استفتاء كردستان وتفكيك الموقف الأميركي: تطبيع مع الأمر الواقع؟
كان من اللافت مسارعة وزارة الخارجية الأميركية فور إغلاق صناديق الاستفتاء على الانفصال في إقليم كردستان العراق، مساء الإثنين، إلى إصدار بيان حول الموضوع أعربت فيه عن "خيبتها العميقة" لإصرار أربيل على إجراء الاستفتاء، من دون إدانة ولا تلميح بعدم الاعتراف بنتائجه، بل أكد البيان أن "العلاقة الأميركية التاريخية مع الشعب الكردي لن تتغير".
مثل هذا الموقف ليس بجديد، فهو يأتي في امتداد تعاطف أميركي مزمن مع النزوع الكردي نحو الانفصال واحتضان مبطّن لمشروعه، صعد وهبط تبعاً للظروف، لكن من دون أن يتلاشى. بعد غزو العراق، بدأ التعاطف يتبلور أكثر فأكثر ويتحوّل إلى وقائع على الأرض، من خلال منح الإقليم مساحة أوسع للحكم الذاتي، بما أدى إلى تمكينه من المباشرة ببناء المؤسسات الآيلة بالنهاية إلى بلورة الكيان الذي جاء الاستفتاء ليشكّل المدماك الأول في قيامه رسمياً. ترافق مع ذلك وعززه تعويل البنتاغون على قوات البشمركة كحليف ميداني من الدرجة الأولى. وتمدّد ذلك ليشمل "وحدات حماية الشعب" الكردية السورية. في موازاة ذلك، تطوّرت العلاقة لتأخذ صيغة التواجد العسكري على شكل منشآت للقوات الأميركية في الإقليم، من بينها مطار بمدارج كبيرة وطويلة لاستقبال طائرات عسكرية ضخمة.
وسط هذا التقارب وفي ضوء الاستقرار الذي نعِم به الإقليم مقارنة بالتمزق الذي ضرب بقية مناطق العراق، تعالت الدعوات آنذاك في واشنطن لتقسيم العراق ودعم قيام دولة كردية، لكن العامل التركي لجم هذا التوجّه. ثم تراجعت هذه النغمة مع تمدد تنظيم "داعش".