خطف نشطاء "حماس": خدمة مصرية لإسرائيل

خطف نشطاء "حماس": خدمة مصرية لإسرائيل

23 اغسطس 2015
من مسيرة ببيروت تندّد بحكم مصري استهدف "حماس"(رتيب الصفدي/الأناضول)
+ الخط -
شكلت عملية اختطاف نشطاء حركة "حماس" الأربعة في مدينة رفح المصرية، الخميس الماضي، نقطة تحوّل فارقة في العلاقة بين نظام عبد الفتاح السيسي وحركة المقاومة الفلسطينية.

وجرت عملية الاختطاف أثناء مغادرة النشطاء معبر رفح متجهين إلى مطار القاهرة، في حافلة "الترحيلات" التي كانت تحت حراسة الأمن المركزي المصري. وقد بدت الرواية التي قدمتها السلطات المصرية لحادثة الاختطاف متداعية، إذ ذكرت أن مسلحين مجهولين قاموا بإطلاق النار على الحافلة المؤمّنة، وأجبروها على التوقف بعد مغادرتها المعبر بوقت قصير، حيث تم توقيف الحافلة بين كمينين للجيش المصري. وقام "المسلحون المجهولون"، وفق الرواية المصرية، باعتقال الأربعة حتى بدون النطق بأسمائهم.
مع العلم أن مصادر فلسطينية أكدت لـ"العربي الجديد"، أن الشبان الأربعة لم يحصلوا على جوازات سفرهم إلا بعد سبع ساعات من تسليمهم لها، في حين أن المسافرين يحصلون عادة على جوازاتهم بعد ساعتين على الأكثر من تسليمها.

وحاولت السلطات المصرية إعطاء الانطباع بأن الحديث يدور عن عملية اختطاف قام بها تنظيم "ولاية سيناء"، لكن الأخير سرعان ما نفى علاقته بالحادثة. وعلى الرغم من أن حركة "حماس" حمّلت السلطات المصرية المسؤولية عن سلامة الأربعة، على اعتبار أن العملية تمت في الأراضي المصرية وعندما كان الحافلة تحت حماية الأمن المصري، ملمحةً إلى تورّط الأخير، إلا أن مصدراً في "حماس" تحدثت إليه "العربي الجديد"، أكد أن الحركة تعتقد جازمة أن أحد الأجهزة الأمنية المصرية هو الذي قام باعتقال الأربعة.

وأكد مصدر فلسطيني آخر لـ"العربي الجديد"، أن حركة "حماس" أبلغت الجانب المصري أن الأربعة تم اقتيادهم لأحد فروع الاستخبارات الحربية المصرية في العريش. وفي هذه الحال يطرح سؤال نفسه: من هو صاحب المصلحة في اعتقال أربعة من الشبان في العشرينيات من أعمارهم، لا يتبوأون أي مواقع قيادية في الحركة؟

وفي الإطار نفسه، كانت المفارقة انفراد موقع "وللا" الإخباري الإسرائيلي المهم بالكشف عما قال إنه طابع التشكيل الذي ينتمي إليه الأربعة داخل "كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، وهو ما يحمل دلالة خاصة. إذ يتبيّن أن إسرائيل هي صاحبة المصلحة الرئيسة في توقيف الأربعة والتحقيق معهم.

اقرأ أيضاً: "القسام": لن نمر مرور الكرام على اختطاف الفلسطينيين بسيناء

وزعم معلّق الشؤون العربية في "وللا"، آفي سيخاروف، أمس، أن الأربعة ينتمون لوحدة "الكوماندو البحري"، التي لعب عناصرها دوراً مهمّاً في الحرب الأخيرة على غزة، حيث قام أفراد خلية الضفادع البشرية في الوحدة باقتحام قاعدة "زيكيم" البحرية، وتمكنوا من المكوث هناك لفترة قاموا خلالها بتفجير دبابة في الموقع قبل أن تتم تصفيتهم بواسطة طائرة بدون طيار. وممّا يعزّز التقديرات بأن إسرائيل هي صاحبة المصلحة في اعتقال الأربعة، أن صحيفة "يديعوت أحرنوت" قد نقلت، يوم الأربعاء، أي قبل يوم من اختطاف الشبان الأربعة، عن مصدر عسكري في تل أبيب قوله إنه لدى الاستخبارات الإسرائيلية معلومات مؤكدة حول مخطط "الكونامدو" البحري التابع لحركة "حماس" تنفيذ عمليات ضخمة، تحديداً في مدينتي "عسقلان" و"أسدود"، في أية مواجهة مستقبلية بين الجانبين. وبحسب المصدر، فإن "كتائب القسام" تراهن على دور"الكوماندو البحري" كـ"رأس حربة" لها في الحروب والمواجهات القادمة مع إسرائيل. وأسهب المصدر في الحديث للصحيفة الإسرائيلية عن التدريبات المكثفة التي يجريها عناصر "الكوماندو" البحري، مقدّماً وصفاً تفصيلياً يدلّل على أن الإسرائيليين يقومون بعمليات رصد إلكتروني لشاطئ قطاع غزة، تتبّعاً للتدريبات التي يقوم بها عناصر "الكوماندو". وإذا أخذ بالاعتبار أن الإسرائيليين يتحدثون عن مستويات غير مسبوقة من التعاون الأمني والشراكة الاستراتيجية مع النظام المصري برئاسة عبدالفتاح السيسي، فإن هذا يزيد الشكوك حول الأمن المصري باعتقال لمجموعة عسكرية تابعة لحركة "حماس" للحصول منها على معلومات تهم إسرائيل بالدرجة الأولى.

مع العلم أنه سبق للأمن المصري أن مارس التعذيب الشديد في التحقيق مع نشطاء في "حماس" "وكتائب القسام" بعد اعتقالهم في مصر، حيث كان يتم التركيز على محاولة الحصول على معلومات تهم الاستخبارات الإسرائيلية. وفي هذا الإطار، قال أيمن نوفل، القيادي في "كتائب القسام"، الذي اعتقل عام 2008 أثناء وجوده في سيناء، وأفرج عنه بعد اندلاع الثورة المصرية في يناير/ كانون الثاني 2011، إن المحققين حاولوا الحصول منه على معلومات حول مكان وجود وجود الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي كان أسيراً لدى الحركة.

وبحسب شهادات معتقلين آخرين في "كتائب القسام"، فقد ضغط المحققون المصريون عليهم لتقديم معلومات حول الأنفاق ومخازن والسلاح، وغيرها من المعلومات التي تهم بشكل أساسي سلطات الاحتلال. ولا يمكن استبعاد أن يكون اعتقال الأربعة قد جرى من قبل السلطات المصرية كتجسيد للشراكة الاستراتيجية بين نظام السيسي وإسرائيل، ولا سيما أن العلاقة بين الجانبين تمر في "عصرها الذهبي"، كما وصفها الصحافي أمير تيفون، في تحقيقه المهم والعميق الذي نشره حول طابع العلاقات السرية بين حكومة بنيامين نتنياهو ونظام السيسي، والذي نشره موقع "وللا" في التاسع من مارس/ آذار الماضي.

اقرأ أيضاً: خالد مشعل:حلّ مشاكل غزّة يسمح بتثبيت وقف إطلاق النار 

المساهمون