العراق: تحذيرات من جرائم تغيير ديموغرافية في حزام بغداد

العراق: تحذيرات من جرائم تغيير ديموغرافية في حزام بغداد

22 سبتمبر 2016
"الحشد الشعبي" أدّى دوراً في التهجير (أحمد موسى/Getty)
+ الخط -
طالبت كتلة "تحالف القوى الوطنية" في البرلمان العراقي، اليوم الخميس، رئيس مجلس الوزراء، حيدر العبادي، بإعادة سكّان حزام بغداد إلى مناطقهم وبشكل فوري، محذرةً من وجود نوايا لعمليات تغيير ديمغرافي في الحزام، والذي يشمل مناطق من القرى والبلدات الواقعة ضمن دائرة تطوق العاصمة بغداد من جميع الجهات وأغلبها مزارع وبساتين يسكنها عدد من العشائر العربية.

ويأتي ذلك بالتزامن مع حملات اعتقال وخطف تنفذها قوات حكومية وأخرى تابعة لمليشيات "الحشد الشعبي"، طاولت المئات من السكان دون أوامر قضائية أو أدّلة، ما سبّب موجات نزوح جديدة في تلك المناطق.

وقال رئيس الكتلة، أحمد المساري، في مؤتمر صحافي، إنّ "مناطق في حزام بغداد وتحديداً غربي العاصمة، تم تحريرها منذ أكثر من عام لكن لم يتم لغاية الآن إعادة الأسر لتلك المناطق"، مضيفاً أنّ "المناطق التي شهدت نزوح أهاليها ولم يعودوا إلى الآن هي دوليبة، العناز، الخضير، وأطراف خان ضاري، فضلاً عن مناطق في قضاء المحمودية المتمثلة باللطيفية، اليوسفية، مناطق الحركان، أبو عوسج، والكيلوات".
 

وطالب المساري، العبادي والقادة الأمنيين في قيادة عمليات بغداد بـ"البدء في عملية إعادة النازحين لتلك المناطق وبشكل فوري"، مشيراً إلى أنّه "هناك مخاوف من عدم إعادة تلك الأسر وبالتالي حدوث تغيير ديموغرافي".

بدوره، حذّر القيادي بجبهة "الحراك الشعبي"، محمد عبد الله، من "وجود نوايا لدى مليشيات الحشد بتهجير سكان المناطق المحيطة ببغداد بدوافع طائفية وتواطؤ من الحكومة"، مبيّناً أنّ "ما يجري في حزام بغداد يتطلب تدخلاً عاجلاً من الأمم المتحدة وهناك كوارث ترتكب والسكان يفرون وبيوتهم تهدم وبساتينهم تجرف".

وأضاف القيادي بالجبهة، في اتصال هاتفي من أربيل مع "العربي الجديد"، أنّه "من العار ما يجري، يجب أن يبقى العراق كما هو متنوع وأي تغيير يعني بقاء البلاد في مسلسل لا ينتهي من العنف".

كما اعتبر وجهاء وشيوخ عشائر في هذه المناطق أنّ "الضغط على حزام بغداد يأتي لإفراغ محيط العاصمة من الحاضنة العربية". وقال أحد وجهاء "حزام بغداد"، الشيخ حمد الجمالي، إنّ "آلافاً من الأهالي قتلوا وهجروا من ديارهم تحت ذريعة الحرب على الإرهاب لأسباب طائفية واضحة".

ولفت إلى أنّ "المليشيات المسلحة ما زالت مستمرة منذ سنوات في محاولة إفراغ حزام بغداد من العشائر العربية، بأوامر إيرانية معروفة لدينا وبدوافع طائفية بحتة تحت مختلف الذرائع، وواجه أهالي هذه المناطق القتل والخطف والتهجير الذي ما زال مستمراً حتى اليوم".

من جهتهم، اتهم حقوقيون الحكومة العراقية بـ"إجراء تغيير ديموغرافي بمناطق حزام بغداد"، إذ رأى الحقوقي، حاتم الدليمي، أنّ "هذه المناطق ما زالت تتعرض لتغيير ديموغرافي على يد المليشيات المسلحة منذ عام 2003، وحملات واسعة للقوات الحكومية تشمل عمليات دهم واعتقال تطورت إلى تجريف البساتين والاستيلاء على الممتلكات بعد عام 2014".  

وأوضح الدليمي أنّه "لا توجد إحصاءات رسمية واضحة لعدد الأسر التي أجبرت على ترك بلداتها وقراها في حزام بغداد، لكن المؤكّد أنّها بعشرات الآلاف خاصة بعد الحرب على داعش، فيما كان مصير مئات آخرين القتل على يد المليشيات المسلحة أو الاعتقال والاختفاء على يد القوات الحكومية النظامية".

ولجهة المهجرين، فإنّ اشتداد الحرب بين القوات العراقية والتنظيم، أدى إلى تصاعد الضغط على "حزام بغداد" بشكل لافت، ما منع آلاف الأسر من العودة لمناطقها بعد استعادة السيطرة عليها.

وقال أحد المهجرين من بلدة الطارمية (شمالي بغداد)، أبو شمسي (51 عاماً)، إنّ "مناطقنا مستباحة منذ عام 2003، وأجبرنا على مغادرتها بالقوة وصودرت ممتلكاتنا ومزارعنا بذريعة الحرب على الإرهاب، لكن الحقيقة أن الهدف طائفي واضح، والأمر لا يتعلق بالمليشيات المسلحة فقط بل حتى القوات العراقية النظامية".

كذلك أفاد الناشط المدني، حسين الجنابي، بأنّ "المليشيات المسلحة باتت تحكم قبضتها على مناطق حزام بغداد، وتقوم بعمليات تغيير ديموغرافي بعيداً عن وسائل الإعلام وتفرغ قرى وبلدات من سكانها بالكامل"، لافتاً إلى أنّ "الأمر لا يتعلق بتهجير أسر منفردة بل بعشائر كاملة".

بدوره، اعتبر ائتلاف "متحدون"، كبرى الكتل السياسية السنية في البرلمان العراقي أخيراً، أنّ ما يجري في مناطق حزام بغداد "إبادة جماعية"، مطالباً بـ"وضع حدّ لعمليات الإبادة التي تتعرض لها تلك المناطق، فيما لم يجد الأهالي المبعدون عن بلداتهم سوى البحث عن ملاذات آمنة في مناطق شمال البلاد أو الهجرة خارج العراق، للخلاص من الاعتقال أو القتل على يد المليشيات المسلحة".

وطالب رئيس الوزراء العراقي، نهاية 2015؛ أي بعد عام على إعلان الحرب على "داعش"، أهالي حزام بغداد بالتعاون مع القوات العراقية لفرض الأمن في محيط بغداد، بينما اتهم الأهالي العبادي بالتغاضي عمّا وصفوها بـ"جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها المليشيات المسلحة بحقهم".