دراسة إسرائيلية ترصد مخاطر تهاوي شرعية السيسي

دراسة إسرائيلية ترصد مخاطر تهاوي شرعية السيسي

09 مايو 2018
أظهرت الانتخابات المصرية تحدّي تهاوي النظام (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

حذرت دراسةٌ صادرة عن "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي من المخاطر التي ستهدّد المصالح الاستراتيجية الإسرائيلية، في حال تعاظمت مظاهر تهاوي شرعية نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وقالت الدراسة التي نشرها اليوم المركز على موقعه إن الدول الإقليمية، وتحديداً إسرائيل، يجب أن تشعر بالقلق إزاء تهاوي شرعية النظام في مصر.

ورأت الدراسة أن تهاوي شرعية نظام السيسي يمثل تحدياً لمصالح إسرائيل الاستراتيجية، على اعتبار أن هذا التحدي يقلّص من فرص مواصلة النظام المصري التعاون الثنائي والإقليمي مع تل أبيب.

وحذّرت الدراسة من أن فقدان نظام السيسي شرعيته قد يدفع أطرافاً في النظام إلى اتخاذ خطوات ضد إسرائيل، من أجل تحسين مكانته الداخلية، وقد يدفعها إلى تهديد مصالح تل أبيب، من خلال اتخاذ مواقف "متوازنة" من الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي وتوجهه إلى الدفع نحو إنهاء الانقسام الداخلي الفلسطيني.

وحثت الدراسة دوائر صنع القرار في تل أبيب على الاهتمام بتمكين النظام من استعادة شرعيته، من خلال تقديم الدعم في المجالات التقنية والزراعية والماء والطاقة والسياحة. كذلك حثّت نخب الحكم في إسرائيل على "تصميم العلاقة" مع مصر، بحيث لا تظهر "وكأنها فقط حليف الطاغية"، مشيرة إلى ضرورة الانفتاح على القوى المجتمعية المصرية التي تؤيد التسوية وتقع خارج إطار الحكم، موصية بإرسال رسائل باللغة العربية عبر مواقع التواصل الاجتماعي تؤكد رغبة تل أبيب في تدشين علاقات "جوار طيبة" مع عموم المصريين.

وبحسب الدراسة، فقد أظهرت الانتخابات الرئاسية المصرية التي جرت مؤخراً تحدّي تهاوي الشرعية الذي يواجهه نظام السيسي أكثر مما ضمنت شرعيةً للنظام، محذرة من أن أخطر مظاهر تفاقم أزمة الشرعية لدى نظام السيسي تتمثل في تعميق الانقسامات الداخلية في صفوف مؤسسة العسكرية الحاكمة، إلى جانب تعاظم مستويات الاغتراب بين الجمهور المصري ونظام الحكم.

وأشارت الدراسة إلى أن النظام لم يتردّد في بث الفزع في نفوس المصريين، في سعيه إلى دفعهم للمشاركة في التصويت في الانتخابات الرئاسية، من خلال التهديد بجباية غرامات مالية من كل من لم يشارك في التصويت، مشيرة إلى أن السيسي دفع بموسى مصطفى موسى لكي يتنافس في الانتخابات، فقط من أجل منح دليلٍ ظاهري على إجراء انتخابات تنافسية، في حين أن جميع النخب السياسية الجدية التي أعلنت رغبتها في التنافس، إما أنه قد تم استبعادها أو اعتقالها، وإما أنها وصلت إلى قناعة مفادها بأنه يجدر بها أن تنسحب من المنافسة.

وأشارت الدراسة إلى فشل الوسائل الكثيرة التي استخدمها النظام في دفع المصريين، وتحديداً الجيل الشاب، إلى المشاركة في التصويت، مشيرة كذلك إلى أنه ظهرت بشكل واضح محدودية تأثير الحملات الدعائية التي شنّها النظام لزيادة نسبة التصويت.


وأشارت الدراسة إلى أن ما يُفاقم الأمور خطورة حقيقة أن السيسي فشل في تحقيق الأهداف التي وعد بتحقيقها في فترة رئاسته الأولى، لا سيما تحقيق الاستقرار الأمني وتحسين الأوضاع المعيشية للمصريين، موضحة أن مصدر الشرعية الوحيد الذي يحاول النظام تسويقه حالياً يتمثل في محاولة تخويف الناس من تفكّك الدولة، على غرار ما يحدث في سورية.

وأوضحت الدراسة أن توحّد الجيش والأجهزة الأمنية خلف نظام السيسي كان أحد أهم مصادر قوته، مستدركةً أن الآونة الأخيرة شهدت مؤشرات متعددة على طابع الخلافات والانقسامات الداخلية التي تعصف بالمؤسسة العسكرية، ومشيرة إلى أن إعفاء رئيس هيئة الأركان محمد حجازي ومدير الاستخبارات العامة خالد فوزي يعد ضمن أبرز هذه المؤشرات.

وأشارت الدراسة إلى أن السيسي عمد إلى إقالة المئات مع كوادر الاستخبارات العامة منذ أن تولى الحكم عملياً في يوليو/ تموز 2013، إلى جانب حرصه على تعزيز مكانة الاستخبارات العسكرية، التي كان يقودها. وبحسب الدراسة، فإن إقدام كلٍّ من رئيس هيئة الأركان الأسبق سامي عنان، وأحمد شفيق، الذي تولى قيادة سلاح الجو ورئاسة الحكومة، على الترشح للرئاسة، دلّل على طابع الخلافات التي تعصف بالمؤسسة العسكرية.

وبحسب الدراسة أيضاً، فإن أوساطاً في المؤسسة العسكرية أقنعت شفيق وعنان بالترشح من أجل احتواء حالة الغضب الجماهيري إزاء هذه المؤسسة بسبب الإحباط من حكم السيسي.

وأشارت إلى أن القوى "المدنية" التي ساندت الجيش في إطاحة الرئيس محمد مرسي باتت تضيق ذرعاً بالتوجّهات الدكتاتورية لنظام السيسي، وهو ما جعل سامي عنان يعبر في برنامجه الانتخابي عن مخاوف هذه القوى.

ولفتت الدراسة إلى أن المستقبل لا يحمل الكثير من البشائر لنظام السيسي، على اعتبار أن الأخير مضطرٌ لتنفيذ الإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي، والتي تتضمن مسّاً آخر بالدعم الحكومي للسلع الأساسية ورفع الأسعار والخدمات.

وحذّرت الدراسة من أن الأوضاع الاقتصادية وسلوك النظام يهددان بتفجر موجة جديدة من الاحتجاجات، تدفع مصر نحو تعاظم القطيعة بين الجمهور والنظام، ما يهدد استقرار الدولة المصرية.


وأشارت الدراسة إلى أن سعي السيسي إلى تعديل الدستور، بحيث تتم إزالة القيود على مواصلته الحكم حتى بعد انتهاء فترة ولايته الثانية، وتوجهه إلى تشكيل حزبٍ سياسي خاص به، لن يسهما في معالجة مظاهر تهاوي شعبية نظامه.

ودعت الدراسة إلى ضرورة أن تعمد الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي إلى الضغط على السيسي من أجل تكريس عقد اجتماعي جديد أكثر ديمقراطية.

المساهمون