الأردن: تعديل وزاري لتجاوز غضب البرلمان ونقمة الشارع

الأردن: تعديل وزاري لتجاوز غضب البرلمان ونقمة الشارع

15 يناير 2017
حصل الملقي على الضوء الأخضر من الملك(خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -
يمثل التعديل الذي يجريه رئيس الوزراء الأردني، هاني الملقي، على حكومته الثانية، والمقرر أن يعلن اليوم الأحد بعدما قدم جميع الوزراء استقالتهم أمس السبت، مساراً إجبارياً للخروج من حالة الاستعصاء السياسي الذي يحكم علاقة الحكومة ومجلس النواب. غير أن الملقي الذي يتصدر قائمة رؤساء الوزراء الأقل شعبية في عهد الملك عبد الله الثاني، يسعى لاستغلال ذلك المسار للإطاحة بـ"رؤوس كبيرة" داخل حكومته فرضتها عليه مراكز صنع القرار يوم شكّل حكومته في 28 سبتمبر/أيلول الماضي.

وكان الملقي قد خطط منذ تشكيلة حكومته الثانية لتعديل موسع يجريه بعد انتزاع ثقة مجلس النواب على مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2017. ومن المقرر أن يبدأ المجلس اليوم مناقشتها تمهيداً للتصويت عليها نهاية الأسبوع الحالي على أبعد تقدير. لكن الملقي وجد نفسه مضطراً للاستجابة للظروف السياسية التي فرضها المزاج الشعبي الذي أعقب الاعتداءات الإرهابية التي ضربت مدينة الكرك جنوب الأردن، وتقاطع مع توجهات الحكومة لرفع أسعار سلع أساسية لسد عجز الموازنة، وزيادة إيرادات الخزينة.

وقدم وزراء استقالتهم خلال اجتماع الحكومة أمس السبت، وذلك بعدما انتهت يوم الجمعة الماضي المهلة الدستورية التي طلبتها الحكومة من مجلس النواب لتأجيل التصويت على مذكرة لطرح الثقة بوزير الداخلية، سلامة حماد، على خلفية اتهامه بالتقصير في التعامل مع اعتداءات الكرك. وانتهت المهلة في ظل مزاج نيابي يتجه لإسقاط هذا الوزير القوي، بعدما فشلت محاولات التحايل على مذكرة حجب الثقة من خلال انتظار نتائج لجنة تحقيق نيابية في أحداث الكرك. وهو ما يعكس حالة الاستعصاء في العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب الذي يشرع بمناقشة الموازنة العامة للدولة، والذي يعول عليه الملقي لتمرير جملة من القرارات الاقتصادية غير الشعبية.

وكما توقع مراقبون، قرر الملقي إجراء التعديل الحكومي قبل جلسة النواب اليوم، بعدما حصل من العاهل الأردني على الضوء الأخضر بهذا الشأن. غير أن مراقبين يتوقعون أن يسوق الملقي التعديل إلى ما هو أبعد من تفكيك حالة الاستعصاء ليقدمه باعتباره استجابة للمطالب النيابية، أملاً في تحسين صورة الحكومة لدى المجلس الغاضب.

ويكشف توقيت التعديل أن توافقات عميقة جرت في مراكز صنع القرار عليه، لا سيما بعدما أعلن مجلس النواب على نحو مفاجئ مساء الجمعة الماضي، إلغاء جلسته الصباحية المقررة اليوم الأحد، والاكتفاء بجلسة مسائية، تحضرها الحكومة بحلتها الجديدة.

وليس وزير الداخلية وحده من يشمله التعديل الحكومي، إذ توقعت مصادر رسمية أن يطاول التعديل نحو عشرة وزراء بينهم أعضاء في الفريق الاقتصادي الذي أصبح محل غضب شعبي، بعدما عجز عن تقديم حلول لاقتصاد البلاد المتعثر، بعيداً عن جيوب المواطنين، إضافة إلى نواب الرئيس.

والمهمة الصعبة أمام رئيس الحكومة الأردنية تتمثل في إقناع مراكز صنع القرار على توجهه للإطاحة برؤوس كبيرة في مقدمتها وزير الخارجية، ناصر جودة، المتربع على عرش الخارجية منذ عام 2009، والذي سعى الملقي منذ تشكيل حكومته الثانية للحد من صلاحياته عبر استحداث منصب وزير دولة للشؤون الخارجية أسنده إلى الدبلوماسي الشاب، بشر الخصاونة.

حكومة الملقي ضمت يوم تشكيلها 29 وزيراً، منهم 21 وزيراً عبروا معه من حكومته الأولى التي أدت اليمين الدستوري في الأول من يونيو/حزيران الماضي. وبين هؤلاء الـ21، 11 وزيراً ورثهم من حكومته سلفه، عبد الله النسور. وغاب مبدأ التنسيق عن عمل الحكومة، إذ خاض أعضاء فيها خلافات علنية مع رئيسها، كما أثار تضارب التصريحات بين أعضائها أو بين أعضاء فيها وبين رئيسها موجة من الاستهجان لدى المواطنين ومراقبين، ليتحول تعديلها بالتالي اليوم إلى حاجة ملحة.

المساهمون