أسرى الاحتلال: محاولة خفض "الثمن" وبدء الوساطات

أسرى الاحتلال: محاولة خفض "الثمن" وبدء الوساطات

21 يوليو 2015
قلق إسرائيلي من ردة فعل اليهود الإثيوبيين (Getty)
+ الخط -

تحاول إسرائيل رفع سقف مطالبها بشأن فرص أي صفقة تبادل أسرى مع حركة "حماس". فقد أعلن وزير الحرب الإسرائيلي، موشيه يعالون، أن إسرائيل لن توافق على إطلاق سراح أسرى فلسطينيين مقابل إعادة الإسرائيليَين الاثنين اللذين اعترفت تل أبيب بأنهما "مختطفان" لدى "حماس". وفي الوقت ذاته فإن مصادر عسكرية إسرائيلية تؤكد، أن إسرائيل لا يمكنها أن تقبل الربط بين ملف المعتقلَين الحيين، وبين جثتي جنديين قُتلا في الحرب الأخيرة على قطاع غزة في أية مفاوضات مع "حماس".

ومن أجل تسويغ هذا الموقف الرافض لتقديم مقابل مناسب، فإن أوساطاً رسمية إسرائيلية تروّج أن الإسرائيليَين اللذين هما في قبضة "حماس"، مجرد "مدنيَين مختلين عقلياً ضلا الطريق"، مما يستوجب التعامل مع ملفهما من منطلق إنساني بحت.

في المقابل، فإن "حماس" تصر على عدم الإدلاء بأي معلومات عن هذين الشخصين، قبل أن تطلق إسرائيل سراح جميع الأسرى الفلسطينيين الذين تم إطلاق سراحهم في صفقة التبادل الأخيرة، وأعاد الجيش الإسرائيلي اعتقالهم بعد خطف المستوطنين الثلاثة، في يونيو/حزيران 2014. علاوة على أن الحركة ظلت تتكتم على مجرد وجود معتقلَين إسرائيليَين لديها واختارت الانتظار حتى تضطر إسرائيل إلى الاعتراف بوجودهما في غزة.

لكن صحيفة "ميكور ريشون" ذكرت أن جهاز الاستخبارات الألمانية قد شرع بالفعل في عملية جس نبض لدى الطرفين من أجل الوقوف على فرص التوصل لصفقة تبادل أسرى لإنهاء الملف. في المقابل، فقد كشفت قناة التلفزة الإسرائيلية الأولى، أن اتصالات جرت بين جهات فلسطينية على علاقة بحركة "حماس"، ومدير "المركز الإسرائيلي الفلسطيني" جيرشون باسكين، بشأن إمكانية التوصّل إلى صفقة تبادل أسرى بين الحركة وإسرائيل. يذكر أن الاستخبارات الألمانية وباسكين أديا دوراً مركزياً في التوصل لصفقة تبادل الأسرى الأخيرة مع "حماس"، والتي أفرجت إسرائيل بموجبها عن 1000 أسير فلسطيني مقابل الجندي جلعاد شليت.

ولم تتبن أوساط إسرائيلية مزاعم الاحتلال بأن الحديث يدور عن "مدنيَين مختلَين عقلياً". فقد قال المعلق آفي سيخاروف، المرتبط بدوائر صنع القرار في تل أبيب، في مقال نشره موقع "وللا"، إن المعتقلَين الإسرائيليَين لدى "حماس" يمثّلان "ذخراً ثميناً"، وهذا ما يزيد من صدقية بيانات الحركة التي تؤكد، أنه تم اعتقال الاثنين أثناء عمل حربي.

اقرأ أيضاً: يعالون: لا اتصالات مع "حماس" لاستعادة الأسيرين الإسرائيليين

ومن الواضح، أن إسرائيل من خلال هذه الرواية تحاول خفض الثمن الذي يتوجب عليها دفعه من أجل إطلاق سراح هذين الشخصين. لكن الرواية الإسرائيلية بدت غير متماسكة، وهناك ما يدلل على أن القيادة الإسرائيلية تتكتم على طابع الظروف التي تمت فيها عملية الاعتقال. فقد زعم الاحتلال أن أبراها منغيستو، الإسرائيلي من أصول إثيوبية، المعتقل لدى "حماس"، قد تجاوز الحدود مع غزة ثلاث مرات واعتُقل من "حماس" في المرة الرابعة. فمن الواضح أنه لا يمكن تصديق هذه الرواية، إذ إنه على مدى عقد من الزمان لم يتمكن فلسطيني واحد من قطاع غزة من تجاوز الحدود مع إسرائيل إلا وتم اعتقاله من الجيش الإسرائيلي، فكيف إذا كان الحديث يدور عن شخص "مختل عقلياً" يُفترض أنه أقل حذراً في تحركاته.

من جهة ثانية، فإن هامش المناورة المتاح أمام القيادة الإسرائيلية محدود جداً، إذ إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يخشى من ردة فعل اليهود الإثيوبيين في إسرائيل الذين اعتبروا أن عدم تحرك الاحتلال من أجل إطلاق سراح منغيستو جاء لدواعٍ عنصرية محضة. وتُبدي أوساط حكومية في تل أبيب قلقاً من أن تتسبب قضية منغيستو في تفجير غضب اليهود الإثيوبيين الذين نظّموا، قبل شهرين، تظاهرات هي الأعنف التي شهدتها تل أبيب، منذ عقدين من الزمن، احتجاجاً على تعاطي مؤسسات "الدولة" العنصري معهم.

ويبدو أن إسرائيل معنية بالتوصل لصفقة شاملة مع "حماس"، بحيث تحاول إقناع الحركة بالموافقة على الإفراج عن المعتقلَين وإعادة جثتي الجنديين مقابل تسهيلات كبيرة فيما يخص الحصار المفروض على القطاع. ومن الواضح أن إسرائيل تدرك أنها ستكون مطالبة بالإفراج عن أسرى فلسطينيين غير الأسرى الذين أعيد اعتقالهم بعد الإفراج عنهم في صفقة التبادل الأخيرة، لكنها تراهن على أن التوصل لصفقة كبيرة، تشمل رفع معظم مظاهر الحصار، سيقلص عدد الأسرى الذين ستصر "حماس" على المطالبة بالإفراج عنهم في النهاية.

وفي المقابل، فإن "حماس" قد تكون معنية بصفقة تنهي أو تقلص مظاهر الحصار، لكنها، في الوقت ذاته، ستصر على إطلاق عدد جدي من الأسرى من ذوي المحكوميات العالية.

اقرأ أيضاً: المقاومة تعيّن مسؤولاً لملف أسرى الاحتلال:هل بدأت مفاوضات التبادل؟

المساهمون