3 انتخابات أفريقية اليوم تُلخّص مآزق القارة السمراء

3 انتخابات أفريقية اليوم تُلخّص مآزق القارة السمراء

20 مارس 2016
تُنذر انتخابات النيجر والكونغو بأزمات أمنية (إيسوف سانوغو/فرانس برس)
+ الخط -

يشهد اليوم الأحد، انتخابات حاسمة في ثلاث دول أفريقية، هي بنين والكونغو والنيجر، وتعكس هذه الانتخابات مآزق نموذج الحكم الأفريقي في شكله الديكتاتوري من جهة، وتطلعاته لبناء مؤسسات ديمقراطية من جهة أخرى. وعدا بنين التي من المتوقع أن يمر اقتراعها في أجواء هادئة وشفافة، إلا أن الاقتراع في الكونغو والنيجر، قد يعود بالبلدين إلى مرحلة الاضطرابات السياسية والأمنية، مع اصرار رئيسيهما الحاليين، على احتكار السلطة بشتى الوسائل.

في بنين، يكتسي اقتراع اليوم أهمية قصوى، لكونه سيؤسس لتداول ديمقراطي للسلطة، بعد أن اختار الرئيس الحالي بوني يايي، الذي شغل منصب الرئاسة منذ عام 2006، الانسحاب والتقاعد. وفي الدورة الثانية من الانتخابات في بنين، تستعر المنافسة بين رئيس الوزراء السابق ليونيل زينسو، والمرشح المستقل باتريس تالون. وكان زينسو قد حصل في الدورة الأولى من الانتخابات التي خاضها 33 مرشحاً من كل الأطياف السياسية، على 28.4 في المئة من الأصوات، في حين حصل تالون على نسبة 24.8 في المئة.

وقد تقارع الثنائي، الثلاثاء الماضي، في مناظرة تلفزيونية وإذاعية، في سابقة هي الأولى في تاريخ البلاد. وخاض المتنافسان نقاشاً سياسياً اتسم بالود، من دون تلاسن شعبوي، وهو ما عكس مستوى النضج السياسي الذي تشهده بنين في العقدين الأخيرين.

وتعهّد زينسو بتوفير فرص عمل جديدة والاستثمار في القطاع الزراعي وزيادة المساعدات الاجتماعية، بينما تعهّد تالون، وهو مليونير يتربع على عرش زراعة القطن، بالنهوض بقطاع الخدمات العامة، الذي يعرف تدهوراً كبيراً. ويحاول زينسو وتالون استمالة حوالي 4.6 ملايين بنيني، يحقّ لهم التصويت، من أصل 11 مليون نسمة. ووفقاً لآخر احصائيات البنك الدولي، فإن حوالي 30 في المائة من السكان، يعيشون تحت عتبة الفقر في هذا البلد الذي تُشكّل فيه زراعة القطن عماد الاقتصاد الوطني.

اقرأ أيضاً: الجوع يهدد مليوني شخص في النيجر

في الكونغو، التي يحكمها الرئيس الحالي دينيس ساسو أنغيسو منذ 32 عاماً، لا يبدو أن هذه الانتخابات ستحمل أي تغيير في المشهد السياسي. وكل المؤشرات تدلّ على أن أنغيسو يتجه نحو الفوز في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية، لكسب ولاية رئاسية ثالثة، في مواجهة منافسه الأبرز، الجنرال السابق جان ماري مايكل موكوكو (69 عاماً)، الذي لا يُشكّل ترشحه تهديداً جدياً للرئيس الحالي.

ويُجمع المتخصصون في الشأن الأفريقي، على أن الانتخابات ستشهد تزويراً واسع النطاق، واستعمالاً مفرطاً للمال لاستمالة الناخبين. وكان الاتحاد الأوروبي قد قرر عدم إرسال بعثة لمراقبة هذه الانتخابات، لكون التعديل الدستوري الأخير الذي فرضه أنغيسو، وصادق عليه 92 في المئة من الناخبين، بعد مقاطعة المعارضة، لا يضمن شفافية الاقتراع. وضمن هذا التعديل الذي تم إجراؤه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إمكانية ترشح أنغيسو لولاية ثالثة، في حين كان الدستور السابق يحصر الحكم في ولايتين رئاسيتين فقط.

بالتالي يُشكل نموذج الكونغو نموذجاً لمأساة الحكم الديكتاتوري في أفريقيا، ذلك أن أنغيسو، الذي يبلغ الـ72 من العمر، يرفض بشدة أن يتنازل عن السلطة، وقد شهد حكمه منذ ثلاثة عقود، اضطرابات دموية، قمعها بالحديد والنار، رغم احتجاجات الأسرة الدولية والجيران الأفارقة في بوركينا فاسو وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

في النيجر، تُنذر الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية باندلاع أزمة سياسية جديدة في البلاد، بسبب إصرار الرئيس المنتهية ولايته محمدو إيسوفو على البقاء في الحكم، والفوز بولاية رئاسية جديدة تدوم 5 سنوات رغم أنف المعارضة. وبعد حملة انتخابية في غاية التوتر، تخللها إعلان الرئيس عن إفشال محاولة انقلابية، واعتقال ناشطين معارضين، دعت أحزاب المعارضة المنضوية ضمن ائتلاف "التحالف من أجل التناوب في 2016"، يوم الخميس، إلى مقاطعة الانتخابات، معلنة أنها لن تعترف بنتائجها، بعد أن زُجّ بمرشحها رئيس البرلمان السابق حاما أمادو في السجن، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، على خلفية اتهامه في قضية الاتجار بالأطفال الرُضّع.

وسيتابع أمادو هذا الاقتراع من المستشفى الأميركي في باريس، الذي نُقل إليه الشهر الماضي، بعد أن تدهورت حالته الصحية في السجن. وتعتبر المعارضة أن تهمة الاتجار بالرضع كانت فخاً أعدّه إيسوفو، للتخلّص من أمادو، الذي كان يشكّل له تهديداً حقيقياً، رغم أنه لم يحصل سوى على 18 في المائة من الأصوات في الدورة الأولى من الانتخابات، التي أُجريت في 21 فبراير/شباط الماضي.

ومن المتوقع أن يفتح فوز إيسوفو بولاية ثانية، الباب أمام أزمة سياسية خطيرة، باعتبار أن المعارضة لن تعترف بشرعية الرئيس. ورغم دعوتها إلى مقاطعة الاقتراع وسحب ممثليها من مكاتب الاقتراع، إلا أن المعارضة أبقت على ترشيح أمادو بشكل رمزي، وطالبت الأسرة الدولية بالتدخل لفرض مرحلة انتقالية والدعوة لانتخابات جديدة.

ومن المعروف أن إيسوفو مقرّب من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، الذي يعتبره حلقة أساسية في الحرب الفرنسية على التنظيمات الجهادية في منطقة الساحل. وتغضّ فرنسا الطرف عن دكيتاتورية إيسوفو، لكونه ضمانة قوية للحضور الفرنسي في بلاده وهذا ما عكسه تجديده لعقد التعاون بين النيجر وشركة "أريفا" الفرنسية، العاملة في مناجم اليورانيوم في النيجر منذ عقود، ما يوفر لفرنسا 35 في المائة من احتياجاتها من الطاقة النووية.

اقرأ أيضاً الأمم المتحدة: زيادة ملحوظة لجرائم قوات حفظ السلام الجنسية

المساهمون