مواجهة بين تركيا والنظام السوري تسبق تطبيق "المنطقة الآمنة"

مواجهة بين تركيا والنظام السوري تسبق تطبيق "المنطقة الآمنة"

30 أكتوبر 2019
قوات تركية قرب رأس العين تقصف "قسد"(نذير الخطيب/فرانس برس)
+ الخط -


فيما كان الاتفاق الروسي التركي لإقامة "منطقة آمنة" بعمق 32 كيلومتراً على الحدود السورية التركية يأخذ طريقه إلى التنفيذ، ومع مواصلة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) انسحابها من تلك المناطق قبيل انتهاء مهلة تطبيق الاتفاق عند الساعة السادسة مساء أمس بتوقيت تركيا، وإعلان موسكو اكتمال سحب القوات الكردية، كان شمال شرق سورية يشهد أول مواجهة بين القوات التركية وقوات النظام السوري، منذ بدء الهجوم التركي في 9 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، مع العلم أن اشتباكات عديدة وقعت في الفترة الأخيرة واستمرت أمس بين "الجيش الوطني" السوري والنظام.

واندلعت "اشتباكات عنيفة" أمس بين قوات النظام والقوات التركية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة "فرانس برس" إن القوات التركية شنّت صباحاً قصفاً مدفعياً على قوات النظام ووقعت "اشتباكات بالرشاشات" على أطراف قرية الأسدية قرب الحدود مع تركيا. وأشار إلى أن هذا "أول صدام مباشر بين الطرفين" منذ إطلاق أنقرة هجومها لإبعاد المقاتلين الأكراد عن حدودها. وذكر المرصد في وقت لاحق أن ستة من عناصر قوات النظام قُتلوا في المواجهات. وأوضح أن خمسة عسكريين من قوات النظام قُتلوا "بقصف مدفعي" للقوات التركية، فيما "أعدم" آخر من قِبل الفصائل الموالية لتركيا، خلال مواجهات في بلدة الأسدية.

كما قالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن اشتباكات عنيفة جرت في منطقة أبو رأسين الواقعة بين تل تمر ورأس العين، بين "قسد" وقوات النظام السوري من جهة، و"الجيش الوطني" السوري، الذي ساندته القوات التركية بقصف مدفعي وصاروخي وطائرات مسيرة، من جهة أخرى. وأوضحت المصادر أن "قسد" لم تنفذ الاتفاق الروسي التركي ولم تنسحب من كل المناطق، وتتمركز إلى جانب قوات النظام وتحاول البقاء في القرى التي تشملها العمليات التركية، مشيرة إلى أن ذلك أدى إلى اشتباكات مع "الجيش الوطني" الذي يتقدّم في المناطق التي ينص الاتفاق على انسحاب "قسد" منها وعدم نشر قوات النظام فيها.
وأوضحت المصادر أن "الجيش الوطني" دخل بعد اشتباكات مع قوات النظام وعناصر "قسد"، إلى قرى جان تمر شرقي وجان تمر غربي ومريكيس حرب وعباه وتل بيدر وتل قرطل ومضبعة وباب الخير والداودية والمقصعة في شرق مدينة رأس العين. وأكدت أن عناصر "الجيش الوطني" أسروا عنصرا من قوات النظام وقتلوا وجرحوا آخرين خلال الاشتباك معهم.

كما وصلت تعزيزات جديدة لقوات النظام أمس إلى مدينة عين العرب شمال شرق مدينة حلب، ضمّت أسلحة ثقيلة ودبابات، وتمركزت على الحدود السورية-التركية قرب المدينة، في قريتي "قرة منغ وبغديك"، وذلك في إطار الاتفاق التركي-الروسي. وسبق أن دخل رتل عسكري لقوات النظام مؤلف من 100 سيارة محملة بالجنود والذخائر ورشاشات ثقيلة إلى جانب صهاريج وقود، وتوجّه نحو النقاط الروسية في منطقة الإذاعة غرب مدينة عين العرب.
كذلك تحدثت المصادر عن وصول دورية روسية مساء الإثنين إلى قرية الجوادية الواقعة في ريف المالكية في محافظة الحسكة، إلا أن قوى الأمن الداخلي الكردية "الأسايش" أجبرتها على العودة، معتبرة أن منطقة شرق القامشلي إلى المالكية ليست ضمن الاتفاق مع الروس ولا يحق لهم التوجّه إليها.

وكانت قوات النظام استكملت انتشارها على طول الشريط الحدودي الواصلة بين عامودا والدرباسية، إضافة إلى ظهر العرب وكسر شرق مدينة رأس العين، وانتشرت في مخافر حدودية في تلك المنطقة. كما انتشرت قوات النظام قبل ذلك في مدينة عامودا التابعة لمحافظة الحسكة، لأول مرة منذ سبع سنوات. وإلى جانب عامودا، قالت وكالة "سانا" إن قوات النظام انتشرت في مدينة الدرباسية بالريف الشمالي الشرقي للحسكة. وحسب الوكالة، فان قوات النظام انتشرت "على الحدود السورية التركية في ريف الحسكة الشمالي من ريف رأس العين الشرقي غرباً وصولاً إلى القامشلي شرقاً وثبتت نقاطها على محور يمتد بنحو 90 كيلومتراً، بينما تواصل باقي الوحدات انتشارها في المناطق الأخرى".


في غضون ذلك، أعلن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، عصر أمس، أن عملية سحب القوات التابعة للفصائل الكردية من "المنطقة الآمنة" اكتملت قبل الموعد المقرر لها. وقال شويغو خلال مباحثات مع نظيره الأرمني دافيد تونويان، إن "سحب الفصائل المسلحة من الأراضي التي تقرر إنشاء ممر أمني فيها، اكتمل بصورة مبكرة. ودخلت شرطتنا العسكرية وحرس الحدود السورية إلى هناك".

وفي السياق، قالت مصادر محلية إن "قسد" واصلت الانسحاب من قرى ريف الحسكة، حسب الاتفاق التركي-الروسي، إذ سيطر "الجيش الوطني" على 5 قرى جديدة بريف الحسكة، فيما نقلت "قسد" ثلاثة مقار لها من جهة عين عيسى شمال مدينة الرقة إلى مدينة الرقة.
غير أن وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، كان قد قال لوسائل إعلام تركية، إن "قسد" لم تنسحب بعد من كل المناطق التي يفترض أن تنسحب منها بموجب الاتفاق الروسي-التركي، مشيراً إلى أنه تمت بموجب العملية التركية السيطرة على 395 قرية. وأشار إلى أنه في محيط منطقة منبج يوجد ما يقارب الألف مسلح من الوحدات الكردية، والعدد نفسه في تل رفعت، مضيفاً أن تسيير الدوريات المشتركة الروسية التركية حتى عمق 10 كيلومترات غير كافٍ لأمن الحدود، لكنه اعتبرها خطوة جيدة، إلا أنها يجب أن تصل حتى عمق 30 كيلومتراً، حسب تعبيره.

وفي هذا الإطار، واصل الوفد العسكري الروسي مباحثاته لليوم الثاني في العاصمة التركية مع مسؤولين أتراك من أجل تخطيط الأنشطة المقرر إجراؤها في إطار الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين البلدين في 22 أكتوبر/تشرين الأول الحالي.

من جهة أخرى، قالت "سانا" إن محافظة دير الزور افتتحت جسراً عائماً يربط بين ضفتي نهر الفرات ويصل بين قريتي المريعية ومراط، ليكون أول جسر يربط بين ضفتي النهر في المحافظة بعد تدمير كل الجسور خلال السنوات السابقة. إلى ذلك، قالت شبكات محلية إن عناصر تابعين لقوات النظام قاموا بسرقة منازل المدنيين الخالية من سكانها في قرى ريف القامشلي خلال انتشارهم على الشريط الحدودي.

في سياق آخر، وصلت تعزيزات أميركية جديدة إلى سورية فجر أمس الثلاثاء واتجهت إلى القواعد الأميركية القريبة من حقول النفط والغاز في محافظتي دير الزور والحسكة. ونقلت وسائل إعلام تركية عن مصادر محليّة، أنَّ نحو 170 شاحنة محمّلة بمعدات عسكرية ولوجستية ترافقها 17 عربة مدرعة محمّلة بجنود أميركيين، دخلت عبر معبر سيمالكا الحدودي إلى الأراضي السورية، برفقة الطيران الأميركي.

يأتي ذلك عقب إعلان وزارة الدفاع الأميركية الخميس الماضي، عن إرسال المزيد من القوات لحماية آبار النفط شرقي سورية. وصرّح وزير الدفاع الأميركي، مارك إسبر، الاثنين، بأن "أحد أهم المكاسب التي حققتها الولايات المتحدة وشركاؤها من خلال التصدي لداعش، هي حقول النفط التي كان يؤمن منها التنظيم الإرهابي دخلاً مادياً كبيراً". وهدد إسبر بالتصدي لأي محاولة لانتزاع السيطرة على حقول النفط من أي طرف كان. وقال إن القوات الأميركية موجودة في المنطقة للحيلولة دون وصول تنظيم "داعش" أو قوات روسية أو تابعة للنظام السوري إلى الموارد الحيوية، مشيراً إلى أن "قسد" ستعتمد على الدخل من النفط من أجل تمويل مقاتليها خصوصاً القوات التي تحرس مقاتلي تنظيم "داعش". وسبق أن أكدت الولايات المتحدة، التي بدأت عملية سحب قواتها من سورية في 9 الشهر الحالي، أنها ستحتفظ بمجموعة من قواتها هناك لضمان السيطرة على حقول النفط.

المساهمون