السلطات المصرية تغري قبائل سيناء بورقة إلغاء الأحكام الغيابية

السلطات المصرية تغري قبائل سيناء بورقة إلغاء الأحكام الغيابية

16 ديسمبر 2017
تحقيق المطالب يمثّل انتهاءً فعلياً لوجود الإرهاب (الأناضول)
+ الخط -
تحاول السلطات المصرية بكل الوسائل ضم القبائل البدوية في سيناء إلى الحرب مع تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش"، مستغلة مجزرة الروضة التي راح ضحيتها مئات المصريين نهاية الشهر الماضي. ويتجه النظام اليوم إلى استخدام ورقة الأحكام الغيابية التي صدرت بحق العشرات من أبناء سيناء على مدار السنوات الماضية. ووفقاً لمصادر قبلية مطلعة تحدثت إلى "العربي الجديد"، فإن النظام المصري بدأ بالتواصل مع بعض الشخصيات القبلية لجس نبض القبائل في حال الاتجاه لعقد صفقة تتضمّن فتح صفحة جديدة معها مبنيّة على إلغاء الأحكام الغيابية التي صدرت في المحاكم المدنية والعسكرية بحق أبناء القبائل، نظراً لما يمثله هذا الملف من حساسية لدى مئات المواطنين في سيناء.

وأوضحت المصادر ذاتها أنّ "النظام على ما يبدو قد وصل إلى قناعة مفادها أن استخدام القوة في حربه بسيناء لا يكفي، فهو بحاجة إلى الحاضنة الشعبية التي توصله إلى إنجازات حقيقية في مواجهة التنظيم"، مشيرةً إلى أنّ "توفير الحاضنة الشعبية لحربه في سيناء بحاجة لتغيير نمط التعامل مع المدنيين، وكسب القبائل التي لها وزن بشري ومادي في سيناء، وبإمكانها كشف ظهر التنظيم في حال أرادت الاصطفاف فعلياً إلى جانب الدولة، وهذا لم يحصل من قبل".

في المقابل، فإن للقبائل مطالب كبيرة قد لا يقوى النظام المصري وأجهزته الأمنية على تنفيذها، ويرى فيها تنازلات لا يمكن تحقيقها لصالح القبائل، أهمها الأحكام الغيابية، والإفراج عن العشرات من أبناء سيناء، وإعادة آلاف المهجرين من مدينتي رفح والشيخ زويد، وإعادة ممتلكات كالمباني والسيارات والأموال إلى أصحابها بعد مصادرتها خلال الحرب التي يشنها الجيش المصري في مناطق سيناء.

يضاف إلى ما سبق، البدء في تنمية شاملة وحقيقية في سيناء، وتوفير فرص عمل لمئات الشبان العاطلين من العمل، والذين يلاحقون في حال فكروا بالخروج من محافظتهم، وكذلك إعطاء أبناء سيناء الأحقية بتملّك الأراضي، إضافةً إلى وقف الانتهاكات اليومية بحق المدنيين، وإزالة عشرات الكمائن والحواجز التي قطّعت أوصال المدن، وإعادة شبكات الكهرباء والمياه لمناطق واسعة انقطعت عنها بسبب العمليات العسكرية.

ولطالما طرحت قبائل سيناء مبادرات للحل مع النظام المصري خلال السنوات الماضية، إلاّ أنها جميعها ذهبت أدراج الرياح بسبب تجاهلها من قبل الاستخبارات المصرية، وهو ما انعكس سلباً على مجريات الأحداث الأمنية في سيناء، وأدى لتزايدها مع مرور الوقت. وهذا ما أكّد عليه رئيس اتحاد قبائل سيناء إبراهيم المنيعي في حوار سابق مع "العربي الجديد" والذي أوضح أن لدى القبائل أفكارا تصلح لأن تكون مبادرات حقيقية يبنى عليها حلّ شامل للأزمة في سيناء، بما يضمن إعادة الهدوء والاستقرار للمحافظة، فيما تتركز فحوى المبادرات على حفظ الأمن القومي المصري وإعادة الكرامة لآلاف المصريين من سكان سيناء.

وفي التعليق على ذلك، قال باحث في شؤون سيناء لـ"العربي الجديد"، إن "تحقيق المطالب سابقة الذكر يمثّل انتهاءً فعلياً لوجود الإرهاب في سيناء، نظراً إلى أنّ أفعال الأمن المصري في سيناء ساهمت في نموّ التنظيم، وأوجدت ما يسمى بأبناء الثأر الذين أفقدتهم قوات الأمن المصرية أهاليهم ومنازلهم ومصادر رزقهم، مما دفعهم إلى الجوء للعمل في صفوف التنظيم للانتقام من الجيش والشرطة على حد سواء"، وهذا ما ظهر في تنامي أعداد التنظيم مع مرور الوقت في سيناء منذ الانقلاب العسكري على الرئيس المعزول محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013.

وأشار الباحث الذي طلب عدم ذكر اسمه، إلى أنّ "مشكلة الجيش في سيناء لا تتعلّق بالقوة المادية، فهي متوفرة على حدّ كبير لما نشرته قوات الجيش من كتائب وقوات في غالبية مناطق شمال سيناء، بل بالفقر إلى المعلومات الميدانية الدقيقة، والتي لا يمتلكها أحد سوى المعايشين لوجود التنظيم من أبناء القبائل، وهم لا يرسلونها إلى الأمن مطلقاً، فيما القلّة التي تتجه إلى فعل ذلك تجد عقاباً شديداً من التنظيم يتمثّل بالقتل".

وأوضح الباحث أن "الاتجاه العام لدى القبائل في المرحلة الحالية يتمثّل بعدم الانحياز لأي من طرفي الصراع في سيناء، الأمن أو تنظيم ولاية سيناء، طالما لم يحدث أي اختراق في مطالب القبائل، وهو الأمر الذي من شأنه أن يغري الأخيرة لإنهاء حالة الضرر التي أصابتها من الطرفين على حد سواء، من خلال كسب المطالب من ناحية الدولة، والتخلّص من أذى التنظيم عبر تحقيق ضربات قاضية له بأدوات الدولة وبدعم منها كقبائل".