صحيفة دنماركية عن الإمارات: ملاذ ضريبي وملجأ النصّابين والديكتاتوريين

تحقيق لصحيفة دنماركية عن الإمارات: ملاذ ضريبي والنصّابين والديكتاتوريين

03 سبتمبر 2018
الصحيفة وصفت النظام في الإمارات بالديكتاتوري (جوليان فيني/Getty)
+ الخط -
نشرت صحيفة "إنفارمسيون" الدنماركية تقريرا شاملا حول تحوّل الإمارات إلى "ملاذ ضريبي وملجأ للنصابين والديكتاتوريين المستمتعين بما نهبوه من شعوبهم، تحت حراسة رسمية في هذه المشيخة، التي يقودها ديكتاتور لا يترك وسيلة لإسكات منتقديه.. ولو كان هؤلاء من أفراد الأسرة".

وجاء التقرير ضمن مهمة صحافية لأحد مراسلي "راديو 27"، كيم باك، لتعقب نصّاب كلف خزينة الدولة الدنماركية 12.7 مليار كرونة ​قبل أن يهرب ويجد ملاذه في دولة الإمارات العربية المتحدة. 

وكشفت الصحيفة أن رجل الأعمال البريطاني-الهندي، سنجاي شاه، قام بشراء فيلا فاخرة بنحو 50 مليون دولار "محروسة بشكل كبير في الجزيرة الاصطناعية نخلة الجميرة". 

وبعد وصف لمحاولاته الدخول إلى الإنترنت، وتحديدا وسائل التواصل، بالالتفاف على التعقب واستخدام برامج "في بي إن" (VPN)، صالحة لمدة 24 ساعة، للتواصل والبحث عن "النصّاب الذي كلف دافعي الضرائب الدنماركيين كل تلك الأموال"، ذهب الصحافي ليعرض دور الإمارات العربية المتحدة "التي تحولت إلى ملاذ ضريبي، وجنة للنصابين الهاربين تحت مسمى "مهاجرون من أصحاب المليارات". فهذه الدولة الرملية تحتل المرتبة الرابعة عالمياً في جذب تلك الفئة، وتستقطب سنويا نحو 5 آلاف مليونير وثري جديد، وخصوصا في دبي". 

وبعد شرح تفصيلي لكيفية قيام سنجاي شاه، الذي انتقل والداه من كينيا إلى لندن، بعملية النصب والاحتيال التي قام بها في الدنمارك من خلال شركة أسسها لهذا الغرض، "مستغلا سذاجة الاسكندنافيين في الوثوق بشركته، التي تبين أيضا أنها قامت بضربة شبيهة في ألمانيا كلفت مليارات اليوروهات قبل إغلاق الثغرات الألمانية"، عرضت الصحيفة لـ"هجرة شاه إلى دبي" لحماية مسروقاته ونقل أسرته، إذ شاركته زوجته أوشا شاه في أعمال النصب التي قام بها من لندن إليها، وتحت عيون مشايخها". 

وذهب الصحافي لشرح واقعه أثناء البحث عن شاه، "فعلى عكس هؤلاء المهاجرين الأثرياء، وفيما العالم يشهد هجرة من نوع آخر نحو أوروبا، فإن معظم القادمين إلى دبي سيشعرون على الفور كيف هم مراقبون بطريقة مكثفة". 

 وفي حديثه عن الرحلة، التي تمت في شهر يوليو/ تموز الماضي، ولم تنشر تفاصيلها سوى في بداية سبتمبر/ أيلول الحالي، يقول الصحافي الدنماركي "اضطرتني للتعامل مع برامج VPN لتخطي قطع اتصال سكايب وماسنجر وحظر العديد من المواقع المهمة، وبدأت أتلقى اتصالات على رقمي الدنماركي تفيدني بأني مخترق بقرصنة ويجب أن يساعدني المتصل للدخول إلى حاسوبي للتخلص من البرنامج، وحين سألته كيف أسمح لغريب أن يدخل كومبيوتري، قطع الاتصال. ساعدني جنود دنماركيون سابقون في تخطي بعض المراقبة بنصيحة ألا أكون اسكندنافيا ساذجا في هذه الدولة البوليسية، والتي تحاول أن تستقطب رؤوس الأموال من حول العالم".

وتعرج الصحيفة على تقارير المنظمات الحقوقية في مجال "استغلال الأطفال والعمالة الأجنبية، فلا يعني عيشك في الإمارات أنك ثري، لقد قابلت سائقين وعمالا جرى استغلالهم بطريقة بشعة، ومن يصل إلى الثراء فله طرقه الأخرى في هذا البلد المحافظ من ناحية، والذي يعرض نفسه على أنه ليبرالي منفتح في الأخرى". 

وأشارت الصحيفة إلى أن النظام في الإمارات "يتطلب الحذر الشديد بألا تدوس على الإصبع الخطأ، فأنت لا تعرف، كما في فندق أتلانتيس، من هو مع الحكومة ومن ليس كذلك، فهو نظام يقوم باضطهاد وقمع بلا حدود لجزء من السكان الذين لا يشاركونه فحش الثراء والازدهار المادي الساحق". 

ويتناول الصحافي باك، أيضا، قضية حياة الإماراتيين، "فالنظام الديكتاتوري لم يستثن حتى أميرة مثل لطيفة التي اشتهرت قصتها، ومثل تلك الأشياء تحدث في هذه الدولة بصمت كبير، ولم تعرف قصة لطيفة إلا حين تعاملت معها الصحافة العالمية".

الضمير..

يكتشف باك في رحلته إلى الإمارات أنه "يمكن لضميرك أن يكون ملطخا بكل شيء، فلا مشكلة، المهم ألا تثير انتباها يثير شيئا حول العالم عن سمعة البلد، فحتى المستغلون في العمل يصمتون، وقد أثارت منظمة "أمنيستي" أكثر من مرة الواقع المزري للعمالة الأجنبية ووثقت الواقع الرهيب لهؤلاء". 

واستعرض الصحافي الدنماركي في رحلته إلى الإمارات "البنية التحتية في نخلة الجميرة حيث يعيش شاه مع أسرته في فيلا محروسة، بل أيضا قريبا منها تجد تلال الإماراتThe Emirate Hills، وهي مجتمع مسيّج محمي بأسوار وحراسات، وفيه تجد أكبر رجال العصابات من حول العالم، بوجود أمن يحميهم وأعشاب ملاعب غولف مجزوزة بشكل رائع لترفيههم، بعد أن سمح لهم حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم في 2002 بأن يتملكوا ما يريدون في البلد".

ويمضي باك في وصف "مجتمع العصابات والنصب والاحتيال"، فمركز "دراسات الدفاع المتقدمة" C4ADS كشف عبر وثائق مسربة إليه عن هذا النوع من "اللاجئين" في الدولة، و"في الحقيقة، هذا الأمر موجود قبل أن يكشف عنه مركز دراسات عن مجتمع The Klepto Hills المسور لحماية النصابين والعصابات". 

ويوضح الصحافي "سترى أمثال وزير النفط النيجيري الأسبق دان ايتيتي، وهو محكوم بتبييض الأموال، وتطالب إيطاليا بتسليمه بتهمة ارتباطه بقضية فساد كبرى، وهو ما كشفت عنه أيضًا مجلة Finance Uncovered، التي اطلعت على وثائق مسربة. وإلى جانب هذا الوزير المحكوم والهارب، ستجد إماراتيًا مثل خدام القبيسي الهارب من السلطات الأميركية بقضية احتيال بقيمة 473 مليون دولار، يشغلها الآن في هذه الدولة، وإلى جانبه تجد وزير المالية الباكستاني الأسبق محمد إسحاق دار، المتهم في بلده بأنه حصل على أموال هائلة أثناء وظيفته، وهو بالمناسبة يملك فيلا في هذا التجمع".

 

ويضيف: "إلى جانب هؤلاء تجد عائلة رئيس جنوب أفريقيا السابق ياكوب زوما بحماية، ليس فقط الشرطة التي تركب سيارات فيراري ولامبورغيني، بل يمكنك مشاهدة سيارات بوغاتي ترافق سيارة زوجة موغابي غرايس حين تخرج من فيلاتها في ذات التجمع في كليبتو هيلس، وهؤلاء يستمتعون بالمسروقات بتناول أغلى أيس كريم في العالم، والذي يكلف الواحد منه 800 دولار بعد رشه برذاذ الذهب الأصلي".

وبعد جهود مضنية توصل هذا الصحافي للنصاب شاه، الذي لم تستطع حكومة الدنمارك الوصول إليه، ويختم قوله المباشر لحكومة بلده: "لقد وصلت لجحره، وعرفت أين هو ذلك الذي نصب 12.7 مليار كرونه من جيوب دافعي الضرائب، فلو أرادت استعادة الأموال، من خلال الشرطة المالية، فهي يمكن أن تصل إليه لتبليغه حضور محاكمته، ولو على ورقة نخيل، من آخر شارع على يدكم اليسار ستجدون فيلا بيضاء، ليست الأولى، بل الثانية... حظا سعيدا Good luck!".