تركيا تفرض شروطها على قمّة اللاجئين وتربك الأوروبيين

تركيا تفرض شروطها على قمّة اللاجئين وتربك الأوروبيين

08 مارس 2016
الاقتراحات التركية بدّلت من سير التفاوض (جوناثان را/Getty)
+ الخط -
تتّجه الأنظار إلى القمة الأوروبية المقبلة في 17 ــ 18 مارس/آذار الحالي، للبت في شأن المقترحات التركية المفاجئة التي تقدم بها رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، يوم الاثنين، خلال القمة الأوروبية ـ التركية التي عُقدت في العاصمة البلجيكية بروكسل.

وبحسب الاقتراحات الجديدة، فإن أنقرة ستلتزم بإعادة استقبال جميع اللاجئين والمهاجرين الذين يصلون إلى الأراضي اليونانية، على أن يقوم الاتحاد الأوروبي باستقبال لاجئ سوري من المتواجدين على الأراضي التركية، مقابل كل شخص سوري تستقبله تركيا من اليونان، وذلك بشكل منتظم بعد تاريخ لم يتم الكشف عنه. بالتالي سيتم تخفيف العبء على اليونان وتركيا، وسيتم إيقاف الهجرة غير الشرعية عبر بحر إيجة، وتوجيه ضربة قاصمة لعمل عصابات التهريب.

كما طالبت أنقرة بأن يقوم الاتحاد الأوروبي بتقديم حزمة مساعدات مالية إضافية للاجئين المتواجدين على الأراضي التركية، تقدّر قيمتها بثلاثة مليارات يورو لغاية 2018، علاوة عن المبلغ الذي أقره الاتحاد في وقت سابق، بقيمة ثلاثة مليارات يورو، على أن يتم تسليمه في نهاية مارس/آذار الحالي. وأبدت تركيا رغبتها بتقديم موعد إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول إلى فضاء شينغن إلى يونيو/حزيران المقبل، بدل الموعد الذي تم الاتفاق عليه سابقاً، وهو أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وكذلك تسريع فتح ملفات جديدة في مسيرة انضمام تركيا للاتحاد. الأمر الذي وجدته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل صعباً في ظلّ فيتو قبرص، على عدم فتح مسألة انضمام تركيا للاتحاد قبل توقيع اتفاق سلام قبرصي يوحّد شطري الجزيرة. كما تم التوافق على التعاون بين أنقرة وبروكسل للعمل على ضمان أمن النازحين والمدنيين داخل سورية، وزيادة المساهمة الأوروبية في تقديم المساعدات للسوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام. وجاءت الاقتراحات بفعل تعثّر الاتفاق السابق، الموقّع في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بين تركيا والاتحاد الأوروبي، عقب اجتماع مغلق استمر حوالي الساعتين، في مقرّ الاتحاد.

وعلى الرغم من الاتفاق الموقع بين الجانبين، العام الماضي، لوقف تدفق اللاجئين والمهاجرين إلى أراضي الاتحاد الأوروبي، إلا أن النتائج لم تكن مرضية للاتحاد، واستمر تدفق اللاجئين إلى اليونان، بمعدّل وصل إلى ألفي لاجئ يومياً، بينما لم يلتزم الاتحاد بتقديم المساعدات المالية بعد.

وشمل الاتفاق في حينه، رفع السلطات التركية من إجراءاتها الأمنية على السواحل والعمل المشترك لمكافحة عصابات تهريب البشر، وكذلك دعم عملية السلام وإنهاء القضية القبرصية، وتحسين أوضاع السوريين على الأراضي التركية. وذلك في مقابل حصول أنقرة على مساعدات للاجئين السوريين في أراضيها بقيمة 3 مليارات يورو، ورفع تأشيرة الدخول لمنطقة شينغن عن المواطنين الأتراك، وتفعيل مسيرة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي عبر فتح الفصل 17، على أن يتم فتح فصول جديدة أخرى.

اقرأ أيضاً: القمة الأوروبية التركية حول المهاجرين: عشرة أيام لتوقيع اتفاق

مع ذلك، رحّب بعض المسؤولين الأوروبيين بالمقترحات، وكذلك ميركل، غير أنه ارتفعت بعض الأصوات الأوروبية المعارضة للبند المتعلق بإعادة توطين السوريين في دول الاتحاد الأوروبي، وبالذات من قبل الحكومة المجرية، الذي أكد المتحدث باسمها أن "رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان سجل اعتراضه على البند المتعلق بإعادة توطين اللاجئين السوريين في دول الاتحاد".

وأكد مصدر في وزارة شؤون الاتحاد الأوروبي، لـ"العربي الجديد"، أن "الهدف من المقترحات التي تقدمت بها تركيا هو ضرب عصابات التهريب"، مضيفاً: "تقدمنا للاتحاد بورقة عمل متكاملة، ورغم الموافقة المبدئية التي حصلنا عليها، فإن التفاصيل سيتم بحثها خلال مفاوضات مشتركة بعد القمة الأوروبية المقبلة". وتابع المصدر: "وافقنا مبدئياً على استقبال كافة المهاجرين واللاجئين الذين يصلون إلى الجزر اليونانية عبر السواحل التركية، من خلال إنشاء مكتب ارتباط مشترك، والاتحاد الأوروبي سيتحمل تكلفة إعادة نقل هؤلاء المهاجرين، بما في ذلك نقلهم من تركيا إلى بلادهم".

أما بما يتعلق بالمهاجرين العالقين في اليونان حالياً، والذين يُقدّر عددهم بنحو ثلاثين ألف شخص، أكد المصدر أن "تركيا ستستقبل المهاجرين من شمال أفريقيا وأفغانستان والمناطق العراقية الآمنة وغيرها من الدول الآمنة، لتقوم بإعادتهم إلى بلدانهم، على أن يكمل السوريون منهم طريقهم إلى دول الاتحاد بناء على المناطق التي قدموا منها، باستثناء القادمين من بعض المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام والتي يمكن اعتبارها آمنة. وفي وقت لاحق ستشمل إعادة القبول السوريين جميعاً، بشرط أن يقوم الاتحاد الأوروبي بنقل لاجئ سوري من المخيمات المتواجدة على الأراضي التركية مقابل كل سوري تتم إعادته لنا من الجزر اليونانية". وكشف أن "الاتحاد الأوروبي، عمل في وقت سابق، على دراسة ملفات حوالي 70 ألف لاجئ سوري من المخيمات، وخلال أسابيع من بدء تنفيذ الاتفاق ستتلقى عصابات تهريب البشر ضربة قوية".

ولفت المسؤول إلى أن "تاريخ بدء تنفيذ الاتفاق ما زال على طاولة المفاوضات، لكنه لا يبدو بعيداً، خوفاً من تفاقم الأمر بعد تحسّن الأجواء مع قدوم الصيف"، مشدّداً على أن "تركيا ترفض رفضاً تاماً أن يحدد الاتحاد الأوروبي أي معايير للاجئين السوريين، الذين سيقوم باستقبالهم".

وكشف عن رفض تركيا "أن يتم وضع معايير كالحالة الصحية والمستوى التعليمي أو الوضع الأسري، كأسس لانتقاء اللاجئين الذين ستتم إعادة توطينهم، فليس من المعقول أن يقوم الاتحاد الأوروبي بأخذ ذوي الشهادات العليا أو القادرين على الاندماج بشكل سريع فقط، ويترك لنا باقي السوريين". وعن تقديم موعد رفع تأشيرة الدخول عن المواطنين الأتراك، أكد المصدر أن "ذلك جزء من التفاوض بشكل عام، لكن لا اعتراضات عليه، حال أنهت الحكومة تنفيذ المعايير الأوروبية المتعلقة بالأمر".

يأتي هذا بينما قامت الحكومة التركية بتقديم حزمة من المشاريع للاتحاد الأوروبي، التي سيتم تمويلها من خلال منحة ثلاثة مليارات يورو التي تم إقرارها في وقت سابق، الامر الذي أكده، فؤاد أوكتاي، رئيس إدارة شؤون الطورائ والكوارث التركية (أفاد)، بالقول: "لقد قمنا بتقديم هذه المشاريع إلى هولندا بوصفها الرئيس الدوري للاتحاد الأوروبي، والأولوية ستكون للمشاريع التعليمية والصحية التي ستتركز على الولايات الجنوبية التركية، مثل أورفة أو عنتاب التي تضمّ كل منها حوالي 400 ألف لاجئ سوري، وكذلك المدن الأخرى التي تضاعف فيها عدد السكان بعد قدوم السوريين وما زالت تقدم ذات الخدمات من دون أي تطوير في البنى التحتية، لذلك فإن بعض المشاريع ستتوجه لاحتياجات البنى التحتية لهذه المدن، كما أن جزءاً من المنحة سيذهب لبناء مخيمات جديدة أو تحويل المخيم من الخيم إلى الحاويات".

وبحسب منظمة الهجرة الدولية، فقد وصل إلى اليونان خلال أول شهرين من العام الحالي، 70623 لاجئاً، 43.9 في المئة منهم من السوريين، 28.3 في المئة من الأفغان، 17.5 في المئة من العراقيين، 3.6 في المئة من باكستان، 3.3 في المئة من إيران، 3.9 في المئة من دول أخرى.

اقرأ أيضاً: اتفاق أوروبي تركي لوقف الهجرة "غير الشرعية"

المساهمون