زيارة السيسي إلى روسيا: رسائل إقليمية ودولية

زيارة السيسي إلى روسيا: رسائل إقليمية ودولية

09 مايو 2015
السيسي يلبي دعوة بوتين لحضور احتفالات "النصر"(محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

لن تكون زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى روسيا للمشاركة في احتفالات الذكرى الـ70 لعيد النصر، التي بدأها أمس الجمعة، الأولى من نوعها منذ تولّيه الحكم العام الماضي، عقب إطاحة الرئيس المعزول محمد مرسي؛ إذ سبقتها زيارة في شهر أغسطس/آب الماضي.

غير أن هذه الزيارة تحمل دلالات كثيرة، في ضوء ما تشهده الساحة الإقليمية والدولية من تغيرات، ما قد يضع مصر في حرج مع بعض دول الخليج، واعتماد سياسة "اللعب على كل الوجوه"، بحسب مراقبين.

اقرأ أيضاً: مقاطعة أطلسية لـ"يوم النصر" الروسي

وتلقّى السيسي دعوة لحضور الاحتفالات من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأرجع المراقبون الحرج المصري من دول الخليج، إلى موقف مصر المتناغم مع روسيا، في عدد من القضايا الإقليمية، وفي مقدّمتها الموقف من النظام السوري الحالي برئاسة بشار الأسد.

ويدعم السيسي الخيار السلمي السياسي لحل الأزمة السورية، بدون أن يصرح علناً باستبعاد الأسد من هذا الحل، وهو موقف تعتبره دول الخليج، وتحديداً السعودية، غير مطروح في محادثاتها الدولية حول سورية.

وأعلنت دول الخليج أن الأسد لا يمكن أن يكون جزءاً من حلّ الأزمة السورية، وآخر تلك المواقف كان ما صرح به قادة الخليج في اجتماع القمة العربية في مدينة شرم الشيخ.

من جهة ثانية، يرى مراقبون أن زيارة السيسي إلى موسكو تحمل رسائل للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، خصوصاً عقب توتر العلاقات بين الطرفين على خلفية أزمة أوكرانيا، ودعم النظام السوري وإيران، وأن السيسي يحاول من خلالها الضغط على أوروبا والولايات المتحدة، بشأن تعديل الموقف من مصر، وغض الطرف عن الوضع الحقوقي السيئ، وتزايد القتل والاعتقالات لمعارضي النظام الحالي.

وقالت مصادر دبلوماسية مصرية فضلت عدم ذكر اسمها لـ"العربي الجديد"، إن زيارة السيسي لروسيا لا تتعدى العلاقات العامة، كمجاملة لبوتين في ذكرى احتفالات النصر، لكنها تحمل رسالة قوية عن عمق العلاقات بين الدولتين.

وأضافت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن "العلاقات المصرية الروسية شهدت تحسناً ملحوظاً مع قدوم السيسي إلى الحكم. وفي الجهة المقابلة، تشهد علاقات الرجل مع دول الخليج تطوراً موازياً، وهنا يمكن القول إن الرئيس المصري يحاول اللعب على كل الوجوه".

وأضافت أن "السيسي يظن أنه من خلال اتخاذ مسافة واحدة حيال كل من روسيا والولايات المتحدة، إنما يؤسس لزعامته في المنطقة، ولكن في النهاية لا بد له من اتخاذ موقف أقرب إلى سياسات الدولة وانحيازاتها في القضايا الإقليمية".

وأكدت أن "سياسة السيسي تتسم بالازدواجية. يشارك في "عاصفة الحزم"، حتى ولو بشكل رمزي، في محاولة لإرضاء دول الخليج وتحديداً السعودية، ومن جهة ثانية، يتمتع بعلاقات قوية مع روسيا التي تدعم إيران، الداعم الأساسي لجماعة الحوثيين باليمن".

وحذر الدبلوماسي "من غضب خليجي على الرجل الذي يسوّق لنفسه على أنه مفتاح الحل في المنطقة بأسْرها، بحكم علاقاته مع الطرفين، ولكن في لحظة معيّنة يمكن أن يخسر الدعم الخليجي له".

ولفت إلى أن مؤسسة الرئاسة تبتّ بشأن العديد من القضايا الخارجية، بدون العودة إلى وزارة الخارجية، وهو ما يتسبب بحرج وضيق داخل الأخيرة.

بدوره، يقول الخبير السياسي محمد عز إن "علاقات السيسي الخارجية تتسم بعدم الوضوح والتناقض. وصحيح أن العلاقات الخارجية لا بد من أن تتسم بالتوازن، لكن ما يقوم به السيسي لا يفسر في إطار هذا التوازن المعروف في العلاقات الخارجية".

وأضاف عز لـ"العربي الجديد"، أن العلاقات الروسية المصرية لا تقلق دول الخليج إذا كانت في صورتها الطبيعية، أي أن تتناول التعاون الاقتصادي والعسكري وما إلى ذلك. وما يقلق الخليج أن تتسق رؤية السيسي وبوتين حول قضايا المنطقة، هذا ما قد يسبب أزمة مع دول الخليج".

وأشار إلى أنّ "زيارة السيسي الحالية لروسيا ليست لبحث قضايا تهم البلدين بقدر ما هي رسائل سياسية إقليمية ودولية"، موضحاً أن أولى تلك الرسائل إلى الولايات المتحدة بالانحياز إلى روسيا، ولكن هذا يتناقض مع طلب الرجل الدعم الأميركي له.

وحول تأثر علاقات السيسي مع دول الخليج، أكد أن العلاقات تأثرت ولكن لن تصل إلى درجة القطيعة مثلا، لوجود مصالح استراتيجية، ولكن السؤال إلى أي حد يمكن أن تتحمل السعودية على وجه التحديد تبنّي السيسي الرؤية الروسية لأزمات المنطقة؟

وأضاف أن محاولات السيسي اتخاذ مواقف متباينة حول السياسة الخارجية المصرية، التي لم تتبلور معالمها أو توجهاتها حتى الآن، تؤكد أن "مصر الآن تابع للإرادة السياسية الحالية دون رؤية أو دراسة".

 وزيارة السيسي إلى روسيا هي الثالثة، الأولى حينما كان وزيرا للدفاع في فبراير/شباط 2014، والثانية في سوتشي في أغسطس/آب 2014، فيما زار الرئيس الروسي القاهرة،  في 8 و9 فبراير/شباط 2015.

وفي موقف يعكس قوة علاقات السيسي وبوتين، ورفْض السعودية لهذا الأمر، اعترض وزير الخارجية السعودي السابق الأمير سعود الفيصل على  قراءة رسالة من رسالة الرئيس الروسي للقمة العربية الأخيرة.

وقطع الفيصل حديث السيسي، حينما أراد قراءة رسالة بوتين خلال أعمال القمة العربية في شرم الشيخ، وقال "روسيا سلّحت النظام السوري الذي يفتك بشعبه، وهذا النظام فقد شرعيته، وروسيا تتحمل مسؤولية كبيرة في مصاب الشعب السوري". قبل أن يضيف أن "روسيا تقترح حلولا سلمية وهي مستمرة بتسليح النظام السوري".

وكان بوتين قد قال في رسالته "روسيا تقف إلى جانب الشعوب العربية من دون أي تدخل خارجي، ونستنكر الأعمال الإجرامية للجماعات الإرهابية، ويجب تسوية الأزمات في سورية وليبيا واليمن على أسس القانون الدولي".