تحديات الهدنة السورية: تساؤلات حول آليات التطبيق والمراقبة

تحديات الهدنة السورية: تساؤلات حول آليات التطبيق والمراقبة

27 فبراير 2016
روسيا حاولت جمع معلومات عن فصائل المعارضة (يوسف حمس/الأناضول)
+ الخط -

تبرز العديد من التحديات في وجه اتفاق الهدنة في سورية، مع بدء سريانه، المقرر فجر اليوم السبت، لعل أبرزها كيفية التحقق من التزام جميع الأطراف بالهدنة، وكيفية تحديد الطرف الذي يخرقها، والعواقب المترتبة على هذا الخرق. وأعلنت الهيئة العليا للمفاوضات، أمس الجمعة، عن التزام نحو مئة فصيل مقاتل بالهدنة، بعدما كان النظام السوري وافق عليها.

وكان اتفاق الهدنة الموقّع بين الطرفين الروسي والأميركي، نصّ على تشكيل "مجموعة عمل وقف إطلاق النار، تشترك في رئاستها الولايات المتحدة وروسيا، تحت إشراف الأمم المتحدة، وتضم مسؤولين سياسيين وعسكريين، ويتولى مكتب مبعوث الأمم المتحدة الخاص (OSE) مهمة السكرتارية العامة". وتكون مهمة هذه المجموعة تحديد الأراضي الواقعة تحت سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) و"جبهة النصرة" وأي منظمات إرهابية أخرى يحددها مجلس الأمن الدولي، وضمان التواصل بين جميع الأطراف لتعزيز الامتثال ونزع فتيل التوترات على وجه السرعة، وحل المزاعم المتعلقة بعدم الامتثال، وإحالة السلوك غير الممتثل إلى وزراء المجموعة الدولية لدعم سورية، لتحديد الإجراء المناسب، بما في ذلك استثناء هذه الأطراف من ترتيبات الهدنة وما توفره لهم من حماية. كما نصّ الاتفاق على أن تقوم كل من روسيا والولايات المتحدة بإنشاء خط اتصالات ساخن وفريق عمل لتبادل المعلومات ذات الصلة بعد أن تكون الهدنة قد دخلت حيّز التنفيذ.

وفي التطبيق العملي لهذه القرارات، أقامت روسيا ما سمته بـ"مركز التنسيق لوقف العمليات القتالية" في قاعدة حميميم العسكرية في اللاذقية، بينما عهدت الولايات المتحدة من جهتها إلى "غرفة العمليات العسكرية" (الموك) في كل من تركيا والأردن والتي تشرف عليها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، مهمة المراقبة والتواصل مع قادة الفصائل العسكرية على الأرض للتحقق من التزامهم بالهدنة والإصغاء إلى شكاويهم بشأن خروقات الطرف الآخر.

ووفق مصادر المعارضة، فإن الطرف الروسي أرسل إلى قادة بعض الفصائل نموذجاً لتأكيد التزامها بوقف إطلاق النار، يبدأ بتعريف القيادي عن نفسه وفصيله، ثم يؤكد جاهزيته للالتزام بالهدنة، وعدم عرقلة إدخال المساعدات الإنسانية إلى المنطقة التي يسيطر عليها.

في المقابل، يحصل قائد الفصيل على تعهّد من الطرف الروسي بامتناع قوات النظام وطيرانه والطيران الروسي عن استهداف المنطقة التي يسيطر عليها، وعدم إعاقة نظام وقف إطلاق النار لتقديم المساعدات الإنسانية لهذه المنطقة. ويقول الطرف الروسي إنه في حال حصول انتهاك لوقف إطلاق النار، فإنه سيقوم بالإبلاغ عن ذلك إلى مجموعات مراقبة وقف إطلاق النار المحلية ومجموعات المراقبة الأخرى.

اقرأ أيضاً: فصائل الجيش السوري الحر توافق على الهدنة

واللافت أن الروس يخاطبون كل قائد فصيل على حدة، ويطلبون أن يكون الالتزام ثنائياً بين روسيا وهذا الفصيل، كما أنهم يطلبون من كل فصيل إرسال خريطة المنطقة التي يسيطر عليها وتحديد قادة المجموعات والمناطق التابعة لهم عبر الفاكس أو البريد الإلكتروني إلى "مركز مصالحة الأطراف المتحاربة في مطار حميميم".

ولدى تواصل "العربي الجديد" مع أحد قادة الفصائل التابعة للجيش السوري الحر، نفى تسلّمه أي طلبات من الجانب الروسي، وحذر من الاستجابة لمثل هذه الطلبات لما تحمله من مخاطر أمنية على هذه الفصائل وعناصرها، ملاحظاً الطابع الاستخباراتي للمعلومات التي يطلبها الطرف الروسي من أجل تطبيق هدنة تبدو فرصها ضعيفة، وقد تُستخدم لاحقاً ضد هذه الفصائل في حال انهيار الهدنة كما هو متوقع.

وكانت الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة السورية، قد طالبت بضرورة تفعيل آلية واضحة ومحايدة للرصد والتحقق من تنفيذ شروط الهدنة، ووجود جهة محايدة وصاحبة ولاية لتحديد المسؤولين عن خرق الهدنة، فضلاً عن آلية للإبلاغ عن خروقات الهدنة والمدد الزمنية اللازمة للتعامل مع هذه الخروقات.

ولفتت الهيئة، في بيان سجل نحو 17 ملاحظة على اتفاق الهدنة، إلى أن وثيقة الهدنة لم تتضمّن تحديداً للعواقب المترتبة على خرق قوات النظام ومعها إيران وروسيا والمليشيات لهذه الهدنة، بينما ترد مثل هذه العواقب بشكل ضمني في ما يخص قوات المعارضة، إذ ذكرت أن خرق الهدنة سيؤدي إلى رفع الحماية عن الطرف الذي يقوم بهذا الخرق، ما يعني استثناؤه من الهدنة. كما طالبت الهيئة بتثبيت مواقع القوى والوسائط منذ بدء سريان الهدنة بدل استخدام عبارة "عدم السعي لكسب الأرض"، التي قال البيان إنها لا تعني شيئاً على مستوى الالتزام القانوني.

وبينما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في تصريحات له، أمس الجمعة، إنه لا توجد ضمانات كاملة لنجاح الهدنة في سورية، أعلن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، عن اجتماع بين مسؤولين أميركيين وروس، من أجل تشكيل لجنة لمراقبة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في سورية.

من جهتها، تدرس الأمم المتحدة، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر دبلوماسية، خيارات "خفيفة" لمراقبة وقف إطلاق النار في سورية، بحيث تظل المخاطر التي تواجهها عند أدنى حد ممكن وذلك بالاعتماد في الأساس على سوريين يعيشون على الأراضي السورية. وقال دبلوماسيون إن خطط الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة ستسعى لتحاشي تكرار الفشل الذي رافق بعثة أرسلت إلى سورية عام 2012، مشيرين إلى أن آلية المراقبة التي يجري بحثها تقضي باعتماد الأمم المتحدة على أطراف سورية بمثابة "وكلاء" على الأرض للإبلاغ عن الانتهاكات. ومن المحتمل أن تشمل هذه الخطة إيفاد مجموعة صغيرة من مسؤولي الأمم المتحدة غير العسكريين إلى سورية لإجراء تحقيقات في انتهاكات حقوق الإنسان.

اقرأ أيضاً: هواجس الهدنة السورية: خطوط حمراء وخطة أميركية بديلة

المساهمون