الانتخابات الجزئية تكشف أزمة الأحزاب المغربية

الانتخابات الجزئية تكشف أزمة الأحزاب المغربية: غياب الثقة

28 سبتمبر 2017
فاز العدالة والتنمية في انتخابات تطوان (Getty)
+ الخط -


 

يعرف المغرب تنظيم انتخابات تشريعية جزئية في عدد من الدوائر الانتخابية في مناطق مختلفة، منها انتخابات تم إجراؤها في الأيام الماضية، مثل انتخابات مدينتي تطوان وسطات، ومنها انتخابات ستجرى في الأيام المقبلة.

وإذا كان حزب العدالة والتنمية قد فاز في الانتخابات الجزئية لمدينة تطوان، وحزب الأصالة والمعاصرة ظفر بمقعد برلماني في مدينة سطات، فإن التنافس سيكون بين هذين الحزبين مرة أخرى، مع مشاركة أحزاب أخرى في مدن أغادير وبني ملال ووجدة.

وتشارك أحزاب العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار والاستقلال في انتخابات مدينة وجدة في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فيما سيكون موعد الانتخابات الجزئية لمدينتي بني ملال وأغادير في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول القادم، بينما لم يتقرر بعد موعد الانتخابات الجزئية في سيدي إفني بعد أن ألغت المحكمة الدستورية مقعدي العدالة والتنمية وغريمه الأصالة والمعاصرة.

ويبدو أن العامل المشترك في هذه الانتخابات التشريعية الجزئية التي تشهدها المملكة، هو كونها اتسمت بمشاركة هزيلة جداً، إذ لم تصل النسبة في المشاركة في انتخابات تطوان وسطات 6 بالمائة، ويرتقب أن يتكرر نفس العزوف الانتخابي في اقتراع مدن بني ملال وأغادير ووجدة وسيدي إفني وغيرها.

وبالإضافة إلى المشاركة المتدنية في هذه الانتخابات الجزئية بالمغرب، يسجل مراقبون خفوت الحماسة والمواجهات الحزبية والسياسية، حيث إن المواطن العادي لا يكاد يلاحظ وجود مظاهر قوية ودالة لهذه الانتخابات التشريعية الجزئية.

واعتبرت أحزاب مغربية تشارك في هذه الانتخابات التشريعية بعد إلغاء مقاعدها لوجود اختلالات قضت بها المحكمة الدستورية، بأن نسبة المشاركة المتدنية مؤشر على عدم رضا الناخب عن الواقع السياسي الراهن، ما يدفعه نحو قرار العزوف.

ويعزو الدكتور محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة مراكش، في حديث لـ"العربي الجديد"، نسب المشاركة المتدنية التي تعرفها الانتخابات التشريعية الجزئية إلى ثلاثة محددات أساسية، الأول يتمثل في تمدد واتساع رقعة العازفين والمقاطعين للشأن الانتخابي بالمغرب، بحيث صار المواطن أكثر رفضا ونفورا تجاه كل ما يرتبط بالانتخابات.

والمحدد الثاني، بحسب الزهراوي، يرتبط بضعف العرض السياسي، لا سيما "أن برامج الأحزاب تتكرر وتتشابه بشكل يكاد يكون متطابقا"، أما الثالث فيرتبط بممارسات الأحزاب السياسية وطبيعة نخبها الحالية.

ويتابع: "جراء مجموعة من السلوكيات والتصرفات والمواقف الحزبية، أصبح المواطن المغربي ينظر إلى العمل السياسي ككل بنظرة سلبية أفقدت الأحزاب مصداقيتها وقدرتها على الاستقطاب والتأطير".

وذهب الزهراوي إلى أن تدني نسبة المشاركة في الانتخابات الجزئية ما هو إلا تحصيل حاصل للوضع السياسي العام، الذي أصبح يتسم على حد وصفه بالانتظارية والضبابية، "خاصة في ظل كثرة الأعطاب والاختلالات التي باتت تعتري الجسم الحزبي المغربي".

وبخصوص الحلول المتاحة، يرى الزهراوي أن معالجة هذه الإشكالية تمر عبر فتح نقاش عمومي لتحديد مكامن الخلل، ووضع تصورات عملية وموضوعية لتجاوز الوضع المتردي الراهن، والذي شكل موضوع خطاب العاهل المغربي، محمد السادس، بمناسبة عيد العرش الأخير.

وخلص المتحدث إلى أن "الكل يجمع على أن هناك خللا، ولكن الأحزاب ما زالت تقوم بإنتاج نفس الممارسات كأنها غير معنية بذلك، وتنتظر بدورها ما سيقع بشكل يثير أكثر من علامة استفهام، ويؤكد عجزها وعدم قدرتها على الفعل والمبادرة".