انفصام طائفي في لبنان

انفصام طائفي في لبنان

30 أكتوبر 2017
يتكرر مشهد غرق طرقات لبنان بمياه الأمطار (حسين بيضون)
+ الخط -

لم يكن مُستغرباً من وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني يوسف فنيانوس، أن يصف المواطنين المُعترضين على تشكّل بحيرات من مياه الأمطار على الطرقات العامة والفرعية بـ"عديمي العقول". وهو الوزير المُسمى من قبل تيار سياسي إقطاعي ومناطقي (المردة)، ظهر رئيسه سليمان فرنجية، وهو "يُربّي" مُناصريه ويهينهم ويصفع أحدهم. على نفس هذا المنهج العُنفي تقود مُختلف القوى السياسية جمهورها الطائفي. والعنف ليس بالصفعة فقط. أو بالإهانة اللفظية فقط. فتُهمة خيانة الطائفة أو العشيرة في لبنان أقسى من الصفعة أحياناً. هذا ما بدا مع موجة التخوين التي لاحقت بعض المُعترضين من الطائفة الشيعية على هدم محالهم المُخالفة في أحد أفقر الأحياء في الضاحية بل وفي لبنان، أي حي السلم. تحوّل المُعترضون وإحداهن سيدة شيعية مُلتزمة دينياً إلى هدف للتعنيف اللفظي والشتم المُضاد والتخوين، بعد أن هاجموا الطرف السياسي الأقوى في الضاحية، حزب الله. بلغ الأمر حد شتم الأمين العام للحزب حسن نصر الله واتهامه بإهمال تنمية المناطق المحسوبة عليه، مقابل الاندفاع في إرسال أبناء هذه المناطق للقتال في سورية والعراق. كما برز أيضاً اتهام بعض قيادات الحزب استغلال النساء المُطلقات من خلال إجراء عقود المُتعة معهن مُقابل تقديم المساعدات.

هي اتهامات قد يسمعها المارة في شوارع الضاحية أحياناً. وفي المقاهي الشعبية المُنتشرة فيها. ولا ضير في ذلك ما دام الأمر لم يخرج "من ضمن الطائفة". أما أن يتحول نقاش الواقع داخل أي طائفة في لبنان إلى نقاش علني فتلك خطيئة لا تُغتفر. من هذا المُنطلق خوَّن أنصار "تيار المستقبل" المُعترضين على كلام  الأمين العام للتيار أحمد الحريري، واعتباره "أن لا قيمة له ولا لأهل بيروت من دون الرئيس سعد الحريري". اتُهم معارضو هذه المقولة بخيانة "الوريث الشرعي لرفيق الحريري".

وبنفس المنطق أيضاً خرجت دُعابة زوجة رئيس "حزب القوات اللبنانية" ستريدا جعجع، التي نكأت واحداً من أعمق جراح الموارنة اللبنانيين، مجزرة إهدن. ذكّرت جعجع خلال لقاء مع الجالية اللبنانية في أستراليا أن والدها وافق على زواجها من سمير جعجع "لأنه كسّر رأس أهل زغرتا"، في إشارة إلى المجزرة التي شارك جعجع شخصياً في تنفيذها وأدت إلى مقتل مُعظم أفراد عائلة فرنجية، التي يُمثلها الوزير يوسف فنيانوس في الحكومة اليوم. قالت ستريدا جعجع ما يقوله كثير من المسيحيين، ولكن المُشكلة أنها جهرت به علناً.

تُشبه مشاكل الطوائف في لبنان مشاكل الزوجين التي يعرفها كل أبناء الحي ولا يتحدث بها أحد، فلا الفضيحة مستورة ولا الزواج سليم.

المساهمون