تمهيداً لترشيح البشير مجدداً... نواب سودانيون يقترحون تعديل الدستور

تمهيداً لترشيح البشير لولاية جديدة... 294 نائباً يقترحون تعديل الدستور السوداني

04 ديسمبر 2018
يمنع الدستور السوداني الحالي البشير من الترشح لولاية جديدة(الأناضول)
+ الخط -
تقدم 294 نائباً في البرلمان السوداني، اليوم الثلاثاء، بمذكرة تطالب بتعديل الدستور، ما يمهد الطريق أمام إعادة ترشيح الرئيس عمر البشير لدورة رئاسية جديدة خلال انتخابات 2020.

ويمنع الدستور الحالي البشير من الترشح لدورة رئاسية جديدة، بعد فوزه في أكثر من دورة عقب تقلده السلطة في البلاد منذ عام 1989.

وقال رئيس كتلة حزب المؤتمر الوطني الحاكم، عبد الرحمن محمد علي، إن 33 حزباً اجتمعت على كلمة واحدة، مفادها تعديل المادة 57 من الدستور القومي بنص يسمح لكل شخص بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية لأكثر من دورة، مشيراً إلى أن 294 نائباً برلمانياً في الهيئة التشريعية القومية وقعوا على المذكرة التي سلمت لرئيس الهيئة التشريعية.

ويضم البرلمان، بشقيه المجلس الوطني ومجلس الولايات، نحو 534 عضواً، فيما يحتاج تعديل الدستور إلى ثلثي الأعضاء لإجازته.



وأضاف علي أن اقتراحهم بإجراء التعديل سببه أن "رئيس الجمهورية هو العاصم لأهل السودان وللحوار الوطني"، مشيراً إلى أن المقترح الثاني للكتل البرلمانية يتعلق بتعديل المادة 178 من الدستور، والتي كانت تنص على تعيين ولاة الولايات من قبل رئيس الجمهورية، وتعديلها بأن يتم انتخابهم مباشرة من الشعب، على أن يُعطى الحق لرئيس الجمهورية بعزلهم إذا ما أخلّ الوالي بقسم الولاء، أو حدثت فوضى أمنية في ولايته.

من جانبه، قال رئيس الهيئة التشريعية القومية، إبراهيم أحمد عمر، عقب استلامه المذكرة، إنه سيتبع الدستور والقانون ولائحة الهيئة التشريعية القومية في التعامل مع المذكرة التي ستجد، حسب قوله، الأذن الصاغية من أعضاء الهيئة التشريعية، بعد تقديمها كـ"مبادرة"، مشيراً إلى أن أعضاء "المبادرة" اتخذوا الطريق الإجرائي الصحيح لتعديل الدستور، مشيراً إلى وجود نواب آخرين في الهيئة؛ ما يلزمه بالتزام الدستور والقانون واللائحة في التعامل مع المذكرة حتى يتم التعديل الذي تراه الهيئة وتقدمه للشعب السوداني.

وكان مجلس شورى حزب المؤتمر الوطني، ثاني أكبر المؤسسات في الحزب، قد قرّر في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي اعتماد ترشيح البشير لدورة رئاسية جديدة.

ووجدت خطوة الحزب الحاكم اعتراضاً كبيراً في أوساط أحزاب شريكة في الحكومة، وقال كمال عمر، القيادي بحزب المؤتمر الشعبي لـ"العربي الجديد"، إن الحزب الحاكم دبر بليل أمر المذكرة التي اعتبرها رصاصة رحمة لتوصيات مؤتمر الحوار الوطني، الذي بموجبه تشكلت الحكومة الحالية، مضيفاً أن التعديلات تغلق الباب كذلك أمام أي تحول ديمقراطي حقيقي في البلاد.

وأوضح عمر أن السماح بالتمديد للبشير يعني تقنيناً دستورياً للديكتاتورية لأن "نص التعديل سيسمح للرئيس بأن يحكم ما شاء له من سنوات"، كما اعترض كمال عمر على التعديل الخاص بمنح رئيس الجمهورية سلطة عزل الوالي المنتخب، موضحاً أن "ذلك النص يجعل الوالي تحت رحمة الرئيس وسيلغي ركائز الحكم الفيدرالي واللامركزية".

وحول مستقبل شراكة حزبه مع الحزب الحاكم، قال عمر إنه "لا يستطيع تحديد موقف المؤتمر الشعبي الآن"، وأن "المؤسسات هى التي تقرر"، لكنه أوضح أنه "على الحزب في حال إجازة تلك التعديلات، التعامل بكل حزم في مستقبل مشاركته في الحكومة والبرلمان".

وأكد على ذلك نائب رئيس حركة "الإصلاح الآن"، حسن رزق، وقال لـ"العربي الجديد"، إن الغرض من تعديل المادة 58 هو "السماح بترشيح البشير فقط، وهذا مضر بالبلد وبالمواطن"، مشيراً إلى أن "العالم كله ذاهب نحو تحديد مدى زمني محدد للرؤساء، لا يزيد عن 10 سنوات حتى لا يكرر الرئيس نفسه وحتى يكون هنالك تجديد وابتكار".

وأضاف أن "خطوة الحزب الحاكم تؤكد فشله في إيجاد بديل للبشير"، متعهداً بمقاومة حزبه للتعديلات من داخل البرلمان، رغم الأغلبية الميكانيكية للمؤتمر الوطني الحاكم "وحينما نشعر أن وجودنا في البرلمان غير مفيد سنقرر بعد ذلك".

أما على صعيد الأحزاب غير المشاركة في الحكومة والرافضة للحوار الوطني، فيقول المتحدث الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي، محمد ضياء الدين، إنهم في الحزب غير معنيين بما يفعله المؤتمر الوطني، وأنهم ماضون مع شركائهم في المعارضة في العمل على إسقاط النظام وإقامة بديل ديمقراطي يعبر عن مصالح الجماهير.

وأكد لـ"العربي الجديد" مقاطعتهم كلياً لانتخابات 2020 التي سيديرها المؤتمر الوطني.

لكن عبد الله مسار، رئيس حزب الأمة الوطني، أحد الأحزاب المؤيدة للتعديلات الدستورية، قال خلال تسليمه المذكرة، إن "السودان به كثير من المشكلات تحتاج لاستمرارية وديمومة وظيفة رئيس الجمهورية، وتحتاج كذلك لخبرات كثيرة لتقود الدولة"، مبيناً أن نص تحديد دورتين يُحجم عن أي سوداني أن يرأس البلاد لأكثر من ذلك.

وأضاف أن رئيس الجمهورية "سيكون له الحق في عزل الولاة، لأن لديه تفويضاً شاملًا من الشعب ليس كتفويض الوالي المحدود برقعة جغرافية محددة. بالتالي يجب أن يخضع لرئيس الجمهورية. وعزلُه في حال اتخاذ تدابير من أجل سلامة البلد"، مؤكداً "أن المقترحات الجديدة تأتي من أجل مصلحة البلاد العليا ومصلحة المواطن".

إلى ذلك، نفى رئيس الهيئة التشريعية القومية، إبراهيم أحمد عمر، في رده على أسئلة "العربي الجديد" أن تكون المقترحات الدستورية مخالفة لتوصيات مؤتمر الحوار الوطني، منوهاً إلى أن "التوصيات نصت على إجازة الدستور الدائم عبر برلمان جديد خلافاً للموجود حالياً، ما يعطي الحق للبرلمان الحالي لإجازة ما يراه من تعديلات"، مبينًا أن "الكتل التي اقترحت التعديلات لم تحصرها فقط في شخص الرئيس البشير، بل أكدت أن ذلك سيستمر في كل الدساتير المقبلة".

وتوقع عمر حدوث خلاف بين الكتل البرلمانية حول التعديلات، معرباً عن أمله في أن لا يهدد أي خلاف محتمل العلاقة التي يبنون فيها، حسب قوله.