العراق: تصفير ملفات قضائية لشخصيات أقصاها المالكي بقضايا مفتعلة



العراق: عودة شخصيات أقصاها المالكي بقضايا مفتعلة

12 اغسطس 2019
المالكي ألصق بمعارضيه تهم "الإرهاب"(Getty)
+ الخط -

يبدو أن إجراءات تصفير ملفات عدد من السياسيين العراقيين، الذين تم إقصاؤهم في السنوات السابقة إبان حكومة نوري المالكي بأحكام اعتبرت "مسيسة"، تتم بشكل متسارع.

وأكدت تسريبات خاصة، حصل عليها "العربي الجديد"، أنّ إجراءات تصفير ملفات عدد من السياسيين أبرزهم رافع العيساوي، وأحمد العلواني المعتقل منذ سنوات بحكم قضائي، فضلاً عن شخصيات أخرى موجودة في تركيا، تتم بشكل متسارع.

ويأتي ذلك، بحسب التسريبات، بعد اتفاق سياسي على أهمية إعادة من جرى اقصاؤه بملفات قضائية تم افتعالها من قبل رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الذي سخر القضاء لمصالحه لا سيما ما يتعلق باستهداف خصومه السياسيين.

الشخصيات التي يجري التركيز عليها، منذ أيام من شأنها أن تعيد شيئاً من تماسك كتل سياسية عدّة فاعلة في الساحة العراقية، كـ"الوطنية" و"تحالف القوى العراقية".


ووفقاً لمسؤول بارز في بغداد، تحدث لـ"العربي الجديد"، فإنّ "عملية تصفير ملفاتهم وتمهيد إعادتهم ستكون من خلال الطعن بالأحكام التي اكتسبوها خلال فترة حكم المالكي، ومحاكمتهم مجدداً"، مشيراً في هذا الصدد إلى أن "القيادي البارز في تحالف القوى ووزير المالية الأسبق رافع العيساوي بدأ بهذه الخطوات".

وأكّد أنّ الأمر ذاته يتم بحراك مع النائب السابق عن محافظة الأنبار أحمد العلواني، المعتقل حالياً، بعد إدانة محكمة له بقضايا إرهاب، إضافة إلى سياسيين آخرين، لم يكشف عنهم، غير أنه قال "إنهم متواجدون خارج العراق وعليهم مذكرات قبض بسبب معارضتهم حكومة المالكي".

وأوضح أنّ "المساعي السابقة كانت تصطدم بمعارضة من كتل أبرزها دولة القانون بزعامة المالكي، غير أن تصفية مشاكلهم ستكون عبر القضاء هذه المرة، على اعتبار أنهم لم يحظوا بظروف محاكمة عادلة في السابق".

وكان القيادي في تحالف "المحور"، كامل الدليمي، قد أعلن، الشهر الماضي، أنّ هيئة النزاهة برأت وزير المالية الأسبق رافع العيساوي من التهم التي نسبت إليه لعدم كفاية الأدلة.

وبيّن الدليمي أنّ مثول الوزير السابق أمام القضاء سيلغي جميع القرارات السابقة التي صدرت بحقه وسيخرج بعدها بكفالة، مشيراً إلى وجود إجراءات تخص موعد مثوله أمام القضاء، لكنها لم تحدد بيوم معين.

وفي السياق، قال عضو البرلمان عن تحالف القوى العراقية، يحيى المحمدي، لـ "العربي الجديد"، إنّ قضية عودة العيساوي أو أي شخصية أخرى تعود بالدرجة الأساس إلى القضاء القادر وحده على تبرئتهم.

وتابع "سياسياً الموضوع منوط بالكتل السياسية لتبدأ مرحلة جديدة يتم من خلالها استيعاب المخالفين في التوجهات أو في الطروحات إذا أردنا التأسيس لبناء سليم بعيداً عن الخلافات الحزبية والمكوناتية".

وذكر أن "رافع العيساوي كان وزيراً قبل أن يقدم استقالته بسبب التظاهرات التي اندلعت نهاية عام 2013، وقبل أن تصدر بحقه مذكرات قبض، ثم اعتقال عدد من أفراد حمايته"، متوقعاً حدوث تغيير بالخارطة السياسية في حال عودة المعارضين الذين يمتلكون محبين ومؤيدين.

وأضاف أنّ "من يكون له مؤيدون سيكون له تأثير في حال عودته سواء كان العيساوي أم غيره"، مبيناً أنّ "الساحة الانتخابية والسياسية غير مستقرة."

وفي ما يتعلق بالوضع القانوني والسياسي لعودة المعارضين، قال نائب رئيس اللجنة القانونية البرلمانية، محمد الغزي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجميع سيحتكم للقضاء في حال برأهم من التهم الموجهة إليهم".

ولفت إلى أن "قوائم وأحزاب المطلوبين لا تزال تشارك في الحكومة الحالية"، مذكراً أنّ "السنوات السابقة شهدت صدور أوامر قبض بحق بعض السياسيين الذين اتهموا بالإرهاب، ثم هربوا إلى خارج البلاد على ذلك"، لكنه استبعد في الوقت نفسه أن يكون لعودة المعارضين "تأثير كبير على العمل السياسي في المناطق الغربية".

ولا يقتصر الحديث عن المعارضين على العيساوي، إذ يوجد من يعتقد أن القيادي في "الحزب الإسلامي العراقي"، نائب رئيس الجمهورية الأسبق المحكوم بالإعدام طارق الهاشمي الموجود خارج العراق دفع ثمن خصومات سياسية مع المالكي.

وبهذا الشأن قال عضو البرلمان، والقيادي السابق في "الحزب الإسلامي"، محمد إقبال (وزير التربية السابق) إنّ "التأثيرات السياسية على القضاء كانت واضحة في السنوات السابقة"، مشيراً إلى وجود مراجعات للقرارات السابقة التي صدرت من القضاء.

وأعطى إقبال، خلال مقابلة متلفزة، مثلاً وهو "طارق الهاشمي"، واصفاً إياه بـ"زعيم من الزعامات السنية الواضحة والكبيرة"، مشيراً إلى وجود من يعتقد أن جميع الزعامات "السنية" استهدفت في تلك المرحلة (في إشارة إلى حقبة المالكي).


وتابع: "المثير للاستغراب أن قضية رافع العيساوي أثيرت في اليوم ذاته بعد مرور عام على قضية الهاشمي"، مشيراً إلى "وجود علامات استفهام من المؤمل أن يجيب عليها القضاء".

وعام 2012 اضطر طارق الهاشمي الذي كان نائباً لرئيس الجمهورية إلى مغادرة بغداد إلى إقليم كردستان ثم إلى خارج البلاد بسبب خلافات مع المالكي تلاها اتهامه بـ"الإرهاب" والحكم عليه بالإعدام غيابياً.

وبعد ذلك بعام غادر رافع العيساوي الذي كان وزيراً للمالية بعد مروره بظروف مشابهة واتهام عناصر حمايته بـ"الإرهاب"، يضاف إلى ذلك هروب معارضين آخرين خوفاً من تعرضهم إلى ما يصفونه بـ "بطش" حكومة المالكي.