الاحتلال يستهدف منطقة قريوت: وجه جديد لمحاولات ضم الضفة

الاحتلال يستهدف منطقة قريوت: وجه جديد لمحاولات ضم الضفة

24 أكتوبر 2019
أطماع الاحتلال في قريوت قديمة (جعفر اشتيه/فرانس برس)
+ الخط -

فوجئ أهالي قريوت، جنوب نابلس شمال الضفة الغربية، خلال موسم الزيتون الحالي الذي بدأ في الخامس عشر من الشهر الحالي، بمنعهم لأيام متتالية من الوصول إلى أراضيهم المصنفة "ب" وفق اتفاقية أوسلو، وتُقدّر بنحو 700 دونم، وحرمانهم من قطف ثمار الزيتون، إلا بتنسيق مسبق يحتاج إلى تصريح دخول، على الرغم من أنهم اعتادوا الوصول إليها من دون تنسيق في السنوات الماضية، فيما يأتي هذا الإجراء وسط خشية من أن يكون مقدمة للسيطرة الإدارية وضم المنطقة، في محاولة إسرائيلية لفرض وقائع على الأرض بضم الضفة الغربية.

أراضٍ ممنوعة على أصحابها

أهالي قريوت لم يكونوا في السابق بحاجة إلى تنسيق لدخول أراضيهم هذه، على الرغم من أن الاستيطان وصل إلى غالبية أراضيهم التي تُصنّف "ج"، وطرد الاحتلال على مدار الأيام الماضية الأهالي من أراضيهم المصنفة "ب" والتي لم يتبقَ منها إلا القليل، وهو ما أثار استياء الأهالي الذين تعرضوا للقمع والتهديد، ليصل عدد الاعتداءات بحق الأهالي خلال موسم الزيتون إلى 7 اعتداءات ما بين سرقة ثمار الزيتون وما بين المنع والقمع، كما يؤكد الناشط في مقاومة الاستيطان في منطقة جنوب نابلس بشار القريوتي، في حديث لـ"العربي الجديد".
وتسلّم أهالي قريوت، بحسب القريوتي، قبل أيام من خلال الارتباط الفلسطيني، خريطة تُظهر توسيع المناطق التي يُمنع على المزارعين الوصول فيها إلى أراضيهم لتشمل 700 دونم إضافية تقع في مناطق "ب"، ضمن محاولات إسرائيلية لفرض أمر واقع جديد، على الرغم من أنه لم يصدر قرار بمصادرتها.

وفي الوقت الذي يحذّر فيه القريوتي من أن يكون ذلك مقدمة للسيطرة على تلك الأراضي وإقامة بؤرة استيطانية في تلك الأراضي ضمن مخطط استيطاني، فإن الأهالي يتابعون ما جرى قانونياً مع كافة الجهات الرسمية الفلسطينية، بينها الارتباط الفلسطيني وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان وكذلك مؤسسات دولية مثل مؤسسة "أوتشا"، بينما يستعد الأهالي كذلك لمتابعة القضية قانونياً من خلال المحاكم الإسرائيلية.

انقضاض إسرائيلي
تحاول إسرائيل الانقضاض على مناطق "ب"، في مخالفة لاتفاقية طابا التي منحت الصلاحيات الإدارية للسلطة الفلسطينية، فيما يعد اشتراط وجود تصاريح من الأهالي لدخول أراضيهم في مناطق "ب" مخالفا لتلك الاتفاقية، كما يؤكد مدير عام الدائرة القانونية في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، عايد مرار، في حديث لـ"العربي الجديد".
يشير مرار إلى وجود تعديات على مناطق "ب" في مناطق عدة خلال الفترة الماضية، مثلما حدث في قريوت، وكذلك منع الأهالي في قرية بورين جنوب نابلس من استصدار رخص بناء في أراضيهم المصنّفة "ب"، وأيضاً شمل الهدم مناطق "أ"، كما حدث من هدم لعشرات الشقق السكنية في بلدة صور باهر جنوب القدس قبل أشهر.




محاولات لتقسيم الضفة

وتعتبر إسرائيل مناطق "ج" مجالاً حيوياً للمستوطنات، ويؤكد عايد مرار أن المحاولات الاستيطانية الإسرائيلية تأتي على الرغم من أن السيادة الإسرائيلية في تلك المناطق هي سيادة سياسية. وعلى أرض الواقع، فإن المجال الحيوي للفلسطينيين وليس للإسرائيليين، وما يظهر حالياً هي محاولات للدخول إلى مناطق "ب"، محذراً من ضم مناطق "ج" كأمر واقعي، والهجوم على مناطق "ب" وإعادة السيطرة عليها تمهيداً لضم الضفة الغربية بفرض وقائع على الأرض حتى وإن لم يتم ضمها رسمياً، مشيراً إلى أن الهيئة تتابع العديد من القضايا قانونياً للتصدي للأطماع الاستيطانية.

أطماع إسرائيل الاستيطانية في قريوت، تأتي لوقوع القرية على طريق "إصبع هشارون" الاستيطاني الذي يخترق غرب الضفة إلى شرقها، فإسرائيل تحاول فرض السيطرة الاستيطانية وتقطيع الضفة ضمن اختراقين لها، أحدهما من الغرب إلى الشرق ويسمى "إصبع هشارون" والذي يمتد من منطقة مستوطنة "أرائيل" إلى الشرق ويخترق قريوت، أما الاختراق الآخر فهو من شمال الضفة إلى جنوبها، بما يعرف بخط "ألون" الذي تسعى إسرائيل من خلاله إلى فصل شمال الضفة عن جنوبها.

وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية أكدت في بيان لها، تعقيباً على ما يجري في قريوت، أنها حذرت الأوساط كافة من خطورة المخطط الاستيطاني الاستعماري الذي يستهدف منطقة جنوب غرب نابلس وما يرمي إليه من إقامة تجمّع استيطاني ضخم يرتبط بتجمّع استيطاني في محافظة سلفيت ويتواصل مع تجمّعات استيطانية في محافظة قلقيلية ويمتد ويرتبط بالعمق الإسرائيلي، في أوسع عملية سطو توسعي وضم لأجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة، بما يؤدي إلى أسرلة وتهويد المناطق الغربية على طول الضفة الغربية والسيطرة على عمقها ومياهها، وبشكل يترافق مع عمليات واسعة النطاق تجري في المناطق الشرقية للضفة ممثلة في الاستهداف الإسرائيلي اليومي والمفضوح لمناطق الأغوار.
وشددت الخارجية على أن إحلال أعداد كبيرة من المستوطنين المتطرفين في تلك المناطق ينذر بقرب انفجار برميل البارود الاستيطاني الذي زرعته سلطات الاحتلال على تلال وجبال الضفة المحتلة. وأضافت: "إن ما تقوم به سلطات الاحتلال هو ضم فعلي للضفة الغربية وحسم مستقبل قضايا الوضع النهائي التفاوضية بالقوة من جانب واحد، وتحويل القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني العادلة والمشروعة بالأمر الواقع من قضية سياسية إلى مشكلة سكان يحتاجون إلى برامج إغاثية ومشاريع اقتصادية معيشية، وهو ما يعترف به قادة الاحتلال في حديثهم المتواصل عن الحكم الذاتي المحدود".

هجمة استيطانية واسعة

تتعرض قريوت لهجمة استيطانية بوسائل مختلفة، وطاولها أكثر من أمر استيطاني خلال الفترة الماضية، خصوصاً العام الماضي، ضمن مخطط يهدف إلى طرد السكان وربط مستوطنات عدة تحاصر القرية ببؤر استيطانية هناك.
وتبلغ مساحة قرية قريوت، الواقعة بين محافظتي نابلس ورام الله والمصنفة كل أراضيها ما بين "ب" و"ج"، نحو 22 ألف دونم، غالبية تلك الأراضي مصنفة "ج"، وصادر الاحتلال ما يزيد عن 14 ألف دونم من أراضيها وأقيمت عليها وفي قرى مجاورة، 14 تجمّعاً استيطانياً ومواقع عسكرية، وأبرز تلك المستوطنات "شيلو"، و"شيفون راحيل"، و"عيليه"، وكذلك بؤر استيطانية أقيمت على تلال قريوت والقرى المجاورة، علاوة على أن نحو ستة آلاف دونم من أراضي قريوت لا يسمح لأصحابها بالوصول إليها إلا بتنسيق وتصريح مسبق، وتقع تلك الأراضي في قلب المستوطنات أو بمحاذاتها وجدار الفصل والضم العنصري، وما تبقى من أراضيها نحو ألفي دونم تقام عليها قريوت، منها 1600 دونم تصنف "ب" و400 تصنف "ج".

وتظهر الأطماع الاستيطانية واضحة بعد السيطرة على غالبية أراضيها، إذ إن الاحتلال يعتبر قريوت من المناطق المقدسة دينياً وتاريخياً، لوقوع خربة "سيلون" فيها والواقعة بين نابلس ورام الله، والتي يعتقد المستوطنون أنها مهد الديانة اليهودية. وعملياً، فإن الاحتلال يسعى للسيطرة على قريوت لانتصافها وسط الضفة الغربية ضمن مخطط فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، وفق ما يؤكد القريوتي.