الصراع على المعابر السورية-العراقية يستبق عودة المفاوضات

الصراع على المعابر السورية-العراقية يستبق عودة المفاوضات في جنيف

18 يونيو 2017
معبر البوكمال الذي يسيطر عليه اليوم "داعش"(لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -
طغت المواقف الميدانية في سورية، خصوصاً معركة الرقة والتطورات في البادية والجنوب، على مسار الصراع في البلاد في الفترة الأخيرة، في ظل عدم توصل جولات المحادثات السياسية إلى أي اتفاق، فيما عاد المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، أمس السبت، إلى محاولة بث الروح مجدداً بالمحادثات، مع تحديده موعداً جديداً لها. وتأتي هذه التطورات مع ارتسام مشهد جديد على الأرض، أبرز عناصره تقلّص مناطق سيطرة تنظيم "داعش"، فيما تبقى الأنظار متجهة إلى الحدود، خصوصاً بين سورية والعراق، والتي تشهد تسابقاً من القوى الفاعلة للسيطرة عليها.

وفي تطور بارز أمس، قال مكتب دي ميستورا إنه يريد بدء جولة جديدة من المحادثات بين الأطراف السورية في العاشر من يوليو/ تموز المقبل. وقال المكتب في بيان إن دي ميستورا "يتمنّى أن يعلن أنه سيعقد جولة سابعة من المحادثات السورية في جنيف. الموعد المستهدف لوصول المدعوين هو التاسع من يوليو على أن تبدأ الجولة في العاشر منه". وأفاد البيان بأن المبعوث "يعتزم عقد جولات أخرى من المحادثات في أغسطس/ آب وسبتمبر/ أيلول".

هذا التحرك السياسي يأتي وسط سباق بين العديد من القوى الفاعلة في الصراع، للسيطرة على الحدود السورية العراقية، الممتدة على طول يتجاوز 600 كيلومتر، وتتقاسمها إدارياً ثلاث محافظات هي الحسكة ودير الزور وحمص، في حين تتوزع عليها أربع بوابات حدودية رسمية كانت موجودة قبل عام 2011، منها ما كان مغلقاً ومنها ما كان مفتوحاً. وتسيطر اليوم على تلك الحدود أطراف عدة، بدءاً بـ"قوات سورية الديمقراطية" وفصائل مسلحة معارضة مدعومة من قوات التحالف الدولي، وصولاً إلى تنظيم "داعش". كذلك يوجد منفذ صغير لقوات النظام السوري المدعومة من مليشيات إيرانية وعراقية والقوات الروسية، فُتح في وقت سابق من الشهر الحالي.

وشرح مصدر مطلع في الحسكة، لـ"العربي الجديد"، أن الحدود السورية-العراقية في منطقة الحسكة، وخصوصاً البوابات الحدودية، تقع تحت سيطرة "قوات سورية الديمقراطية"، بدءاً من معبر سيمالكا (فيش خابور من الجهة العراقية)، في أقصى الزاوية الشمالية الشرقية من سورية في ريف الحسكة، ومعبر الوليد غير الرسمي الذي استحدثته هذه القوات أخيراً. وتُعتبر البوابتان المنفذين الرسميين لنقل البضائع والأشخاص بين البلدين، وتسيطر على الجانب المقابل قوات البشمركة.

ووفق المصدر، يأتي بعد بوابة سيمالكا، بنحو 40 كيلومتراً على الحدود السورية العراقية، معبر اليعربية (ويقابله الربيعة من الجهة العراقية)، وهو يقع أيضاً في ريف الحسكة، ويبعد عن القامشلي نحو 100 كيلومتر، وعن الحسكة نحو 185 كيلومتراً تقريباً. وسيطرت "قوات سورية الديمقراطية" على هذا المعبر قبل نحو عامين، على حساب "جبهة النصرة". وتقابله من الجهة العراقية قوات كردية، إلا أنه مغلق كلياً، باستثناء بعض الحالات النادرة منها ما يتعلق بحالات صحية، أو اجتماعية، خصوصاً أن سكان الجانبين ينتميان إلى قبائل واحدة. وأوضح المصدر أن البوابة تمتد على مساحة تبلغ نحو 5 كيلومترات مربعة، وضمنها منطقة حرة ومستودعات، ومبنى للجمارك، وللأجهزة الأمنية والشرطة. وذكر المصدر أن "عمليات التهريب تنشط على طول الحدود التي توجد فيها قوات سورية الديمقراطية، إذ تنتشر العديد من المعابر غير الرسمية"، لافتاً إلى أن "تلك المناطق تاريخياً هي مناطق تهريب للبضائع والأشخاص".


وفي سياق توزّع السيطرة على المعابر الحدودية، أوضح الضابط السابق في قوات حرس الحدود السورية، المنشق عن النظام، حسام عسكر، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "في ريف دير الزور يقع معبر البوكمال على الحدود السورية العراقية الشرقية، وتحديداً على الجهة الشمالية من نهر الفرات، ويبعد عن النهر نحو كيلومترين، في بلدة الهري التابعة لريف مدينة البوكمال، ويقابله في الجانب العراقي معبر القائم نسبة لمدينة القائم العراقية، ويسيطر عليهما تنظيم داعش". وأشار إلى أن هذا المعبر يُعتبر صغيراً مقارنة مع المعابر الأخرى، فهو معدّ فقط لسيارات نقل الركاب صغيرة الحجم، ويوجد فيه مبنى للجمارك مؤلف من طابقين، ومكتب شرطة ومكتب لعناصر الامن، وقد كان مغلقاً قبل عام 2011. ولفت إلى أن "تنظيم داعش لم يفتح منفذاً حدودياً محدداً، فهو لا يعترف في الأصل بالحدود، وعليه فقد ألحق البوكمال بمدينة القائم العراقية".




وإلى الجنوب من معبر البوكمال بنحو 250 كيلومتراً، وفق عسكر، يقع معبر التنف التابع إدارياً لمحافظة حمص، ويقابله على الجانب العراقي معبر الوليد، والذي أعلنت القوات العراقية السيطرة عليه أمس السبت، بعد معارك مع تنظيم "داعش". ويسيطر على معبر التنف ومساحة من البادية حالياً "جيش المغاوير" وعدد من فصائل المعارضة المسلحة، المدعومة أميركياً، وهو يبعد نحو 40 كيلومتراً عن نقطة التقاء الحدود السورية العراقية الأردنية.
وذكر عسكر أن هذا المعبر يقع على اوتوستراد دمشق-بغداد، ويُعتبر البوابة الحدودية الكبرى على الحدود السورية العراقية، لجهة البناء والتجهيزات والحركة، إذ توجد فيه مسارات عدة للسيارات الخاصة وحافلات نقل الركاب الكبيرة وشاحنات البضائع، كما توجد فيه ساحات لاحتواء الشاحنات لفترة التفتيش والإجراءات الجمركية، وفيه بناء للجمرك والأمن والشرطة. كما استُحدث قبل عام 2011 مكتب لضباط الارتباط السوري مع ضباط الارتباط العراقي، حيث كانت تتم الاجتماعات بين الطرفين من أجل التنسيق واستلام شكاوى الأخطاء من قبل قوات حرسي الحدود السوري والعراقي.

يُذكر أن قوات النظام ومليشيات إيرانية وعراقية، وصلت قبل أيام إلى الحدود السورية العراقية في منطقة الوعر الواقعة بين منطقة الهري والتنف، وقامت بإزالة الساتر الترابي، وفتح معبر غير رسمي بين البلدين، في حين تسيطر على الجانب المقابل لتلك المنطقة مليشيات "الحشد الشعبي" العراقية. وذكرت وسائل إعلام تابعة للنظام أنه لأول مرة منذ سنوات تعبر شاحنات من سورية إلى العراق، وذلك تحت إشراف النظام.
وكانت فصائل مسلحة معارضة قد سيطرت، بداية شهر مارس/ آذار 2016، على معبر التنف الحدودي، متقدّمة من الأراضي الأردنية، حيث تم تدريبها قبل أن تتوجه إلى التنف التي كان يسيطر على الجانب العراقي منها تنظيم "داعش" حينها، وكان الأخير قد سيطر في مايو/ أيار 2015، على تدمر والتنف، آخر معبر حدودي مع العراق بيد قوات النظام في ذلك الوقت. يشار إلى أن لسورية 19 معبراً حدودياً رسمياً بينها وبين الدول المجاورة لها، وهي لبنان والأردن والعراق وتركيا، معظمها لا يسيطر عليها النظام في الوقت الحالي.

المساهمون