اتصالات مصرية سعودية للحدّ من أخطار تركي آل الشيخ

اتصالات بين القاهرة والرياض للحدّ من أخطار تركي آل الشيخ

04 أكتوبر 2018
دأب آل الشيخ على استفزاز المصريين عبر تدويناته (Getty)
+ الخط -
مع تصاعد الانتقادات والاستياء الشعبي من تركي آل الشيخ، مستشار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، رئيس هيئة الرياضة السعودية، علمت "العربي الجديد" من مصادر حكومية مصرية أنّ اتصالات مكثّفة جرت خلال اليومين الماضيين بين الدائرة الخاصة بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، التي يديرها مدير الاستخبارات العامة، اللواء عباس كامل، وعدد من المسؤولين السعوديين، وذلك للحدّ من تفاقم الأزمات التي تسبب بها آل الشيخ أخيراً.

وبحسب المصادر، فإنّ الاتصالات التي تصدّرها عباس كامل نفسه، والسفير السعودي السابق في القاهرة أحمد قطان، الذي يتولّى حالياً منصب وزير الشؤون الأفريقية، تركّزت على "ضرورة إيقاف آل الشيخ عن ممارسات غير مسؤولة من شأنها إفساد العلاقة بين البلدين من جهة، ومن جهة أخرى تؤثّر على نظام السيسي داخلياً، إذ تمنح الفرصة للجماهير للخروج عن الالتزام الأمني في الملاعب والشوارع". ويأتي ذلك بعد ساعات من تجمّع المئات من جماهير النادي الأهلي بطريقة عفوية في مناطق متفرّقة من البلاد بعد مشاهدة مباراة فريقهم، مساء أمس الأول، في بطولة دوري أبطال أفريقيا، إذ تخلّل تلك التجمعات ترديد هتافات جماعية ضدّ آل الشيخ والسعودية، وكذلك ضدّ رئيس نادي الزمالك مرتضى منصور، وذلك ابتهاجاً من الجماهير بوقف إرسال قناة "بيراميدز" المملوكة للمستشار السعودي.

وأضافت المصادر أنّ "تقارير أمنية واستخباراتية حذّرت من تحوّل المباريات لفرصة لتنظيم تجمعات وتظاهرات تتدرّج في موضوعاتها من آل الشيخ والسعودية إلى مجالات أخرى".

في موازاة ذلك، أصدرت الاستخبارات المصرية تعليماتها لوسائل الإعلام بعدم التركيز على المشكلة التي اندلعت أخيراً بين آل الشيخ وشركة "صلة" السعودية من جهة، وشركة "بريزينتيشن" مالكة حقوق بثّ الدوري المصري من جهة أخرى، حيث طالبت الشركة المصرية التابعة بشكل مباشر لأجهزة سيادية، شركة "صلة" بسداد كامل قيمة تعاقدها معها لهذا العام، بعد أيام من إعلان تخلّيها عن رعاية النادي الأهلي وخروجها من السوق المصرية.

وفي هذا الإطار، أشارت المصادر الحكومية إلى أنّ آل الشيخ هدّد بتحريك دعاوى قضائية في الخارج ضدّ مصر، بحجة فشلها في رعاية الاستثمار وحمايته، فردّت مصر بالتصعيد من خلال "بريزينتيشن". وبعدها بساعات، تواصلت شخصيات رفيعة من القاهرة مع شخصيات في الرياض مطالبةً بوقف "هذا العبث"، ومؤكدةً أنّ السيسي يبذل قصارى جهده لضبط النفس وعدم الانجرار لاتخاذ قرارات صدامية تجاه تصرفات آل الشيخ، تقديراً لمحمد بن سلمان.


وأكّدت المصادر أنّ ما يحدث حالياً في الكواليس "يتمثّل في ضغوط متقابلة يمارسها كل طرف على الآخر لإجباره على اتباع سياسته. فالسيسي وعباس كامل متحمّسان للمشروع الرياضي السعودي في مصر، لكنّهما شعرا بالخطر نتيجة تصرفات آل الشيخ غير المسؤولة وتصرّفه كشخصية فوق الدولة، متمتعاً بالحماية الاستثنائية التي وفّرها السيسي له منذ أن بدأ نشاطه في مصر نهاية العام الماضي كرئيس فخري للنادي الأهلي".

في المقابل، يرى آل الشيخ أنّ السيسي وعباس كامل لا يحميانه بشكل كافٍ، ويطالب بتحميل شخصيات بعينها ثأره الشخصي مع الجماهير، منهم أعضاء في مجلس إدارة النادي الأهلي واتحاد الكرة، ويستخدم في ذلك سياسة صديقه النائب مرتضى منصور، القائمة على التهديد بالانسحاب، للابتزاز ثمّ العودة للميدان.

وكانت قناة "بيراميدز" الرياضية المصرية قد قطعت إرسالها، مساء الثلاثاء الماضي، بعد ساعات من صدور قرار المجلس الأعلى للإعلام بوقف برنامج يقدّمه الإعلامي الرياضي مدحت شلبي، على شاشتها لمدة 15 يوماً. وهو القرار الذي اعتبرته المصادر الحكومية موجهاً ومقصوداً من الدولة لوقف التراشق الإعلامي لفترة تتيح التفاوض.

وقالت مصادر من داخل القناة إنّ الإدارة أبلغت موظفيها بقطع الإرسال، وبوقف إنتاج البرامج حتى إشعار آخر، مع تعهّد باستمرار صرف مستحقاتهم، وأنّ هذه الخطوة اتخذت احتجاجاً على منع شلبي من الظهور، وقرار المجلس الأعلى للإعلام بمنع ظهور مرتضى منصور في وسائل الإعلام.

وكان آل الشيخ قد أعلن الأسبوع الماضي سحب استثماراته من مصر والمتمثلة في امتلاكه نادي "بيراميدز" (الأسيوطي سابقاً) وقناة "بيراميدز" الرياضية، وذلك بعد أيام من تعرضه لهتافات ساخطة وسباب كثيف من قبل جمهور النادي الأهلي أثناء مباراته الماضية بربع نهائي دوري أبطال أفريقيا.

وتحوّل سباب آل الشيخ الذي ردّدته الجماهير إلى "ترند مصري" على مواقع التواصل الاجتماعي، ما اعتبره آل الشيخ هجوماً منظماً يقف وراءه بالمال والتنظيم عضوان أو ثلاثة من أعضاء مجلس إدارة النادي الأهلي، عرفوا منذ أشهر بمعارضتهم لتجربة آل الشيخ السابقة في الأهلي، وحاولوا التصدي لهجومه المستمرّ على النادي ورئيسه محمود الخطيب.

وتأتي هذه المستجدات بعد أيام قليلة من تفاوض آل الشيخ مع مدير شركة "إعلام المصريين" تامر مرسي لشراء حصة من أسهم الشركة تمكّنه من إدارتها مع استمرار مرسي ومساعديه فيها، وذلك في إطار التعاطي السعودي مع التوجّه الرسمي المصري للتخفيف من أعباء وسائل الإعلام المحلية المدارة حالياً بواسطة الصندوق الاستثماري "إيغل كابيتال" التابع للاستخبارات العامة، والذي تديره وزيرة الاستثمار السابقة داليا خورشيد.

وكان آل الشيخ، الذي دأب على استفزاز المصريين عبر تدويناته، خصوصاً في فترة كأس العالم الماضية، قد اتفق في إبريل/ نيسان الماضي مع الدائرة الخاصة بالسيسي وعلى رأسها عباس كامل، على تدشين شبكة بأموال سعودية لإنتاج محتوى ترفيهي سياسي رياضي مصري. وبالفعل، تمّ الاتفاق على ضمّ عدد من كبار الإعلاميين المصريين، وتمّ تقسيم الشبكة لقناة رياضية جديدة تابعة للنادي الذي امتلكه آل الشيخ حديثاً، مع الاكتفاء بشبكة "إم بي سي" كبوتقة للمحتوى السياسي من هذه الخطة، متعاقداً فيها مع الإعلامي عمرو أديب.

المساهمون