كاميرون يتسلّح بـ"الاستفتاء" لمواجهة الاتحاد الأوروبي

كاميرون يتسلّح بـ"الاستفتاء" لمواجهة الاتحاد الأوروبي

23 مايو 2015
تأخير الاستفتاء لا يصبّ في مصلحة استقرار الاقتصاد(Getty)
+ الخط -
منذ فوز حزب المحافظين وزعيمه ديفيد كاميرون في الانتخابات البريطانية مطلع الشهر الحالي، والسؤال يتردّد في العواصم الأوروبية حول مستقبل علاقة لندن بأوروبا، وما إذا كان فوز كاميرون سيعزّز بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أم أنّه سيسرّع انفصالها عنه. وتنتظر أوروبا لترى ما إذا كان فوز كاميرون بولاية ثانية بعد خروجه من معركة الانتخابات منتصراً، سيمكّنه من إدارة الاستفتاء حول بقاء أو خروج بريطانيا من الاتحاد، بعد أن وعد بإجرائه قبل نهاية العام 2017 وبشكل يضمن بقاء بريطانيا فيه.

اقرأ أيضاً فوز كاميرون يقلق الاتحاد الأوروبي: هدية مسمومة لأوروبا 

ولئن كان الأوروبيون لا يتمنّون خروج بريطانيا من الاتحاد، فإنّ هذا لا يعني أن أياً من زعماء أوروبا يرغب في مراجعة معاهدات الاتحاد الأوروبي، تبعاً للإصلاحات التي تطالب بها الحكومة البريطانية. يعتبر معظم القادة في الاتحاد الأوروبي أن مجرّد فتح الباب لمفاوضات مع لندن، بمثابة لعبة تنطوي على مخاطر قد تهدّد الصرح الأوروبي كله، وبالتالي لا ينصحون كاميرون بالمناورة أو محاولة ابتزاز الاتحاد الأوروبي بـ"فزاعة الاستفتاء" لإجبارهم على إعادة التفاوض بشأن علاقة بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي.

أمّا كاميرون، الذي نجح خلال الشهرين الماضيين في الحفاظ على وحدة حزبه وتماسكه، بعد أن قدّم تنازلات غير أساسية للمحافظين المعارضين للبقاء ضمن الاتحاد الأوروبي، فيبدو الآن أكثر قوة لمواجهة هؤلاء المعارضين، والإفصاح بشكل علني عن وجهة نظره الخاصة، التي ردّدها وزير المالية في حكومته، جورج أوزبورن، والتي تؤكد على أهمية بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. ويمكن لكاميرون كسب "معركة الاستفتاء" ومواجهة "المتمردين" في حزبه بدعم من أحزاب المعارضة وأوساط الأعمال التجارية والاقتصادية، فضلاً عن النقابات، قطاعات الزراعة والفنون والجامعات. ويضاف إليهم أيضاً دعم أقاليم اسكتلندا، ويلز وإيرلندا الشمالية الذين يعارضون جميعاً الانفصال عن أوروبا.

في المقابل، قد يرى البعض أن فوز كاميرون في فترة ثانية، بمثابة قوة إضافية يتسلّح بها لفرض شروطه على الاتحاد الأوروبي، باعتبارها استثناءً في المشهد السياسي الأوروبي، لم يسبقه إليها إلّا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وسبق أن أطاح الناخبون الأوروبيون العديد من الزعماء منذ بداية الأزمة الاقتصادية العالمية في العام 2008، بدءاً من فرنسا (هزيمة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في العام 2012)، مروراً بإيطاليا (أربع حكومات منذ عام 2008)، ووصولاً إلى الأزمات في اليونان، البرتغال، فنلندا، إيرلندا وسلوفاكيا.

وبين القوى المؤيدة للبقاء في الاتحاد الأوروبي وتلك المعارضة له، فضلاً عن الضغوط الخارجية، قد يجد كاميرون نفسه مجبراً على تقديم موعد الاستفتاء إلى العام المقبل عوضاً عن العام 2017، ولا سيما أن الكثير من الأوساط الاقتصادية بدأت تضغط في هذا الاتجاه من منطلق أن تأخير الاستفتاء لا يصبّ في مصلحة استقرار الاقتصاد.

وعلى الرغم من الأصوات اليمينية المطالبة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإن جماعات الضغط المالية والاقتصادية، الأكثر تأثيراً والأقرب من كاميرون، ترى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يمكن أن يؤدي إلى تدمير مكانة لندن، بصفتها المركز المالي الوحيد لمنافسة نيويورك وإلى عزل الاقتصاد البريطاني.

في المقابل، يشير معارضو الاتحاد الأوروبي إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيجعلها أكثر قدرة وانفتاحاً على الاقتصاد العالمي، بما في ذلك دول الاتحاد.
إلى حين إنجاز استحقاق الاستفتاء عام 2017، أو قبل، ستظلّ العلاقة بين الجانبين تتأرجح في مهب الريح. فإذا خسرت أوروبا بريطانيا، فسينطوي ذلك على خطر تفتت الاتحاد الأوروبي بشكل كامل، وبالتالي يتوجّب على الأوروبيين التعامل مع المسألة بمسؤولية تامة، لتفادي تمزق الكيان الأوروبي وتحوّله إلى كيانات صغيرة وضعيفة.
وفي الطرف الآخر، على البريطانيين إدارة الاستفتاء بشكل بنّاء بعيداً عن شعارات الشوفينية الضيّقة، لأن تخلّي بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، يعني الإبحار في مياه مجهولة، وربما يؤدي إلى تراجع دور بريطانيا على المستوى الدولي.


اقرأ أيضاً: فوز المحافظين في بريطانيا ينعش الأسواق