أجواء سلبية تخيم على زيارة وزير الخارجية الألماني لإيران

ظريف يهدّد بمواصلة تقليص الالتزامات النووية... وماس لا يعده بـ"معجزة"

طهران

العربي الجديد

العربي الجديد
10 يونيو 2019
+ الخط -
التقى وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، اليوم الإثنين، نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، وسط أجواء سلبية خيمت على زيارته إلى طهران، على خلفية "التقاعس الأوروبي" عن تنفيذ التعهدات بموجب الاتفاق النووي من جهة، والانتقادات الأوروبية الأخيرة لبرنامج إيران الصاروخي ودورها الإقليمي من جهة أخرى، ما قابلته طهران بشنّ هجوم حاد على السياسات الأوروبية تجاه الاتفاق النووي والمنطقة، داعية الاتحاد الأوروبي إلى "الكف عن طرح مواضيع خارج إطار هذا الاتفاق".

واتضح من تصريحات ظريف وماس، خلال مؤتمرهما الصحافي المشترك، أنهما خلال مباحثاتهما تناولا مواضيع عدة، في مقدمتها الاتفاق النووي، والتوترات في المنطقة، خصوصا بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، وقضايا إقليمية، مثل القضية الفلسطينية و"صفقة القرن" والحرب في اليمن، وأوضاع سورية.

ووصف وزير الخارجية الإيراني مباحثاته مع نظيره الألماني بأنها "كانت جادة وصريحة للغاية"، قائلا إنه تحدّث بإسهاب عن موضوع الاتفاق النووي، وضرورة قيام شركائه الأوروبيين بتعهداتهم، والإجراءات التي أعلنت عنها إيران خلال الشهر الماضي، وقلصت بموجبها تعهدات نووية على مرحلتين.

واعتبر ظريف أن هذه القرارات "مشروعة وقانونية بموجب بنود الاتفاق النووي"، مهدّدا بأن طهران ستمضي في تنفيذ هذه القرارات المرحلية التي دخلت مرحلتها الأولى حيز التنفيذ أخيرا، على أن تبدأ المرحلة الثانية بعد انتهاء مهلة الستين يوما، التي منحتها إيران للشركاء الأوروبيين والصين وروسيا، في الثامن من الشهر الماضي.

وأعرب ظريف عن أمله في أن تنجح مساعي الترويكا الأوروبية، بما فيها ألمانيا، في الإبقاء على خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، من خلال تنفيذ تعهداتها تجاهه، مؤكدا في الوقت نفسه استعداد إيران للتعاون مع الأوروبيين للحفاظ على هذا الاتفاق.

وتابع ظريف أن بلاده "تريد تنفيذ الاتفاق النووي فحسب"، مشيرا إلى بنود الاتفاق وملحقاته، وكذلك بيانات اللجنة المشتركة للاتفاق النووي، التي تؤكد ضرورة تمكين إيران من تحصيل منافعها بموجب هذا الاتفاق.

من جهته، وفيما يتعلق بالموقف الأوروبي من هذا الاتفاق، أكد وزير الخارجية الألماني، في المؤتمر الصحافي، أن "موقف الدول الأوروبية الثلاث هو الحفاظ على الاتفاق النووي ودعمه ومواصلة تنفيذ تعهداتنا"، لكنه قال في الوقت نفسه، إنه "لا يمكننا أن نصنع معجزة، لكننا نريد أن نفي بالتزاماتنا".

ولفت إلى أن طهران "خسرت كثيرا من حقوقها بفعل انسحاب واشنطن" من الاتفاق النووي، في الثامن من أيار/مايو 2018، مؤكدا أنها "تسعى إلى تنفيذ التزاماتها بموجب هذا الاتفاق".

كما أكد ماس، في الوقت عينه، أنه "لن نقبل بالتخلي عن الاتفاق النووي وسنظل متمسكين به، حتى وإن وجّه طرف اتهاما لآخر بعدم احترامه"، وذلك في إشارة غير مباشرة إلى اتهامات إيرانية للأوروبيين بعدم تنفيذ تعهداتهم الواردة في الاتفاق.

وأضاف ماس أن بلاده تدعم الحفاظ على الاتفاق النووي، باعتباره "اتفاقا مناسبا وجيدا"، موضحا "أننا نسعى إلى أن تتمكن إيران من الحصول على حقوقها بموجب هذا الاتفاق".

وأكد أنه نقل، خلال "مباحثاته المطولة" مع ظريف، رؤية الدول الأوروبية الثلاث (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) حول طريقة الحفاظ على الاتفاق النووي، من دون أن يكشف عنها.

كما أشار ماس إلى الآلية المالية الأوروبية "إينستكس"، التي أسستها الترويكا الأوروبية، خلال يناير/كانون الثاني الماضي، قائلا إن الترويكا الأوروبية "تسعى إلى تفعيل هذه القناة المالية وتمكين الشركات الأوروبية من البقاء في إيران".

وشدّد وزير الخارجية الألماني على وجود رغبة لدى أوروبا في مواصلة التبادل التجاري مع إيران من خلال آلية "إينستكس"، وهي آلية لم تفعّل بعد، مما دفع الجانب الإيراني إلى القول إنه لا يعوّل عليها للحفاظ على الاتفاق النووي.

وعلى صعيد آخر، أعلن وزير الخارجية الإيراني رفض بلاده مناقشة "أي مواضيع خارج إطار الاتفاق النووي"، في إشارة إلى دعوات أميركية وأوروبية للتفاوض حول برنامج إيران الصاروخي ونفوذها الإقليمي.

وتساءل ظريف: "هل تم تنفيذ الاتفاق النووي الذي هو حصيلة عامين من المفاوضات المضغوطة و12 عاما من العمل الدبلوماسي حتى ينتظروا أن نتفاوض حول قضايا أخرى؟"، قائلا إن "على الأوروبيين أن يثبتوا جدوى الاتفاق مع أميركا أولا، ومن ثم يطالبون بالحوار حول اتفاق آخر".

كما دعا ظريف الدول الأوروبية إلى تنفيذ الاتفاق النووي "باعتباره اتفاقا دوليا، قبل أن تطرح مواضيع ومقترحات أخرى".


وفي تعليقه على اتهامات لبلاده بزعزعة الأمن والاستقرار الإقليميين، تساءل ظريف "هل كنا من دعم القاعدة؟ هل نحن اعتقلنا رئيس الوزراء اللبناني؟ هل نحن نقتل المدنيين يوميا في اليمن؟ هل نحن قمنا باحتلال القدس والجولان؟ هل نحن نمس استقرار ليبيا والسودان".

وفيما اعتبر وزير الخارجية الألماني، بدوره، أن ارتفاع وتيرة التوترات في الشرق الأوسط من شأنها أن تخرج عن السيطرة وتؤدي إلى مواجهة عسكرية، قال نظيره الإيراني إن بلاده "لم ولن تبدأ أي حرب، ولن نسمح بأن يهددنا أحد".

وأضاف ظريف أن من يريد الحرب مع إيران "عليه أن يتحمل النتائج، لأن من يبدأ بها ليس هو الذي ينهيها، وسنردّ بكل حزم وبصرامة".

ووصف الحوارات بين طهران وبرلين بأنها "كانت جيدة" لتخفيف حدة الاحتقان في المنطقة، داعيا إلى حوار إقليمي بين القوى الإقليمية لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة، وقال إن الاتحاد الأوروبي "يمكن أن يكون له دور في تخفيف هذه التوترات".
وقال ظريف إن بلاده هي التي طرحت "فكرة الحوار الإقليمي وتدعمها"، لكنه اعتبر أن "السبيل الوحيد لتخفيف التوترات في المنطقة هو وقف الحرب الاقتصادية على إيران"، مضيفا "لا يمكن أن تكون هناك حرب اقتصادية ضد شعب، وأن يكون من أشعلها ويدعمها في أمن وأمان".

وبدوره، دعا وزير الخارجية الألماني، دول المنطقة، إلى الحوار بينها، قائلا "ينبغي على هذه الدول أن تتحاور لإزالة التوترات، ونحن سندعم هذه الحوارات".


كما اعتبر ظريف، من جانبه، أن "أساس مشاكل الشرق الأوسط يعود إلى السياسات العدوانية للكيان الصهيوني، والدعم الأميركي اللامحدود لها"، قائلا إن واشنطن قامت بنقض جميع الأعراف والقوانين الدولية، من خلال الاعترفت باحتلال القدس والجولان، ودعمها للسياسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني.

وأضاف أن "مشكلة منطقتنا أن أميركا تريد، من خلال ارتكابها جريمة جديدة تعرف باسم صفقة القرن، تضييع الحقوق الفلسطينية".​

ذات صلة

الصورة

سياسة

يعتزم مجلس النواب الأميركي التصويت على مجموعة من العقوبات على إيران بعد الهجوم الذي شنّته على إسرائيل ليل السبت، فيما سيحاول تمرير مساعدات عسكرية لإسرائيل.
الصورة

سياسة

مُنع وزير المال اليوناني الأسبق يانيس فاروفاكيس من دخول ألمانيا لحضور مؤتمر مؤيد للفلسطينيين في برلين
الصورة
مظاهرة في برلين بعد منع مؤتمر فلسطين 13 إبريل 2024

سياسة

خرجت مظاهرة، ظهر السبت، في برلين احتجاجاً على قيام الشرطة الألمانيّة بمنع انعقاد مؤتمر فلسطين، أمس الجمعة، إضافة لمنع الطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة
الصورة

سياسة

كشفت وكالة بلومبيرغ الأميركية أن المعلومات الاستخبارية التي حصلت عليها الولايات المتحدة تفيد بأن الرد الإيراني المرتقب أصبح وشيكاً جداً.