المعارك تحتدم داخل الأزقة القديمة للموصل

المعارك تحتدم داخل الأزقة القديمة للموصل

11 مارس 2017
جندي عراقي في معارك الموصل (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

من المقرر أن تبدأ، اليوم السبت، عملية نصب الجسور العائمة على نهر دجلة في الموصل، تمهيداً لعبور أولى الوحدات العراقية الخاصة مدعومة بالطيران الأميركي، للسيطرة على ضفاف النهر من الجانب الغربي من المدينة، وذلك بالتزامن مع بدء قوات الجيش بالتقدم نحو الموصل القديمة التي تضم المنارة والجامع التاريخي للمدينة، ما يعني أن مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) باتوا في مربع صغير لا يتجاوز 12 كيلومتراً، ومحاطين من كل جانب.

في غضون ذلك، توالت عمليات إلقاء المنشورات في سماء الأحياء التي يسيطر عليها التنظيم، مطالبة عناصره بالاستسلام، في مؤشر على أن المعركة دخلت فعلاً فصولها الأخيرة. أما "داعش"، فسعى إلى تحويل أجساد المدنيين كدروع بشرية، رافضاً مغادرتهم باتجاه القوات العراقية، بل قتلهم بتهمة ما يسميه (التوجه إلى ديار الكفر). ونجح بعض السكان في الفرار من قبضة التنظيم إلى مناطق تسيطر عليها قوات الأمن العراقية المشتركة. في هذا الصدد، قال أحدهم لـ"العربي الجديد"، إنه "اختار الفرار مع زوجته وأطفاله، لأن معدل نجاته أعلى من البقاء في مناطق داعش، بسبب الموت بالقصف أو الجوع".

خلال ذلك تمكنت القوات العراقية المؤلفة من جهاز مكافحة الإرهاب وقوات الشرطة الاتحادية وقوات التدخل السريع وقوات الجيش العراقي، وبدعم بري وجوي من قوات التحالف الدولي، من فرض سيطرتها على مزيد من المناطق في الجانب الغربي من مدينة الموصل. وذكر العقيد منتظر التميمي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "قوات جهاز مكافحة الإرهاب تمكنت من السيطرة على حيي العكيدات والنبي شيت، وسط الموصل، بعد أن تمكنت قوات الجهاز من اقتحام الحيين قبل خمسة أيام". وأضاف أن "قوات مكافحة الإرهاب خاضت معارك عنيفة مع عناصر داعش لمدة خمسة أيام، انتهت بانسحاب مقاتلي التنظيم من الحي بعد خسارته للعشرات من عناصره".

ولفت التميمي إلى أن "معظم عناصر داعش الذين يواصلون التصدي لتقدم القوات الأمنية في غرب الموصل هم من الانتحاريين. وقد وجدنا أن أغلبهم يرتدون أحزمة ناسفة يقومون بتفجيرها بعد نفاد ما بحوزتهم من ذخيرة". وعلمت "العربي الجديد"، أن "عناصر داعش المتواجدين حالياً في غرب الموصل جددوا بيعة الموت لزعيم تنظيم داعش أبي بكر البغدادي، وهو ما يعني مواصلتهم القتال حتى الموت ورفض فكرة الانسحاب من أرض المعركة".



بدوره، أكد ضابط رفيع في قيادة عمليات نينوى لـ"العربي الجديد"، أن "تقارير استخبارية حصلت عليها القوات الأمنية تشير إلى أن أغلب مقاتلي تنظيم داعش المتواجدين في غرب الموصل هم من الانتحاريين، ومعظمهم من جنسيات غير عراقية". وباستعادة القوات العراقية لمناطق العكيدات والنبي شيت، تكون قد أحكمت سيطرتها على كامل الأحياء الجنوبية للجانب الغربي للموصل، وتستعد حالياً للهجوم على مناطق وسط غربي الموصل التي تضم منطقة الموصل القديمة.

ويتعين على القوات العراقية اقتحام أحياء الموصل القديمة التي يصل عمر بعضها لأكثر من 3 قرون، في الأيام القليلة المقبلة. وهي أزقة ضيقة وأنفاق قديمة ومعالم أثرية مهمة. والأهم فيها هو احتواؤها على تكتلات بشرية كبيرة، غالبيتهم من معدمي الحال، الذين اضطروا للبقاء في أول أيام سيطرة "داعش" على المدينة، لعدم امتلاكهم المال للنزوح ومن ثم تم منعهم بشكل إجباري من الخروج إلى مراكز النزوح التي شيدتها الحكومة.

من جهته، ذكر العقيد طالب الطائي أن "القوات العراقية قد لا تستخدم السلاح الثقيل، حفاظاً على أرواح السكان هناك". وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "التنظيم يستخدمهم ورقة ضغط علينا"، في إشارة للمدنيين. وتابع "لكن لا بد من الاقتحام، لذا فإنه من المرجح أن نتأخر في حسم المعركة هناك".

أما في المحور الشمالي الغربي لمدينة الموصل، فقد واصلت القوات العراقية فرض سيطرتها على القرى والنواحي الواقعة شمال غرب المدينة. وأعلن مصدر عسكري في قيادة عمليات نينوى لـ"العربي الجديد"، أن "قوات الفرقة السادسة عشرة التابعة للجيش وقوات الحشد الشعبي، تمكنت من السيطرة على قرية علملوك، شرق منطقة بادوش".

أما القيادي في مليشيا "الحشد الشعبي"، زعيم مليشيا "بدر" هادي العامري، فذكر في تصريحات صحافية، أن "قوات عسكرية عراقية وأخرى تابعة لقوات الحشد الشعبي، قد انطلقت لتنفيذ صفحة جديدة من عمليات عسكرية بأطراف منطقة بادوش لاستعادتها من سيطرة تنظيم داعش". وأضاف العامري أن "هذه العمليات تهدف لإحكام السيطرة على منطقة بادوش، وحرمان داعش من مناطق تمثل طرق إمداد يستخدمها التنظيم للوصول إلى تلعفر ومنها إلى الحدود السورية، غرب محافظة نينوى". كما أعلن الإعلام الحربي التابع لـ"الحشد الشعبي"، أن "قوات الحشد الشعبي تمكنت من إحباط هجوم لتنظيم داعش استهدف قرية درناج، التي حررتها القوات الأمنية العراقية، غرب الموصل".

وحول الأوضاع الإنسانية في مدينة الموصل، أشار شهود عيان من مناطق غربي الموصل لـ"العربي الجديد"، إلى أن "نزوح العائلات ما زال مستمراً من المناطق التي تمكنت القوات العراقية من استعادتها أخيراً من سيطرة التنظيم".

ولفتوا إلى أن "عشرات من العائلات اضطرت للهرب من منازلها خوفاً من عمليات القصف المستمرة التي تمارسها القوات العراقية وعناصر داعش في هذه المواجهات، إضافة إلى القصف الجوي الذي تنفذه طائرات التحالف الدولي". وكانت وزارة الهجرة العراقية قد أعلنت في بيان، أن أعداد نازحي الموصل بدأت تقترب من 300 ألف نازح منذ انطلاق المعارك منتصف شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، من بينهم نحو 80 ألفاً من مناطق غربي الموصل.

المساهمون