عامان على "مجزرة الروضة": مصريون يريدون معاقبة المجرم

" قضية مجزرة الروضة تكاد تُنسى مع مرور السنوات "

في السياق، يقول أحد شيوخ قرية الروضة التي خسرت غالبية رجالها في المجزرة لـ"العربي الجديد"، إن بقاء المجرم من دون عقاب يعمّق من جرح القرية وأهالي القتلى والجرحى، ويعكس ذلك عدم اهتمام الدولة المصرية بالقضية، رغم الردّ العسكري للجيش المصري في المحافظة، إلا أن المواطنين كانوا أكثر المتضررين منها، نتيجة التضييق التي شهدته المحافظة بما فيها قرية الروضة ومحيطها، في حين أن كافة نتائج العمليات العسكرية التي استمرت منذ وقوع المجزرة وحتى هذه الأيام لم تشر إلى اعتقال أو قتل المنفذين الحقيقيين للمجزرة، وكذلك لم يبلغ عائلات الضحايا بتطورات التحقيق في القضية في حال كان هناك تحقيق مفتوح.

ويضيف الشيخ أن قضية مجزرة الروضة تكاد تنسى مع مرور السنوات، إذ إن الذكرى السنوية الأولى شهدت حركة وفود وفعاليات في القرية، في حين أن الذكرى الثانية غابت عنها الفعاليات وغاب الزوار عن القرية، ما يشير إلى أن اهتمام الدولة المصرية ومؤسساتها بالقضية بدأ يتلاشى، رغم أن الحزن لا يزال يسيطر على بيوت القرية.

ويوضح أن سكان القرية يتخوفون من سحب الدولة المصرية لما قدمته من تسهيلات ومساعدات لأهالي القرية خلال الفترة المقبلة، بعد نسيان القضية وضحاياها، التي كان آخرها إغلاق بريد قرية الروضة بعد سرقته، ما اضطر أسر الضحايا للاتجاه نحو مركز مدينة بئر العبد لتسلّم المخصصات المالية التي تصرف كإعانات من الجهات الحكومية بمبالغ زهيدة وبصورة دورية.
وينوّه الشيخ إلى أن سكان قرية الروضة بصدد إعادة إثارة القضية من جديد خلال المرحلة المقبلة، ويشمل ذلك القيام بسلسلة من الفعاليات داخل القرية وفي محيطها، وبمشاركة كل المهتمين بضحايا المجزرة، فيما يجري التواصل مع المسؤولين المباشرين عن ملف المجزرة في المؤسسات الحكومية والمجتمعية في المحافظة وخارجها، بالإضافة إلى التوجه نحو طرح تساؤلات على المسؤولين الحكوميين ونواب سيناء من تطورات التحقيق في القضية، ومدى طرح وتداول تبعاتها والسعي لمعرفة المسؤول الحقيقي عنها، وذلك في الأروقة النيابية والحكومية والمجتمعية.

" الحكومة: الدولة ترى أنها قدمت المطلوب منها على صعيد دعم عائلات الضحايا بالمخصصات المالية "

يشار إلى أن مجزرة الروضة أحدثت ضجة إعلامية واسعة النطاق، شملت ردود فعل رسمية ومجتمعية وشعبية في مصر وعدد من الدول المهتمة بالشأن المصري والإنساني، وهو ما أكسب النظام المصري قوة في شماعة الإرهاب التي يعلق عليها كل التقصير القائم بحق المواطنين، وكذلك الانتهاكات ضد كل معارضي النظام المصري الذي كان أساسه الانقلاب العسكري الذي قام به الرئيس عبد الفتاح السيسي صيف عام 2013. وفي ذلك إشارة إلى أن النظام كان أكثر المستفيدين من مجزرة الروضة.

من جهته، قال مسؤول حكومي في محافظة شمال سيناء لـ"العربي الجديد" إن الاهتمام الذي ساد في بدايات وقوع المجزرة بات جزءاً من الماضي، في ظل الانشغال الحكومي في المحافظة وخارجها بملفات أخرى، رغم أن القضايا المطروحة على الطاولة حالياً لا تُذكر أمام حجم قضية مجزرة الروضة. فالاهتمام بقضايا دون أخرى وبأوقات محددة يعود إلى قرارات عليا تتحكم في المشهد في سيناء عن كثب، ومرد كل هذا الاهتمام وتحديد وجهته يعود إلى الجهات الأمنية بالدرجة الأولى؛ باعتبار سيناء منطقة عسكرية تتحكم بها قيادة عمليات الجيش المصري، ووزارة الداخلية، لا محافظة شمال سيناء التي يقتصر عملها على تنفيذ التوجيهات الصادرة عن الجهات الأمنية والعسكرية.

وأضاف المسؤول الحكومي أن الدولة المصرية ترى أنها قدمت المطلوب منها على صعيد دعم عائلات الضحايا بالمخصصات المالية، وتحسين الوضع المعيشي للقرية وتحسين البنى التحتية فيها، وتركيز الحديث الإعلامي على المجزرة عند وقوعها، وكذلك في الذكرى السنوية الأولى، في حين أن الذكرى السنوية الثانية تأتي في ظل انشغال محافظة شمال سيناء بتبعات العملية العسكرية الشاملة التي خاضها الجيش في أعقاب المجزرة. وأوضح أن قضية مجزرة الروضة باتت شيئاً من الماضي من وجهة نظر الدولة ومؤسساتها، إلا في حال تم تحريك الملف مجدداً، ولا يخاطر أحد في تفعيل القضية سوى أهالي الضحايا، والمكلومين نتيجة المجزرة، والذين قد يتعرضون لرد فعل سلبي من الدولة المصرية تصل إلى حد العقاب.