مسيرات الحراك تتواصل بالجزائر رغم دعوات لوقفها بسبب كورونا

مسيرات الحراك تتواصل بالجزائر رغم دعوات لوقفها بسبب كورونا

13 مارس 2020
الحراكيون يتحدون الوباء (العربي الجديد)
+ الخط -
لم تثن التحذيرات من مخاوف انتشار فيروس كورونا المتظاهرين في الحراك الشعبي عن الخروج في المسيرة الأسبوعية، اليوم الجمعة، في الجزائر العاصمة وعدد من المدن الأخرى، بل اعتبر بعض المشاركين فيها أن الفيروس أهون وأقل فتكاً من النظام الحاكم.

ورفضت مكونات في الحراك الشعبي وقف المظاهرات على خلفية المخاوف من انتشار كورونا، على الرغم من التدابير الاحترازية التي اتخذتها السلطات كإغلاق المدارس والجامعات وتعليق رحلات جوية إلى عدة وجهات، وكذلك توجيه دعوات من بعض الناشطين في الحراك لتعليق التظاهرات.

"جيبوا لكورونا وزيدو الطاعون، نحن خارجين ويكون واش يكون (يكون ما يكون)"، هكذا لخص الهتاف الذي ردده اليوم آلاف المتظاهرين في قلب العاصمة إلى حد بعيد تجاهل المتظاهرين للمخاطر المترتبة على فيروس كورونا، بخلاف المخاوف المعلنة في كثير من الدول ووقف التجمعات والتظاهرات. وكان لافتاً أن غالبية المتظاهرين في مسيرات اليوم لم يكونوا يرتدون الكمامات الواقية احترازاً من الفيروس.


وقال الناشط البارز في الحراك، عبد الغني بادي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "من ينصح بالتخلي عن الحراك تنازلاً وتعقلاً بسبب وباء كورونا، لا يمكن أن تسمع منه النصيحة ما لم يدع النظام في الوقت نفسه إلى التعقل والاستجابة لمطالب الحراك وتحرير المعتقلين وفتح الإعلام وتوفير المناخ السياسي لتحقيق الشرعية الشعبية".

وأوضح بادي أن "الذين يخرجون في مظاهرات الحراك يدركون أنهم قد يتعرضون للقمع أو الاعتقال وبالتالي هم ليسوا في نزهة أو بحاجة إلى متاعب، هؤلاء يدركون أن النظام والكورونا فتاكين على حد سواء".

ومضى قائلاً "أعتقد جازماً بأن النظام أسوأ بكثير، لقد قتل مئات الآلاف في التسعينيات ودفع بمثلهم للبحر غرقاً في قوارب الهجرة السرية والمئات بسبب الإهمال الطبي وقلة المرافق الصحية وأوبئة بدائية"، معتبراً أن "النظام لديه سوء تدبير ونهب للمال والمقدرات العامة".

ورفض المتظاهرون الاستجابة لنداءات أطلقت أمس من قبل عدد من الأطراف من داخل الحراك نفسه، كالناشط يحيى جعفري، لتعليق التظاهر بسبب كورونا، وكذلك متحدثين في برامج تلفزيونية وقنوات موالية بثت شريطاً إخبارياً عاجلاً وباللون الأحمر يتضمن دعوات للتعقل والحكمة وتأجيل الخروج للتظاهر بسبب كورونا.

ورفعت متظاهرة لافتة كتب عليها "الكورونا (كوفيد 19) أقل ضرراً من الجنرالات"، وأخرى لافتة كتب عليها "عاجل، إطلاق سراح فوري وغير مشروط لكل معتقلي الرأي، السلطة للشعب".


وقالت مشاركة في المسيرة اليوم، وتدعى سمية حمبلي لـ"العربي الجديد" إن "هذا هو الخبر والقرار العاجل والوحيد الذي ننتظره، ما تبثه هذه القنوات لا يعنينا لأنها أصلاً قنوات تهتم بصحة السلطة والنظام، ولا تهتم بالحراك الشعبي فكيف أصبحت متهمة بصحة الشعب".

وكان واضحاً في شعارات المتظاهرين اليوم رفض تعليق المسيرات والمظاهرات حتى تحت طائلة الوازع الصحي، وردد هتاف، "كليتو (سرقتم) البلاد والزوالي (الفقير) مات والله مارانا حابسين (لن نتوقف)". كذلك استمرّ عدد من المتظاهرين في التعبير عن رفضهم الإقرار بشرعية الرئيس الجزائري الحالي عبد المجيد تبون، الذي انتخب في 12 ديسمبر/ كانون الأول الماضي وسمعت هتافات "رئيس مزور جابوه العسكر، ماعندوش (ليس له) الشرعية"، و"جايبين الحرية"، في إشارة إلى التمسك بالمطالبة بالحق في الديمقراطية وصياغة دستور توافقي.

ورفعت صور عدد من الناشطين المعتقلين في السجون، بينهم كريم طابو وسمير بلعربي وسليمان حميطوش، ولافتات تطالب بالإفراج عنهم. وعاد الحراك الشعبي إلى طرح قضية السجناء السياسيين القابعين في السجون منذ ربع قرن، أو ما يعرف بـ "سجناء التسعينات" المنتمين حينها إلى "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، المحظورة منذ مارس/ آذار 1992، والذين حكمت عليهم محاكم خاصة وغير دستورية ألغيت لاحقاً، لكن أحكامها ظلت سارية. ورفع متظاهرون لافتة كبيرة عليها صور لعدد من المعتقلين كتب عليها "سجناء التسعينات قضية إنسانية متى تتحق العدالة؟؟".



ولوحظت في مظاهرات الجمعة عودة رفع الراية الأمازيغية، بعد أسابيع من منعها من قبل السلطات بعد قرار اتخذه القائد الراحل للجيش الفريق أحمد قايد صالح في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي. وبخلاف المرات السابقة لم تتدخل الشرطة لمنع رفع هذه الرايات أو اعتقال حامليها.

كذلك نشرت السلطات اليوم أعدادا كبيرة من قوات الأمن والشرطة في شوارع وساحات وسط العاصمة الجزائرية، وفرضت السلطات على مجموع أعوان الأمن ارتداء الكمامات الواقية، ولم تحدث احتكاكات بين قوات الشرطة والمتظاهرين، برغم قيام الشرطة قبيل بدء المظاهرات المركزية بعد صلاة الجمعة باعتقال عدد من المتظاهرين كان يتجمعون في شارع فيكتور هيغو وسط العاصمة الجزائرية، بعدما رفضوا الانصياع لأوامر الشرطة بالتفرق وعدم التجمع.


وإضافة الى العاصمة الجزائرية شهدت مدن في 42 محافظة تجدد مظاهرات الحراك الشعبي للتمسك بالخيار الديمقراطي ورفض حملة القمع والاعتقالات التي يقوم بها السلطة ضد الناشطين. وكان لافتاً أن التلفزيون الجزائري بث الليلة الماضية في نشرة الأخبار الرئيسية تقريراً يبارك مظاهرات الحراك ويوجه للتظاهر يومي الجمعة والثلاثاء (مخصصة للطلبة)، لكنه يتضمن رسالة سياسية برفض السلطة لمظاهرات يوم السبت التي تتم منذ ثلاثة أسابيع، والتي كانت سببا في توترات ومصادمات بين الشرطة والمتظاهرين.

المساهمون