بغداد تؤجل معركة الحويجة لأسباب سياسية: التحرك لأعالي الفرات

بغداد تؤجل معركة الحويجة لأسباب سياسية: التحرك صوب أعالي الفرات

عثمان المختار (العربي الجديد)
عثمان المختار
صحافي عراقي متخصص بصحافة البيانات وتدقيق المعلومات. مدير مكتب "العربي الجديد" في العراق.
20 سبتمبر 2017
+ الخط -

حوّلت بغداد بوصلة العمليات العسكرية من الحويجة إلى مدن أعالي الفرات غربي الأنبار حيث الحدود مع سورية، في حملة عسكرية واسعة استعرضت فيها الحكومة العراقية أحدث معداتها العسكرية التي وصلت إلى البلاد من الولايات المتحدة وبريطانيا والتشيك وفرنسا وبقوة تعدادها أكثر من 40 ألف جندي تساندها وحدات من جهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية والحشد الشعبي وأبناء العشائر العربية، وذلك في رسالة غير مباشرة على ما يبدو للقادة الأكراد رداً على تصريحات صدرت في الساعات الماضية اعتبرت أن الجيش العراقي غير قادر على مواجهة البشمركة.

وكان مسؤول بارز بالحكومة العراقية قد كشف لـ"العربي الجديد" عن قرار بغداد تأجيل الهجوم على مدينة الحويجة في محافظة كركوك شمال العراق لأسباب سياسية بغية استمرارها بنقل الوحدات العسكرية العراقية والحشد الشعبي إلى المحافظة التي تسيطر عليها البشمركة الكردية.



وقال بيان لقيادة العمليات العراقية المشتركة، فجر أمس الثلاثاء، إن قوات الجيش والقوات الأخرى المساندة لها بدأت في عمليات تحرير مدينة عانّة وبلدة الريحانة المجاورة ضمن أعالي الفرات.

من جهته، أوضح المتحدث باسم قيادة عمليات الأنبار، العقيد محمد الدليمي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن القوات العراقية حققت تقدماً كبيراً في الساعات الأولى من العملية". ولفت إلى أن "بلدة الريحانة تم تحريرها وحالياً قواتنا تتجه لعبور الفرات نحو مركز مدينة عانّة".

وفي السياق، قال مصدر عسكري عراقي بقيادة عمليات الجزيرة والبادية، المسؤولة عن إدارة ملف المدن المحاذية لسورية والأردن والسعودية، إنه "من غير المتوقع أن تطول المعركة أكثر من أيام قليلة".

وأضاف المصدر، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "يرجح وجود ما بين 20 و30 ألف مدني داخل المدينة يحتجزهم داعش وبمنع خروجهم من المدينة". وأوضح أن "البلدة محاصرة تماماً والعملية ستنتقل إلى مدينة راوة المجاورة بعد الانتهاء من تحرير عانّة ومن ثم الى القائم حيث ستأخذ حركة الجيش شكل رأس سهم وصولاً إلى الحدود السورية العراقية". وختم بالقول إن "سرباً من المقاتلات الأميركية يتولى تغطية تحركات القوات العراقية بالوقت الحالي، وجرى قصف منصات صواريخ لتنظيم داعش وخطوط صد التنظيم الأولى حول المدينة".

من جهته، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس محافظة الأنبار (الحكومة المحلية)، حامد العسافي، لـ"العربي الجديد"، إن "الهجوم على عانّة بداية للحملة العسكرية على أعالي الفرات وصولاً إلى سورية". وأضاف العسافي أن الحملة قد تستمر شهرين إلى ثلاثة في عموم المدن الثلاثة فضلاً عن الصحراء المحاذية لها وصولاً إلى نقطة دخول الفرات إلى العراق". ولفت إلى أن الحملة تستهدف نحو 68 ألف كيلومتر، معرباً عن أمله في أن "يستمر الغطاء الأميركي بهذه الكثافة لقواتنا كونه سيقلّل الخسائر ويقلّص حجم المدة الزمنية للمعركة".

وكان من المقرر أن يتم الهجوم على مدينة الحويجة، كبرى مدن محافظة كركوك، 220 كيلومتراً شمال بغداد لتحريرها من تنظيم "داعش"، إلا أن إعلان الجيش العراقي، أمس، الهجوم على أعالي الفرات أنهى جميع التكهنات حول ذلك.

على الرغم من ذلك تستمر عمليات التحشيد العسكري نحو كركوك من قبل بغداد، إذ تم نقل ما لا يقل عن 4 آلاف جندي إلى مشارف مدينة الحويجة، وهو ما لم يكن ممكناً بدون غطاء تحرير الحويجة من تنظيم داعش.

وتسعى بغداد لتعزيز قواتها خلال الفترة المقبلة تحت هذا الغطاء تمهيداً لفرض سياسة الأمر الواقع وإيقاف استيلاء البشمركة على كركوك وإخضاعها لحكومة إقليم كردستان العراق.

وأكدت مصادر حكومية خاصة في بغداد لـ"العربي الجديد" أن تحرير الحويجة سيرفع ذريعة تواجد البشمركة في كركوك ما سيسهل مهمة القوات العراقية لاستعادة مواقعها السابقة في هذه المدينة التي خسرتها بعد اجتياح داعش للعراق".

ومدينة عانّة التي افتتحت القوات العراقية عملياتها أمس فيها تقع وسط منطقة أعالي الفرات بمحافظة الأنبار غرب البلاد، بنحو 350 كيلومتراً عن بغداد من جهة الغرب على ضفة نهر الفرات وتبعد نحو 212 كيلومتراً غرب مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار.

وتعتبر المدينة الحالية المستهدفة بالهجوم غير تلك التاريخية التي أغرقها نهر الفرات في ثمانينيات القرن الماضي عقب إنشاء سد على النهر، وقامت الحكومة العراقية آنذاك ببناء مدينة جديدة مجاورة للمدينة القديمة ونقل الآثار الموجودة فيها بالاستعانة بشركات أوروبية متخصصة.

فُتحت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب على يد القائد عمير بن سعد في سنة 37 هجرية (658 ميلادية)، واعتبر فتح المدينة بداية انكسار الإمبراطورية الفارسية في العراق. مرّ بها الخليفة هارون الرشيد وهو في طريقه من بغداد إلى الرقة وكانت محطة استراحة جيوش المتطوعين مع صلاح الدين الأيوبي لتحرير القدس.

ورد اسم المدينة في المخطوطات البابلية، وذكرها القديس إيسيدور الإشبيلي. وتعد من المدن العراقية القديمة التي ترتقي أخبارها إلى زمن الدولة الآشورية، وتعتبر عانّة من أطول المدن القديمة فهي تمتد على ضفة نهر الفرات اليمنى بمسافة عشرين كيلومتراً.

سكان المدينة من العرب من قبائل لها فروع في شبه الجزيرة العربية وسورية، أما سكانها القدامى قبل الفتح الإسلامي لبلاد الرافدين فهم من الكلدان والبابليين، وكان يوجد فيها طائفة من اليهود الذين غادروها في الخمسينيات من القرن العشرين.

وحول تسميتها، تقول المصادر التاريخية إن التسمية أصلها بابلي قديم وجاءت بعبارة (هانات) وتعني مركز الآلهة. وتضم المدينة قلعة تاريخية تعود للقرن الرابع الهجري أيام الخلافة العباسية فضلاً عن منارة تعود لزمن الخليفة عمر بن الخطاب. وتشتهر بالنواعير التي كانت تجلب الماء إلى الأراضي الزراعية من نهر الفرات، وهي نواعير ابتكرها أبناء وادي الرافدين، إلاّ أنّ خريرها سكت الآن، ولم يعد يُسمع. وتعتبر المدينة عراقياً بمثابة المنجم الرئيس لعلماء وأدباء البلاد ومفكريه خلال القرن الماضي وحتى الآن.

ذات صلة

الصورة
الحريات في العراق

سياسة

إتاحة الحريات في العراق ما بعد صدام حسين كانت من شعارات غزو بلاد الرافدين. لكن منذ سنوات يتراجع منسوب الديمقراطية والحريات الفردية والجماعية في هذا البلد بسرعة.
الصورة
أبو تقوى السعيدي (إكس)

سياسة

أسفر استهداف طائرة مسيّرة مقراً لفصائل "الحشد الشعبي" يتبع لـ"حركة النجباء"، عن مقتل المسؤول العسكري للحركة مشتاق طالب علي السعيدي المكنى "أبو تقوى".
الصورة
قاعة الأعراس في الحمدانية في نينوى في العراق 1 (فريد عبد الواحد/ أسوشييتد برس)

مجتمع

أعاد حريق قاعة الأعراس في محافظة نينوى العراقية الذي خلَّف مئات القتلى والمصابين، ليلة أمس الثلاثاء، مشهد الحرائق المتكرّرة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة والتي خلّفت مئات القتلى والجرحى.
الصورة
صندوق من فاكهة الرمان (Getty)

مجتمع

أفاد تحقيق صحافي عراقي بأنّ بغداد تلقّت شحنة رمّان من بيروت تبيّن أنّها محشوّة مخدّرات، علماً أنّ هذه الشحنة جزء من سداد قيمة مستحقّات النفط العراقي المخصّص لبيروت.

المساهمون