العراق: هل تضغط الولايات المتّحدة لتمرير الكاظمي؟

العراق: هل تضغط الولايات المتّحدة لتمرير الكاظمي؟

28 ابريل 2020
اتهامات متواصلة من قبل حلفاء إيران للكاظمي (فيسبوك)
+ الخط -
إلى جانب الاتهامات المتواصلة من قبل فصائل مسلحة، توصف عادة بأنها مرتبطة بإيران، لرئيس الوزراء العراقي المكلف مصطفى الكاظمي بـ"العمالة" لواشنطن، وأنه يتبنى مشروعا مدعوما من قبلها، اعتبر مراقبون أن تقليص الاستثناء الأميركي للعراق في ما يتعلق باستيراد الغاز والكهرباء من إيران إلى شهر واحد فقط، وربط تمديده بـ"وجود حكومة عراقية ذات مصداقية"، بمثابة ضغط أميركي لمنع أي مخطط لإسقاط حكومة الكاظمي، إذ إن تكرار سيناريو محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي مع الكاظمي يعني أن استيراد الغاز والكهرباء من إيران لن يكون ممكنا بعد انتهاء فترة الشهر الممنوحة لبغداد.

وأعلن مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية عن تجديد الولايات المتحدة الإعفاء الممنوح للعراق لاستيراد الكهرباء الإيرانية، ولكن هذه المرة لفترة زمنية أقصر، بعد أن كانت 45 يوماً، لافتا إلى أن واشنطن ستعيد تقييم ما إذا كانت ستجدد الإعفاء مرة أخرى حال تشكيل "حكومة ذات مصداقية" في العراق.

ومنحت الولايات المتحدة، مراراً، إعفاءات إلى بغداد لمواصلة استيراد الغاز والكهرباء الإيرانيين رغم عقوباتها على طهران، واقتصر الإعفاءان الأخيران على فترة 30 يوماً، بعد أن كان متوقعا أن يستثمر العراق 10 مليارات دولار في مشاريع نفط وغاز من أجل إنهاء اعتماده على إيران في غضون أربع سنوات، ولكنه لم يحرز أي تقدم في المشاريع.

وكان وزير الكهرباء لؤي الخطيب قد قال، في وقت سابق، إن العراق يحتاج بين ثلاث إلى أربع سنوات ليتوقف عن استيراد الطاقة من جارته الشرقية، موضحاً أن "مشاريع النفط والغاز في العراق ستستغرق عدة سنوات قبل أن تبلغ طاقتها الإنتاجية وتوقف الاعتماد على الغاز الإيراني، وهذه السنوات الثلاث أو الأربع يجب أن يتخللها جدول زمني بلا انقطاع مع حكومة تتمتع بسلطة تنفيذية كاملة، ومن دون أي تدخل من الكيانات السياسية وفي بيئة ترحب بالاستثمارات والمشاركة متعددة الجنسيات".

وبشأن ربط قرار الاستثناء الأخير من استيراد مصادر الطاقة من إيران وعلاقته بالحكومة الجديدة "ذات المصداقية"، قالت انتصار الجبوري، وهي عضو في تحالف "القوى العراقية"، الذي يتزعمه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، إن "واشنطن لم تكن راضية على حكومة عادل عبد المهدي ولم يكن الأخير يتمتع بالمصداقية على مستوى أميركا والمجتمع الدولي أيضاً، لا سيما بعد ما حدث من قمع وخطف ومجازر بحق المحتجين"، مبينة لـ"العربي الجديد"، أن "عبد المهدي كان قريباً من الفصائل وضمن مظلة النفوذ الإيراني وأثر هذا الأمر على طبيعة التعامل بين بغداد وواشنطن، لذلك من مصلحة واشنطن أن تكون للعراقيين حكومة جديدة يمكن أن تدفع باتجاه وضع المسار الصحيح في العلاقات الدولية، فالأمر إذن ليس مرتبطاً بالاستثناءات فقط، بل بالمفاوضات بين بغداد وواشنطن المؤمل إجراؤها منتصف يونيو/حزيران القادم".

ولفتت إلى أن "واشنطن تريد للعراق حكومة لا تستبطن المواقف والتوجهات والتعاملات وإنما ذات سياسات واضحة، ولذلك تحدثت عن أهمية وجود حكومة تتمتع بالمصداقية، وإلا فإن العراق سيتجه تدريجياً نحو العزلة الدولية".

من جهته، أشار النائب المستقل في مجلس النواب العراقي باسم خشان إلى أن "واشنطن لا تدعم حكومة الكاظمي، ولكن هناك من يُروّج لهذه الفكرة من خلال محاور سياسية واضحة ومعروفة، وفي الحقيقة أن الكاظمي خاضع للأحزاب النافذة بصورة كبيرة، ولجميع الكيانات السياسية السنية والكردية والشيعية، وهو جزء من كذبة الإصلاحات لأنه لا يملك أي خيارات"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "الاستثناء الذي حصل العراق يدل على أن واشنطن ترفض الكاظمي ولا تدعمه، ومن خلال منح الاستثناء الجديد تريد أن تعرف مواقف جديدة عن الكاظمي".

وأكمل أن "أميركا ابتعدت عن لعبة المحاور في العراق، لأنها وجدت أن كل محاولاتها لم تأت بنتيجة ولكنها من الممكن أن تضغط في أمور معينة من أي حكومة عراقية، وبالتالي لن تهتم سواءً نجح الكاظمي أم لا".

بدروه، بيَّن رئيس مركز التفكير السياسي في العراق إحسان الشمري، أن "تمديد الاستثناءات للعراق يدخل في باب إعطاء مساحة لاختبار الكاظمي والقوى السياسية العراقية بشأن العودة إلى الصواب وعدم الانغماس بشكلٍ كامل مع إيران، وعدم تكرار تجربة عادل عبد المهدي الذي أخلَّ بمبدأ التوازن بين واشنطن وطهران".

ولفت في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، إلى أن "هذا الاستثناء يدخل في مسار تحفيز رئيس الوزراء المقبل على أهمية التعاون الدولي المشترك، إضافة إلى أنه قد يكون تحفيزاً لإيران في أن يتم اعتماد الكاظمي كجزء من بوابة التهدئة بين واشنطن وطهران".

وبحسب تقارير، فإن عدم تكرار تجديد الإعفاء يؤدي إلى إلحاق ضرر بقطاع الكهرباء العراقي الذي يعتمد ثلث طاقته على ما يستورده من الغاز والكهرباء الإيرانيين. وتدفع بغداد ثمن الواردات من طريق إيداع الدينار العراقي عبر المصرف العراقي للتجارة المملوك للدولة، ما يسمحُ مبدئياً لإيران باستخدامه لشراء سلع غير خاضعة للعقوبات التي فرضتها واشنطن على قطاع الطاقة الإيراني في عام 2018.