مساعٍ أوروبية لإنقاذ التجربة الديمقراطية في تونس

مساعٍ أوروبية لإنقاذ التجربة الديمقراطية في تونس

22 سبتمبر 2016
العمل على حشد الدعم من المنظمات المانحة (فرانس برس)
+ الخط -


يبدو أن الاتحاد الأوروبي قد انطلق في مراجعة مواقفه من الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في تونس، خصوصاً أن بوادر أزمة اقتصادية بدأت تلوح، وقد تعصف بالتجربة الديمقراطية وتطيح بها. وبناء على ذلك، شرع البرلمان الأوروبي في دراسة الوضع على جميع الأصعدة في تونس لإقرار حجم الدعم الذي تحتاجه البلاد لتحافظ على تجربتها التي ستؤثر في حال انحدارها على دول الاتحاد الأوروبي أيضاً.

ولهذا الغرض، تواصل اللجنة المشتركة بين البرلمانين الأوروبي والتونسي، عملها، لتحديد المساعدة الاقتصادية التي تحتاجها تونس في المرحلة الأولى. والعمل على تطوير شراكة سياسية وثقافية واجتماعية تامة بين الاتحاد الأروبي وتونس، خصوصاً توحيد الجهود في مقاومة الإرهاب وتأمين بوابة الضفة الجنوبية للمتوسط.

وعقدت اللجنة اجتماعين حتى الآن، شارك فيهما نواب مكلفون بالشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية من تونس ومن البرلمان الأوروبي. وأكد الطرفان أن هذا التعاون سيعمل في مرحلة أولى على إعداد مخطط إنعاش الاقتصاد التونسي على مستويات عدة.

في هذا السياق، قال رئيس اللجنة من الجانب التونسي الفاضل بن عمران، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "اللجنة تداولت في جدول أعمال بستة محاور تعرضت لعلاقة تونس بالاتحاد الأوروبي وسياسة الجوار الأوروبي، والوضع الإقليمي في الضفة الجنوبية للمتوسط، خصوصاً ما تشهده ليبيا من اضطرابات أمنية وتأثيراتها على تونس".

وشدد على أن اللجنة وجدت أرضية عمل كبيرة ومحاور عديدة خاضت فيها وستواصل النقاش حولها، فالمسألة لا تتوقف عند البعد الاقتصادي والشروع في إعداد مخطط إنعاش الاقتصاد ''مخطط مارشال"، وتحويل الديون التونسية إلى استثمارات فقط، وإنما تتجاوز ذلك إلى التنسيق في مسائل عدة تهم ضفتي المتوسط وتربط تونس بالاتحاد الأوروبي.

وأوضح أن البرلمان الأوروبي أدرك في الفترة الأخيرة أن تونس يجب أن تحتل مكانة مهمة في أولويات السياسة الخارجية الأوروبية، برلمانياً أو على مستوى دعوة حكومات الدول الأعضاء لتوجيه دعمها لتونس. وأشار إلى أن نجاح تجربة البلاد الديمقراطية وتنميتها وأمنها مرتبط أيضاً بأمن الاتحاد الأوروبي، وأنه من الواجب خلق حلول للأزمات الاجتماعية العاجلة حتى لا يتعكر الوضع في البلاد ويؤثر على أوروبا بدورها.

وإن كانت بعض الدول المنتمية إلى الاتحاد الأوروبي قد اختارت مسبقاً، وفق قراءتها الخاصة لاحتياجات تونس، القطاعات التي ستوجه إليها استثمارات واعتمادات للتنمية، فإن اللجنة اعتبرت أن تحديد مجال الاستثمار سيتم بعد الاطلاع أكثر على الوضع في تونس أمنياً، وسياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً لتحديد الاحتياجات والنقاش مع الدول الأعضاء.



من جانبه، اعتبر مقرر اللجنة الأوروبية المكلفة بصياغة تفاصيل مخطط مارشال لفائدة تونس، فابيو كاستلي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن اللجنة بحثت أكثر من ملف منذ انطلاق اجتماعاتها مع البرلمانيين التونسيين، وفي مقدمتها الأمن والتنمية. واعتبر أن هذين الملفين مفاتيح التنسيق الاقتصادي والسياسي، خصوصاً في ما يتعلق بسياسة الجوار الأوروبية. وأضاف أن ما يطمح إليه البرلمانيون الأوروبيون هو شراكة سياسية حقيقية مع تونس.

ولفت إلى أن اللجنة الأوروبية كلفت من قبل البرلمان الأوروبي بدرس المقترح المتعلق بتحويل ديون تونس إلى استثمارات وهي ديون لدول أوروبية، إذ لا يمكن إجبار هذه الدول على اختيار مجالات معينة للاستثمار فيها، لكنها ستسعى للتنسيق بين المانحين الأوروبيين لتوجيه الدعم إلى قطاعات وفق الحاجات التونسية، تماماً كما سبق أن تم تطبيق ذلك في حالات مماثلة على غرار أوكرانيا.

وشدد المتحدث ذاته على أن هناك وعياً تاماً من اللجنة الأوروبية بأهمية التجربة التونسية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط كنموذج للديمقراطية والتطور الذي عرفته تونس، ولذلك وجب دعم هذه التجربة ما أمكن، وحشد الدعم من المنظمات المانحة وتلك التي توجه دعماً للمجتمع المدني.