قوات النظام تتخلى عن "قسد" بمواجهة تركيا

قوات النظام تتخلى عن "قسد" بمواجهة تركيا

10 نوفمبر 2019
شنّ الطيران 80 غارة خلال يومين (عزالدين إدلبي/الأناضول)
+ الخط -


يواصل الروس والنظام السوري التصعيد في الشمال الغربي من البلاد، مع التركيز على تلّة الكبينة الاستراتيجية في ريف اللاذقية الشمالي، التي استعصت على قوات النظام. في هذا الوقت، لا يزال الشمال الشرقي من البلاد يشهد تطورات، من شأنها نقل الصراع إلى مستويات خطرة، حيث اصطدمت قوات النظام، التي تواصل انتشارها في ريف الحسكة، مع قوات تركية وفصائل تابعة للمعارضة. لكن مصادر مقربة من "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) أكدت أن قوات النظام انسحبت بعد مقتل وإصابة بعض عناصرها، في وقت تتبادل فيه تركيا و"قسد" الاتهامات بخرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم بين واشنطن وأنقرة في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وقتلت طفلة وجُرح مدنيون، أمس السبت، بقصف للطيران الحربي الروسي بالصواريخ على قرية درنبة في ريف إدلب، في سياق تصعيد عسكري من قبل الروس والنظام على الشمال الغربي من سورية بدأ قبل أيام. وقالت مصادر من الدفاع المدني السوري، لـ"العربي الجديد"، إن الطيران الحربي الروسي والتابع للنظام شنّا، منذ صباح الجمعة الماضي وحتى صباح أمس السبت، أكثر من 80 غارة، طاولت أكثر من 15 بلدة وقرية ومدينة في المنطقة. وطاول القصف، بحسب المصادر، مناطق في سرمين والنيرب وكفرنبل والرامي وكفرسجنة وحاس ومعرة النعمان ومعرحرمة والمشيرفة ومرديخ وسراقب والدار الكبيرة وكفرشلايا وحزارين ومنطقة الشيخ سلمان وركايا سجنة، بالإضافة إلى جسر الشغور والزعينية وبداما في ريف إدلب، ومحور الكبينة في جبل الأكراد في ريف اللاذقية. ومن الواضح أن النظام يركز في القصف على محور الكبينة في ريف اللاذقية، الذي استعصى على قواته منذ بدء التصعيد أواخر إبريل/نيسان الماضي.

وذكرت "شبكة إباء"، الناطقة باسم "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، أن "قوات النظام والمليشيات الموالية لها شنّت منتصف ليلة الجمعة - السبت، هجوماً جديداً على محور الكبينة، في محاولة للسيطرة على التلال، بيد أن تحرير الشام تصدت لذاك الهجوم، وقتلت أربعة عناصر وجرحت سبعة آخرين". وتضمّ منطقة الكبينة في جبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي تلالاً استراتيجية عدة، يستميت النظام وحلفاؤه الروس لانتزاع السيطرة عليها، لكونها بوابة منطقة جسر الشغور في ريف إدلب الغربي، التي تُعَدّ الهدف الكبير للنظام. كذلك تكتسب الكبينة أهميتها من كونها تقع على أعلى قمة مطلة على جسر الشغور وسهل الغاب وبداما والناجية والشغر والجانودية وغيرها من المناطق، وصولاً إلى جبل الزاوية في محافظة إدلب. وكان قيادي في الجيش السوري الحر قد أوضح أن "الكبينة منطقة جبلية ومرتفعة، ويمكن أعداداً قليلة من المقاتلين فيها الصمود والمواجهة وصد أي تقدم أو محاولة تسلل من قبل مليشيات النظام".

وفي الشمال الشرقي من سورية، تجددت الاشتباكات، أمس السبت، بين "الجيش الوطني السوري"، المدعوم من الجيش التركي، و"قوات سورية الديمقراطية" المدعومة بقوات النظام في ريف الحسكة. وقالت مصادر من "الجيش الوطني السوري"، لـ"العربي الجديد"، إن معارك اندلعت مع "قسد" المدعومة بقوات النظام على محاور قرى الداودية والعريشة والقاسمية في ناحية تل تمر بريف الحسكة، إثر هجوم على تلك القرى بهدف طرد "قوات سورية الديمقراطية" منها. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن فصائل من المعارضة السورية شنت هجوماً على قرية تل شعير الواقعة بين تل تمر وأبو رأسين (زركان)، مشيراً إلى أن اشتباكات عنيفة تدور بين مقاتلي هذه الفصائل و"قسد". وأشار إلى أن المدفعية التركية استهدفت مواقع لقوات النظام في المنطقة، ما أدى إلى سقوط جرحى بينها.




من جهتها، أكدت وكالة "سانا" التابعة للنظام وقوع اشتباكات، وصفتها بـ"العنيفة"، بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين قوات النظام وقوات تركية وفصائل تابعة للمعارضة السورية في قرية أم شعيفة بريف رأس العين شمال غربي الحسكة. لكن المرصد السوري أكد أن "قوات النظام انسحبت من أم شعيفة والداودية والقاسمية والدردارة والعريشة ومواقع أخرى"، مشيراً إلى أن قوات النظام "تركت قسد وحيدة في صد الهجوم العنيف الذي يأتي بإسناد بري مكثف بعشرات القذائف والصواريخ من قبل القوات التركية، بالإضافة إلى تحليق لطائرات مسيرة تركية في سماء المنطقة واستهدافها لمحاور القتال". وأشار المرصد إلى "أن عملية انسحاب قوات النظام جاءت بعد مقتل وجرح عدد من عناصرها بالقصف"، مضيفاً: "على الرغم من امتلاكها (قوات النظام) لأسلحة ثقيلة، إلا أنها لم تشارك في صد الهجوم، بل على العكس انسحبت، وهو ما تفعله في كل هجوم عنيف للفصائل الموالية لأنقرة على المنطقة".

إلى ذلك، اتهمت "قسد"، التي تمثل "الوحدات" الكردية عمودها الفقري، تركيا بـ"احتلال" 1100 كيلومتر مربع من الأراضي، تضم 56 قرية، بالإضافة إلى "العديد من المزارع والقصبات في كل من شمال بلدة عين عيسى وشرق مدينة (عين العرب) كوباني وشرق رأس العين وشمال غرب تل تمر منذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم بين الولايات المتحدة الأميركية وتركيا في 17 أكتوبر الماضي". وكشفت، في بيان، "مقتل 182 عنصراً منها، وجرح 242، منذ الاتفاق، بالإضافة إلى نزوح 30 ألف مدني من مناطقهم". وأضافت: "أطلقت الدولة التركية والفصائل المسلحة 108 هجمات برية منذ وقف إطلاق النار، وقصفت طائراتها من دون طيار 82 موقعاً، بينما قصفت المدفعية الثقيلة 110 مواقع أخرى خارج منطقة العمليات العسكرية المتفق عليها". وقالت "قسد" إن الدولة التركية وفصائلها المسلحة "تحاول تضليل الرأي العام من خلال الأكاذيب والترويج لها بأنها ملتزمة وقف إطلاق النار، في الوقت الذي يستمر فيه جيشها باحتلال المزيد من الأراضي السورية"، مضيفة: "كيف لجهة تدعي التزامها وقف إطلاق النار أن تمضي في التوسع وترتكب المجازر وتشرد وتهجر المدنيين؟".

من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع التركية، أمس السبت، تنفيذ عناصر "الوحدات" الكردية 8 هجمات وتحرشات في منطقة العملية التركية في شمال شرقي سورية خلال الساعات الـ 24 الأخيرة، مؤكدة "التزام القوات المسلحة التركية الاتفاقات الحالية حيال إنشاء ممر سلام"، موضحة أن "الهجمات والتحرشات نفذت عبر قذائف هاون وصاروخية وقناصة". إلى ذلك، ذكرت وكالة "الاناضول" التركية أن القوات الأميركية انسحبت، منذ انطلاق العملية العسكرية، من 16 قاعدة ونقطة عسكرية من بين 22 قاعدة في شرق الفرات. وأشارت إلى أن القوات الأميركية انسحبت من قواعد ونقاط تل البيدر وصوامح صباح الخير والوزير في الحسكة، والطبقة وحاوي الهوا وجزرا ومعمل السكر وعين عيسى في الرقة، وخراب العشق والجلبية والسبت ومشتى نور وصرين في عين العرب، بالإضافة إلى السعيدية والدادات والصوامح في منبج. لكن الوكالة أكدت أن القوات الأميركية عادت إلى 6 قواعد ونقاط عسكرية كانت قد أخلتها في أثناء العملية التركية التي كانت قد بدأت في 9 أكتوبر الماضي.