ما عليك معرفته حول قمة ترامب وكيم المرتقبة

ما عليك معرفته من تفاصيل حول قمة ترامب ــ كيم المرتقبة

06 يونيو 2018
إلامَ ستنتهي قمة ترامب وكيم "التاريخية"؟ (جونغ يون-جي/فرانس برس)
+ الخط -
بينما يترقّب العالم القمة "التاريخية"، بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، الأسبوع المقبل، تبرز تساؤلات عن خيارات الرجلين فيها والنتائج المرجّحة عنها، لا سيما احتمال التوصل لاتفاق سلمي، بعد فترة من المواجهة وقرع طبول الحرب.

فبعد مجموعة من قرارات عقد القمة وإلغائها، ثم تأكيد حصولها، قال البيت الأبيض، أمس الثلاثاء، بحسب ما أوردت وكالة "أسوشييتد برس"، إنّ ترامب وكيم سيلتقيان في فندق كابيلا، وهو منتجع فاخر على جزيرة سينتوسا في سنغافورة، لعقد محادثات نووية، في 12 يونيو/حزيران الحالي.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، في تغريدة على "تويتر": "نشكر مضيفينا العظماء في سنغافورة على ضيافتهم". ويأمل ترامب في إبرام اتفاق نووي مع كوريا الشمالية، يقضي بأن يتخلّى كيم عن برنامجه النووي، رغم أنّه شدد، الأسبوع الماضي، على أنّ العملية على الأرجح ستستغرق وقتاً أطول من مجرد اجتماع واحد.


وتقع جزيرة سينتوسا على بعد ربع ميل قبالة سواحل سنغافورة، وتشتهر بفنادق الشاطئ الراقية وملاعب الغولف والمتنزهات الترفيهية. وقد تم رصد فريق أميركي في فندق كابيلا، الأسبوع الماضي، مع مسؤولين كوريين شماليين استعداداً للقمة.

وكان المسؤولون قد فكروا في اختيار فندق شانغري - لا، مكاناً لعقد القمة، وهو فندق يستضيف قمة أمنية دولية سنوية، وكان مكاناً لاجتماع بين الرئيس الصيني شي جين بينغ، والرئيس التايواني ما يينغ جيو، في العام 2015.

وتفاوض مسؤولون أميركيون بقيادة جو هايغن، نائب رئيس إدارة العمليات بالبيت الأبيض، مع وفد كوري شمالي، الأسبوعين الماضين، لتحديد مكان وزمان القمة. وقالت مصادر لشبكة "سي إن إن"، إنّ ضمان الأمن كان مصدر قلق كبير للكوريين الشماليين خلال المناقشات.


وغالباً ما كانت الاجتماعات تسير بخطى مضنية، وفق ما كشف مصدر مقرب من المحادثات، للشبكة، مشيراً إلى أنّ المسؤولين الكوريين الشماليين "لديهم حساسية من أن يتم الإملاء عليهم"، لافتاً إلى أنّ الفريق الذي يتزعمه هايغن بذل "جهوداً كبيرة" لتقديم أفكار للقمة بطريقة تعاونية.

وقال المصدر إنّ المسؤولين الكوريين الشماليين في سنغافورة، كانوا يعودون إلى رؤسائهم في بيونغ يانغ للحصول على موافقة على كل التفاصيل تقريباً، ما أدى إلى استغراق يومين زيادة على الموعد المقرر للاجتماعات، قبل التوصل إلى اتفاق بشأن تفاصيل لوجستية بسيطة.

ماذا سيتمخّض عن القمة؟

نادراً ما حدث في التاريخ الحديث أن أحاط الغموض وعدم اليقين بشأن النتائج المرتقبة عن قمة رئاسية، كما هو الحال مع القمة المنتظرة بين ترامب وكيم، بعد أسبوع من الآن، بحسب ما ذكرت صحيفة "ذا غارديان"، في تقرير، اليوم الأربعاء.

فعلى أحد جانبي الطاولة، سيجلس زعيم دولة منعزلة، كرّست العقود الثلاثة الماضية لتطوير الرؤوس الحربية والصواريخ النووية، وفق الصحيفة، قائلة إنّ "كيم جونغ أون، يدعي أنّه على الجانب الصحيح من التاريخ، بشأن الوصول نحو التنمية الاقتصادية، لكن النظام قدّم ادعاءات مماثلة من قبل، وأوقف تنازلاته عند حد امتلاك أسلحة سلمية يقول إنّها ضمانة للبقاء على قيد الحياة".

أما على الجانب الآخر من الطاولة، بحسب الصحيفة، فسيجلس رئيس الولايات المتحدة، وهو ليس كمثل أي رئيس آخر في التاريخ: متقلّب، يزدري النصيحة حتى من مسؤوليه، ومقتنع تماماً بأنّ حدسه وشعوره بـ"فن الصفقة"، هو دائماً أفضل مرشد له بشأن التحرّك حيال قضية ما.


وأشارت "ذا غارديان" البريطانية، إلى أنّ عدم القدرة على التنبؤ بشأن القمة، يعود إلى العديد من الانتكاسات التي أحاطت بها، خلال الأيام القليلة الماضية وحدها.

وذكّرت بأنّ ترامب هدّد نظام كوريا الشمالية بـ"الهلاك"، اعتماداً على النموذج الليبي، إذا لم يقم كيم بإبرام صفقة، معلناً إلغاء القمة، ثم تأكيد عقدها مرة أخرى، ورحّب بالمساعد الأيمن لكيم في البيت الأبيض، بدفء شخصي أكبر مما أبداه حتى الآن لأي حليف للولايات المتحدة.

وأعلنت كوريا الشمالية وقف تجاربها النووية بعيدة المدى، واتخذت خطوات نحو تفكيك موقع التجارب النووية، رغم أنّ أهمية ما تم تفجيره لا تزال موضع شك.

ومن جانبه، أبدى ترامب لكوريا الشمالية احتراماً واعترافاً لم تحظ بمثله من قبل الولايات المتحدة في تاريخها الممتد على مدار 70 عاماً، مع ترحيبه المفرط بـكيم يونغ تشول، أحد كبار مساعدي كيم، يوم الجمعة، لكنه تراجع عن مواقف التفاوض الأميركية السابقة، بشكل مفاجئ، في اليوم نفسه.

وقد قبل إصرار كوريا الشمالية على أنّ أي نزع سلاح نووي في المستقبل لن يكون "حدثًا شاملًا" كما يريد المسؤولون الأميركيون، بل عملية تدريجية مطولة، تتضمن عدة قمم على طول الطريق. وأسقط الرئيس بشكل غير رسمي، شعاره "أقصى قدر من الضغط"، الذي كان قد حدد حتى الآن سياسته بشأن التعامل مع بيونغ يانغ.

هل تُلغى العقوبات؟

لفتت "ذا غارديان" إلى أنّ العقوبات الأميركية "متجذرة" في تشريعات الكونغرس، ولا يمكن رفع القوانين المتعلقة بها إلا بعد "تغيير واضح" في سلوك كوريا الشمالية.

أما عقوبات الأمم المتحدة، فترتكز على القدر نفسه من التجذر في قرارات مجلس الأمن، لكن إنفاذها يختلف إلى حد كبير. وهناك بالفعل دلائل على أنّ الصين تخفف القيود المفروضة على التجارة الكورية الشمالية، بحسب الصحيفة.

جزيرة سينتوسا على سواحل سنغافورة (روسلان رحمان/فرانس برس) 


ورأت الصحيفة أنّ الطريق إلى عقد اتفاق سيصبح أكثر وعورة، في 12 يونيو/حزيران، عندما يجتمع الزعيمان، إذ سعى ترامب إلى التقليل من سقف التوقعات، واصفاً الاجتماع بأنّه "الوصول إلى معرفتك، أكثر".

ولكن بدون "أكثر" حقيقية تُترجم في هيئة إحراز تقدم نحو نزع السلاح، ستُعتبر القمة "فاشلة"، على نطاق واسع، بحسب الصحيفة، معتبرة أنّه، لتحقيق هذا التقدّم، سيتعيّن على ترامب أن يلوّح بإشارات مهمة، تجاه ما يريده كيم أكثر من أي شيء، وهو الضمانات الأمنية.

سيذهب كلا الزعيمين إلى اجتماع سنغافورة مع أوراق في أيديهما، تمثّل تنازلات سريعة وقابلة للتنفيذ، والسؤال الأكبر، الأسبوع المقبل، بحسب الصحيفة، هو ما هي الأوراق التي سيلعبانها... وبأي تسلسل.

أوراق كيم

كحد أدنى، يُتوقع من كيم إضفاء الطابع الرسمي على التعليق الحالي للتجارب النووية والصاروخية، وفق الصحيفة، وهناك إمكانية أيضاً لأن يذهب أبعد من ذلك، بإعلان امتداد التجميد الواقع على ترسانته الحالية على الأنشطة النووية الأخرى، مثل تخصيب اليورانيوم، كحد أقصى.

لكن أكبر عنصر أمام كيم خلال عرضه الافتتاحي، بحسب الصحيفة، سيكون بياناً عن خططه لتفكيك برنامجه للأسلحة النووية، وهنا سيكمن كل شيء في التفاصيل: ما مدى الوضوح في تعريف نزع السلاح النووي، وهل سيلتزم كيم بجدول زمني.

وفي هذا الإطار، قال جوزيف يون، المبعوث الأميركي الخاص لسياسة كوريا الشمالية سابقاً، والمستشار الحالي في "المعهد الأميركي للسلام"، للصحيفة: "أعتقد أنّ كوريا الشمالية مستعدة على الأرجح لأن تقول إنّها في نهاية الأمر مستعدة لنزع الأسلحة النووية، لكن سيكون هناك بيان مطبوع، وهذا البيان المطبوع يجب التفاوض بشأنه".

تُعقد القمة في 12 يونيو/حزيران (روسلان رحمان/فرانس برس) 


وبالنسبة لروبرت غالوتشي، الذي قاد المفاوضات مع الكوريين الشماليين في إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون، سيكون الإعلان التفصيلي عن نزع السلاح النووي، هو مفتاح نجاح أو فشل بالنسبة لترامب في سنغافورة.

وعن ترامب، قال غالوتشي، خلال مناقشة في "مركز ستيمسون للأبحاث في واشنطن": "إذا لم يحصل على أي شيء آخر سوى هذا الإعلان، فإنّ ذلك سيكون بمثابة الفوز. وإذا حصل على كل شيء آخر ولكن لم يحصل على هذا الإعلان، فستكون هذه خسارة بالنسبة لترامب".


هناك عنصر آخر يتوقع أن يكون في العرض الافتتاحي لكيم، بحسب الصحيفة، ألا وهو الاتفاق على السماح للمفتشين الدوليين بزيارة المواقع النووية المعلنة للنظام، وبشكل أساسي المجمع النووي في يونغبيون.

وبهذا الخصوص، قالت سوزان ديماجيو، مديرة مؤسسة "نيو أميركا"، التي قادت مفاوضات خلفية مع الكوريين الشماليين: "عندما أفكر في ما هو النجاح الكبير الذي قد يأتي من القمة، أعتقد أنّ إعادة المفتشين يجب أن تكون أحد أهدافنا العليا".

أوراق ترامب

خلال القمة هذه، أو في الاجتماعات اللاحقة، من المرجح أن تطلب الولايات المتحدة إجراء جرد كامل للبرنامج النووي لكوريا الشمالية، المعلن وغير المعلن عنه، وهي قضية انهارت بسببها الصفقات السابقة.

ولكي تكون القمة ذات مغزى، يجب التحقق من ذلك عن طريق وصول المفتشين، سواء أكانوا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو من هيئة تفتيش خاصة، بحسب الصحيفة.

فندق كابيلا حيث ستعقد القمة (روسلان رحمان/فرانس برس) 


يمتلك ترامب عدة طرق يمكن من خلالها الرد بالمثل على تنازلات كيم، في حال طرحها بأوراقه، بحسب "ذا غارديان"، أحدها هو "الضمانات الأمنية السلبية"، أي التعهد بعدم مهاجمة كوريا الشمالية، وهو أمر خطا ترامب بالفعل طويلاً باتجاهه، وبدى واضحاً في تغريداته، وتصريحاته.

كما لمّح إلى أنّه قد يكون مستعداً لبدء مفاوضات تهدف إلى إبرام معاهدة سلام رسمية، لإنهاء الصراع الذي لا يخضع حالياً إلا لهدنة 1953.

وفي الوقت نفسه، يمكن للولايات المتحدة أن تنشئ مكتب اتصال في بيونغ يانغ، وأن تسمح للكوريين الشماليين بإعداد مكاتبهم الخاصة في واشنطن، وهي خطوة نحو الاعتراف المتبادل.

تم رصد فريق أميركي في فندق كابيلا (أوري هويينغ/getty) 


ووفق الصحيفة، هناك طريقة أخرى يمكن أن تظهر بها الولايات المتحدة المرونة، وهي التخفيف من حدة التدريبات العسكرية المشتركة مع كوريا الجنوبية، والحد من استخدام ما تعتبره بيونغ يانغ "أصولاً نووية واستراتيجية"، مثل مقاتلات "F-22" الشبح، ومفجرين من طراز "B1-B".

ولفتت الصحيفة إلى أنّ هناك خوفاً في سيول وطوكيو حتى، من أن يتم إقناع ترامب بتقديم الكثير من التنازلات تحت هذا العنوان، يصل إلى عرض سحب القوات أو إضعاف التحالفات الأميركية في المنطقة، والتي لم يبد الرئيس أي التزام بشأنها، على أية حال.

وقد تأرجحت أسهم القلق في المنطقة، من حد الخوف من أنّ ترامب لا يريد الانخراط مع كوريا الشمالية، إلى حد القلق من أنّه سيكون متحمساً أكثر من اللازم لإرضائها.

اتفاق... أم حرب؟

من المرجح أن يستغرق تفكيك الترسانة الكورية الشمالية بالكامل (المقدرة ما بين اثنتين وثلاث مجموعات من عشرات الرؤوس الحربية)، وتدمير الصواريخ، وإزالة المواد القابلة للانشطار، والقدرة على الإنتاج، عقداً من الزمن على الأقل، وفقًا لما تنقل الصحيفة عن سيغفريد هيكر، الفيزيائي في ستانفورد، صاحب الخبرة المباشرة بالبرنامج النووي لكوريا الشمالية.

في الوقت عينه، من المتوقع أن تنضم بيونغ يانغ إلى معاهدة منع الانتشار النووي (NPT)، وتوقع معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية (CTBT).

وعلى الجانب الآخر من دفتر الحسابات، سيتعين رفع العقوبات بالتدريج، وسيتم ضمان مكانة لكوريا الشمالية في المؤسسات الدولية، كجزء من التطبيع العام للعلاقات الدبلوماسية، بحسب الصحيفة.

ومن المرجح أن تلوح هذه التطلعات في الأفق من سنغافورة، وما يهم، بحسب الصحيفة، الأسبوع المقبل، هو ما إذا كانت مفاوضات القمة ستنحو في ذلك الاتجاه العام، وما إذا كان كيم سيظهر دليلاً على أنّ النظام الحالي جاد بشأن التخلّي عن ترسانته النووية.

وفي هذا الإطار، قال السفير يون، المبعوث الأميركي الخاص لسياسة كوريا الشمالية سابقاً، أمام لجنة تابعة لمجلس الشيوخ، أمس الثلاثاء، إنّ "كيم جونغ أون يبلغ من العمر 34 عاماً. أعتقد أنّه يتطلع إلى العيش 40 سنة أخرى أو أكثر، ولديه خبرة في العيش في الخارج".

وتابع "طوال تاريخهم، لم يظهر مسؤولو كوريا الشمالية أي إشارات على أنّهم يريدون نزع الأسلحة النووية، ولكن الآن... هناك فرصة تستحق الاختبار"، خاتماً بالقول: "الحرب ليست خياراً".

المساهمون