60D89E
عثمان لحياني
صحافي جزائري. مراسل العربي الجديد في الجزائر.
17 يوليو 2019
+ الخط -
أخفقت الاتصالات والمشاورات السياسية التي تقوم بها السلطة في الجزائر في إقناع عدد من الشخصيات السياسية المخضرمة من جيل الستينيات بالمشاركة في الفريق الذي سيتكفل بإدارة الحوار الوطني، الذي يهدف إلى وضع تفاهمات حول إنشاء الهيئة المستقلة للانتخابات وآليات ضمان نزاهة الانتخابات الرئاسية المقبلة وتحديد تاريخها، ما دفع برئاسة الدولة للتوجّه إلى شخصيات من الجيل السياسي الثاني لإدارة الحوار، يُنتظر أن يتم الكشف عنهم رسمياً نهاية الأسبوع الحالي. وتعطّل تشكيل هيئة الحوار الوطني بعد أسبوعين من إعلان رئيس الدولة عبد القادر بن صالح عن قراره تكليف هيئة تضم شخصيات وطنية مستقلة، بمهمة إدارة الحوار السياسي مع قادة الأحزاب والمكوّنات المدنية والشعبية والشخصيات المستقلة. ولم تُفض المشاورات، التي قادها فريق من المستشارين العاملين مع بن صالح، إلى التوصل إلى إقناع عدد من الشخصيات المستقلة ذات المصداقية بالمشاركة في إدارة الحوار. وقالت مصادر مسؤولة، لـ"العربي الجديد"، إن اتصالات جرت بين رئاسة الدولة وعدد من الشخصيات السياسية المعروفة، التي اعتذرت عن القبول بمهمة إدارة الحوار، بسبب عدم توفر الظروف المناسبة لنجاحه. وأوضحت المصادر أن اتصالات جرت مع وزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي لقيادة هيئة الحوار، لكن الأخير اعتذر بسبب وضعه الصحي الذي لا يسمح له بالقيام بدور حيوي في هذه المرحلة. كذلك اعتذر القائد الثوري يوسف الخطيب للرئاسة عن المشاركة في فريق الحوار، لسببين: يتعلق الأول بعدم رغبته في تكرار استغلال السلطة لماضيه الثوري، بعد ترؤسه فريق الحوار الوطني في عام 1994، ولوجود رفيقه القيادي الثوري لخضر بورقعة في السجن، على خلفية تصريحات حادة مناوئة للجيش أدلى بها قبل أسبوعين.

وكان بن صالح قد اقترح، في الثالث من يوليو/ تموز الحالي، آلية حوار غير مباشر، تُعهد قيادته وتسييره إلى شخصيات وطنية مستقلّة ذات مصداقية من دون انتماء حزبي، وتحظى بشرعية تاريخية وسياسية وأكاديمية، وليس لها أي طموح انتخابي، مشيراً إلى أن هيئة الحوار ستكون لها سلطة معنوية وكامل الحرية في استدعاء المكوّنات السياسية والمدنية والشعبية إلى الحوار، وفي مناقشة كامل القضايا المرتبطة بآليات تنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة وتحديد تاريخها بالتوافق مع المكونات السياسية والمدنية. وفي وقت سابق، ذهبت تسريبات أولية إلى طرح أسماء عدد من الشخصيات تعتزم السلطة تكليفها بمهمة إدارة الحوار، بينها وزير الخارجية الأسبق محمد الصالح دمبري، والقيادي الثوري يوسف الخطيب، ووزير الاتصال الأسبق وعضو تكتل المعارضة عبد العزيز رحابي، ورئيس الحكومة الأسبق سيد أحمد غزالي، ورئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش، ورئيس البرلمان الأسبق كريم يونس، الذي كان قد نشر في الخامس من يوليو/ تموز الحالي تكذيباً عن موافقته المشاركة في الهيئة.
وقال الناشط البارز في الحراك الشعبي عبد الوكيل بلام، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن تعطل الإعلان عن تشكيل هيئة الحوار الوطني، يعود إلى عدة اعتبارات، أبرزها عدم توفر شخصيات مستقلة تحظى بالتوافق والإجماع الكامل من قبل الجزائريين، وسوابق الاحتيال السياسي للسلطة على المجتمع السياسي وتوظيفها لشخصيات ذات ماضٍ تاريخي وسياسي نظيف في مسارات غير جدية، كما حدث ليوسف الخطيب في عام 1994، وتخوّف مجموع الشخصيات المستقلة من المغامرة برصيدها في مسعى غامض. وأشار إلى أن "هذه الأسباب وغيرها تفسر بوضوح المشاكل التي تعاني منها السلطة وأزمة الثقة العميقة التي خلفتها السلوكيات والممارسات السابقة للسلطة لدى مجمل المكوّنات السياسية والمدنية".

وعلى الرغم من المصاعب التي تواجهها رئاسة الدولة في تشكيل فريق الحوار، فإن عامل الوقت بات أكبر ضاغط على السلطة للإسراع في حل هذا الإشكال السياسي، في مقابل رغبتها أيضاً في عدم التسرع في طرح قائمة أسماء الفريق، قد لا تتناسب مع طبيعة المرحلة واشتراطاتها، وخصوصاً أن تسريباً لأسماء أعضاء في فريق الحوار، مثل رئيس الحكومة الأسبق سيد أحمد غزالي الذي تحوّل إلى المعارضة في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، واجهه رفض حاد، لكون غزالي كان طرفاً في الأزمة السياسية والأمنية في التسعينيات.

وقال القيادي في حزب "جيل جديد"، العضو في كتلة المعارضة (قوى التغيير)، إسماعيل سعداني، لـ"العربي الجديد"، إن "مجموع القوى السياسية التي أبدت موافقة على آلية الحوار المستقلة تنتظر كشف السلطة عن أسماء الشخصيات التي تقود الحوار للحكم على هذا المسعى، لاتخاذ قرار بشأن المشاركة فيه أو رفض ذلك". وأضاف أن "الحوار والوساطة السياسية تتطلب مصداقية لدى الشخصيات التي تديره، في علاقة بمواقفها السابقة من الديمقراطية والنظام السابق"، موضحاً أن السلطة لن تتأخر في الكشف عن الأسماء لكون عامل الوقت ليس في صالحها، وقد يقود تأخير ذلك إلى كشف عمق أزمتها. وفي السياق، رجّحت مصادر متطابقة ومطلعة تتابع مسار الاتصالات، لـ"العربي الجديد"، أن يكشف رئيس الدولة نهاية الأسبوع الحالي، أو بداية الأسبوع المقبل على أكثر تقدير، عن فريق هيئة الحوار الوطني، على أن تُباشر الهيئة بعد تنصيبها الرسمي مشاوراتها السياسية مع مجموع المكونات السياسية والمدنية.

ذات صلة

الصورة

سياسة

أكدت فرنسا، يوم الجمعة، وفاة فرنسي و"احتجاز آخر في الجزائر، في حادث يشمل عدداً من مواطنينا"، بعدما أفادت تقارير صحافية مغربية، أمس الخميس، عن مقتل سائحين يحملان الجنسيتين المغربية والفرنسية بنيران خفر السواحل الجزائري.
الصورة
كيف غيّر القائمون على فيلم "باربي" قواعد التسويق بتكلفة 150 مليون؟

منوعات

قرّرت وزارة الثقافة الجزائرية سحب ترخيص عرض فيلم "باربي" من صالات السينما في البلاد، بحسب ما ذكرته صحيفة الشروق الجزائرية. 
الصورة
عشرات الحرائق المستعرة في شرق الجزائر (فضيل عبد الرحيم/ الأناضول)

مجتمع

تتحدث السلطات الجزائرية عن طابع جنائي لعشرات الحرائق المستعرة، في حين يتواصل النقاش حول غياب خطط استباقية للوقاية، وقدرات السيطرة المبكرة على الحرائق، خاصة أنها تتكرر منذ عام 2018.
الصورة
استشهد عسكريون خلال مهمات إخماد حرائق الجزائر (العربي الجديد)

مجتمع

أعلنت وزارة الداخلية الجزائرية أنّ 34 شخصاً لقيوا مصرعهم في حرائق ضخمة نشبت في غابات بمناطق متفرقة شرقي الجزائر، من بينهم 10 عسكريين، فيما أُجليت مئات العائلات من مجمعات سكنية وصلت إليها النيران.