رئاسيات أفغانستان: جدال يؤجل إعلان النتائج

رئاسيات أفغانستان: جدال يؤجل إعلان النتائج

24 نوفمبر 2019
لا تزال عملية الفرز مستمرة ببعض المراكز(وكيل كوهسار/فرانس برس)
+ الخط -


بعد مرور شهرين تقريباً على إجراء الانتخابات الرئاسية الأفغانية في 28 سبتمبر/أيلول الماضي، لم تتمكن لجنة الانتخابات حتى الآن من إعلان النتيجة الرسمية، في ظلّ تفاوت التكهنات والتوقعات بشأنها واستمرار الجدال بين المرشحين للرئاسة حول آلية فرز الأصوات التي لم تتجاوز مليونا ونصف مليون صوت من أصل نحو 9.7 ملايين ناخب مسجّل، بينما حذّر البعض من تحوّل عملية الانتخابات إلى أزمة على غرار ما حدث عام 2014، معربين عن خشتيهم من تكرار السيناريو ذاته، إذ حُلّت المشكلة آنذاك بوساطة أميركية عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية بين المرشحين في حينه، الرئيس الأفغاني أشرف غني والرئيس التنفيذي للحكومة عبد الله عبد الله. في الأيام الأخيرة وبسبب الخلافات مع لجنة الانتخابات اتفق ثلاثة مرشحين للرئاسة وهم عبد الله وزعيم الحزب الإسلامي قلب الدين حكمتيار، ورئيس الاستخبارات السابق رحمت الله نبيل على عدم المشاركة في ملف فرز الأصوات، تحديداً أصوات أكثر من 8255 مركزاً انتخابياً وثقّتها اللجنة. وشدّدوا على أن أي نتيجة تخرج من هذه الآلية لن يقبلها الشعب الأفغاني، بل ستدفع البلاد نحو أزمة لن تخطر ببال الحكومة وحلفائها.

في السياق، علّق حكمتيار على استئناف لجنة الانتخابات فرز الأصوات في تلك المراكز وتوثيقها بعد أن جمّدتها بسبب احتجاجات في بعض الأقاليم قبل أسبوعين، فقال إن هذه الخطوة قد تودي بالبلاد نحو أزمة جديدة، مشدّداً على أن الشعب الأفغاني لن يقبل نتيجة تنبع من آلية تتيح الفرصة في الأساس لمرشح محدد، قاصداً الرئيس الأفغاني أشرف غني. في غضون ذلك، عقد مجلس شورى المرشحين للرئاسة اجتماعاً في كابول يوم الخميس الماضي، أكد بعده بعض المرشحين في مؤتمر صحافي، أن الانتخابات الرئاسية والنتيجة المرتقبة ليست وحدها معرّضة للشك، بل أن الشعب الأفغاني لم يعد يعتمد على لجنة الانتخابات، خصوصاً على بعض أعضائها، من دون أن يسميهم.

بدوره، قال أحد المرشحين، أحمد ولي مسعود، في المؤتمر نفسه: "قمنا بتعيين أعضاء اللجنة والآن نحن بصدد سحب الثقة منهم، ونقول للشعب إننا لم نعد نعتمد عليهم، تحديداً الأعضاء الذين يعملون بشكل ممنهج من أجل مرشح محدد، ويهملون مطالب الشعب وتطلعاته". وأكد مسعود أن الشعب خرج في ظروف قاسية وصعبة وسط تهديدات المسلحين إلى مراكز الاقتراع، لذا فالتلاعب بأصواتهم أمر محتمل، وأن النتيجة المرتقبة التي قد تأتي في الظرف الراهن ونتيجة آلية فرز لم يتفق عليها المرشحون غير مقبولة بالمرة.



تحدث أيضاً مرشح رئاسي آخر، وهو شهاب حكيمي، مشدّداً على أن جميع المرشحين لن يهربوا من إعلان النتيجة، ولكننا نريد النزاهة والشفافية والعمل من أجلهما، وأي نتيجة تأتي تحت الظرف الراهن لن يقبلها الشعب وستفجّر أزمة جديدة. من هنا فإن مجلس شورى المرشحين وضع خطة بديلة أرسلها إلى البعثة الأممية في كابول. ومع أن حكيمي لم يكشف معالم الخطة البديلة، غير أن بعض مصادر مجلس الشورى كشفت لـ"العربي الجديد"، أن الخطة البديلة تدور حول تشكيل حكومة مرحلية تراقب عملية المصالحة وإجراء الانتخابات الرئاسية مجدداً.

وكانت لجنة الانتخابات قررت في 9 نوفمبر الحالي إعادة فرز أصوات 8255 مركزاً انتخابياً وتوثيقها من أجل تمييز الأصوات الشرعية من غير الشرعية. وهي مراكز كانت اللجنة تبدي شكوكها أساساً حول أصواتها لأسباب عدة. ومع بدء عمليات الفرز خرجت تظاهرات في أقاليم عدة لأنصار المرشحين الذين قاطعوا العملية، واعتبروا أن العمليات تجري من أجل إتاحة الفرصة للتزوير، وعلى رأس المعترضين كان عبد الله، الذي تمكن أنصاره من وقف عملية الفرز والتوثيق وإغلاق المراكز الانتخابية التي كانت تعمل على فرز الأصوات في أقاليم عدة. بالتالي لجأت اللجنة إلى وقف العملية بهدف التباحث مع المرشحين المعترضين، وبعد أيام من الحوار لم تتمكن اللجنة من إقناعهم، فاستأنفت عملية الفرز في 18 من الشهر الحالي. مجدداً، أوقف أنصار عبد الله وحكمتيار ونبيل عملية الفرز ولم يسمحوا للجنة الانتخابات بالعمل في سبعة أقاليم وهي: بانشير وتخار وبدخشان وجوزجان وسربل وفارياب وبغلان.

وحول ذلك، ذكر المتحدث باسم لجنة الانتخابات ذبيح الله سادات، أن اللجنة تسعى من خلال الحوار مع المرشحين والزعماء القبليين لإعادة فرز أصوات 1374 مركزاً في تلك الأقاليم، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن عملية إعادة فرز الأصوات في المراكز الخاصة قد اكتملت في 17 إقليماً، فيما سينتهي العمل في 10 أقاليم أخرى قريباً. وفي حالة عدم السماح بالعمل في الأقاليم السبعة، ستمضي اللجنة قدماً في العمل وفق قانون الانتخابات، حسبما أكد الرئيس التنفيذي للجنة الانتخابات حبيب الرحمن ننك يوم الخميس الماضي. والمراكز الـ1374 جزء من الـ8255 مركزاً.

في سياق الجدال المستمر بشأن الانتخابات الرئاسية والنتيجة المرتقبة، اتهم بعض المرشحين وعلى رأسهم عبد الله، قوات الأمن بالعمل ضد أنصار المرشحين الآخرين والعمل لصالح الرئيس الأفغاني. وأعلن عبد الله أن قوات الأمن أطلقت النار على أنصاره في إقليم قندوز شمال أفغانستان، وقُتل واحد منهم. وقد كسب تعاطفاً من الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، الأمر الذي أثار استياء الحكومة، خصوصاً وزارة الداخلية، التي أفادت في بيان لها عقب الاتهامات، بأن المتظاهر قُتل إثر سقوط صاروخ أطلقه مسلحو حركة "طالبان"، إذ لم تُطلق القوات الأمنية النار عليهم. وكان السفير الأميركي لدى كابول جون باس تدخّل دفاعاً عن قوات الأمن، مغرداً على "تويتر" بأن القوات الأفغانية لم تتدخل في عملية الانتخابات لصالح أي مرشح.

أما مؤسسة "فيفا" لمراقبة الانتخابات، فرأت أن إعلان النتيجة في الوقت الراهن في وسط هذا الجدال، لا بدّ أن يفجّر صراعاً سياسياً في أفغانستان. واعتبرت أن الأمر متعلق بدور لجنة الانتخابات والحكومة لاحتوائها، غير أن هناك خشية من قوع سيناريو خطير على غرار ما حدث عام 2014.

في سياق آخر، أفاد مصدر في لجنة الانتخابات لـ"العربي الجديد"، بأن اللجنة بصدد إعلان النتيجة الأولية خلال الأيام المقبلة، وثمة دعوات إلى التسريع في إعلان النتيجة، فالتأخير في ذلك يزيد الشكوك بشأن العملية الانتخابية وتستفحل الخلافات بين المرشحين. في هذا الإطار، قال أحد المرشحين الرئاسيين إبراهيم ألكوزاي، وهو أحد الذين تنازلوا لمصلحة غني، إن التأخير في الإعلان عن النتيجة الأولية يفاقم المشكلة، وعلى لجنة الانتخابات الإسراع في إعلان النتيجة. وأضاف في مؤتمر صحافي في كابول يوم الخميس الماضي، أن لجنة الانتخابات تعمل وفق القانون وأن النتيجة التي ستعلنها ستكون مقبولة لدى الشعب.



دلالات