مماطلة الحكومة في إرسال القوانين للبرلمان المصري: مناورة لتمريرها؟

مماطلة الحكومة في إرسال القوانين للبرلمان المصري: مناورة لتمريرها؟

01 سبتمبر 2016
بعض القوانين بحاجة إلى تعديلات داخل البرلمان(العربي الجديد)
+ الخط -
عمدت الحكومة المصرية برئاسة شريف إسماعيل إلى المناورة في مشاريع القوانين التي ترسلها إلى مجلس النواب لمناقشتها تمهيداً لإقرارها أو رفضها، من خلال تأخير إرسالها إلى البرلمان. ومع اقتراب نهاية دور الانعقاد اﻷول، باتت القوانين التي يلتزم البرلمان بإصدارها محل شك كبير، نظراً لعدم إرسال الحكومة لها حتى اﻵن، وفي مقدمتها المحليات، والصحافة واﻹعلام، والعدالة الانتقالية، والمفوضية العليا للانتخابات.

ولم يستقبل مجلس النواب لغاية الآن أياً من تلك القوانين المُشار إليها، وسط توقعات بإمكانية البدء فيها مع بداية دور الانعقاد الثاني، المقرر له يوم الخميس اﻷول من شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وفقاً لرئيس اللجنة التشريعية بالبرلمان، المستشار بهاء أبو شقة. وعلى الرغم من مدّ مجلس النواب دور الانعقاد اﻷول، فشل في الضغط على الحكومة ﻹرسال مشاريع القوانين لبدء اللجان النوعية المناقشة قبل عرضها على الجلسة العامة للتصويت عليها.

ويدافع نواب عن البرلمان بدعوى أنه ليس محل اتهام، خصوصاً أن إجازات الجلسات العامة جاءت لانتظار مشاريع قوانين من الحكومة، والتقصير يأتي من مجلس الوزراء. وقالت مصادر برلمانية إن الحكومة تتبع سياسة واضحة مع البرلمان، وهي تجاهل كل المطالبات والمناشدات حول القضايا الهامة ومشاريع القوانين، والسير على هواها، وما يسهل لها ذلك تأييد أغلبية ائتلاف "دعم مصر"، المنبثق عن قائمة "في حب مصر"، المدعومة من اﻷجهزة اﻷمنية.

وأضافت لـ"العربي الجديد" أن الحكومة تتعمّد إرسال مشاريع القوانين متأخرة، فلا يجد البرلمان أمامه سوى وقت قصير لمناقشتها وإقرارها مثلما حدث مع الموازنة العامة للدولة. وأشارت إلى أن الموازنة العامة للدولة أُرسلت متأخرة، وبالتالي استغرقت وقتا في اللجان مع الجهات المختصة بكل بند في الموازنة، وظهر وجود حاجة لتعديلات لكن لم يسعف الوقت مجلس النواب، خصوصاً أنها كانت لا بد أن تقرّ قبل العام المالي الجديد في 1 يوليو/تموز الماضي. 

وتوقعت هذه المصادر أن ترسل الحكومة بعض مشاريع القوانين مع بداية عودة الجلسات، ثم يتم تحويلها إلى اللجان المختصة لمناقشتها، وعرضها على الجلسة العامة ﻹقرارها أو رفضها أو إبداء الملاحظات عليها. وهذا الأمر يمكن أن يتطلب تعديلات لبعض المواد، ويستغرق وقتاً طويلاً، ويبقى أمام البرلمان إما الموافقة ﻹنجاز القوانين الملزمة دستورياً، أو الرفض والوقوع في مخالفة دستورية.





من جانبه، قال النائب خالد عبد العزيز شعبان إن هناك تعمداً من قبل الحكومة لتأخير إرسال القوانين، وهي تعلم أن مجلس النواب لن يتمكن من مناقشة كل المشاريع حتى لو وصلت قبل نهاية دور الانعقاد، وبالتالي سيتم تأجيلها إلى الدور الثاني في أكتوبر/تشرين الأول المقبل. وأشار شعبان لـ"العربي الجديد" إلى أن البرلمان لا علاقة له في تأخر إرسال القوانين ﻷن الحكومة هي المسؤولة، مضيفاً "الحكومة تدرك مواعيد دور الانعقاد ومع ذلك لم تبدأ في وقت مبكر في إعداد هذه المشاريع أم أنها ترغب في هذا التأخير"، منوهاً إلى إجازات الجلسات العامة نظراً لعدم وجود قوانين يمكن مناقشتها.

بدوره، رأى الخبير السياسي محمد عز أنه خلال اﻷشهر الماضية بدا أن البرلمان صاحب السلطة اﻷعلى على الحكومة فاقد السيطرة تماماً، ولا يمكنه إلزامها بالتوصيات والقرارات أو حتى الضغط عليها في عدد من القضايا. وقال عز لـ"العربي الجديد" إن الحكومة ووزراءها لهم اليد العليا في التعامل مع البرلمان، مشيراً إلى عدم حضور جلسات اللجان النوعية إلا في حدود ضيقة بعد تحديد جلسات عدة، وهو ما عبّر عنه عدد من رؤساء اللجان خلال الفترة الماضية.

وأضاف أن مجلس النواب فشل في ضبط أداء الحكومة، وباتت القوانين أو المواضيع المهمة بالنسبة لها تحتل أولوية وأهمية للمجلس، على عكس ما يفترض أن يكون قائماً أن البرلمان يحدد مسارات العمل واﻷولوية. وأشار إلى أن الحكومة ضغطت في سبيل اﻹسراع في إصدار قانون القيمة المضافة، في حين تتجاهل المطالبات بقوانين أكثر أهمية مثل المحليات ومفوضية الانتخابات والعدالة الانتقالية ﻹنهاء حالة الاحتقان في المجتمع.

وأكد على أن الحكومة تضغط على البرلمان في وقت قصير لتمرير قوانين أو قرارات لا تريد الاستفاضة في مناقشتها داخل مجلس النواب مثل الموازنة العامة للدولة، أو ربما هي تريد تأجيل بعض القوانين لأهداف خاصة بها، أو أنها فاشلة في ضبط أدائها لمواكبة مجلس النواب ودور الانعقاد.