جدل أميركي حول آليات مواجهة كورونا.. محلية أم عالمية؟

جدل أميركي حول آليات مواجهة كورونا.. محلية أم عالمية؟

28 مارس 2020
وقع ترامب قانون حزمة المساعدات يوم الجمعة (Getty)
+ الخط -
صوّت مجلس النواب الأميركي، يوم الجمعة، على قانون الإعانة الذي كان أقره مجلس الشيوخ قبل يومين، ليقر 2.2 تريليون دولار كحزمة للتعامل مع تداعيات انتشار فيروس كورونا الاقتصادية. ودخل القانون حيز التنفيذ مع توقيع الرئيس دونالد ترامب عليه. 


وتضمنت الحزمة تخصيص مليار دولار بتصرف وزارة الخارجية ووكالة التنمية الدولية وغيرهما من الدوائر والبرامج الخارجية الأميركية. المبلغ غير مخصص بالتحديد لمحاربة كورونا في الخارج، ولو أنه يترك لهذه الجهات أمر المشاركة في هذه المواجهة في أكثر من بلد.

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أعلنت عن تقديم 274 مليون دولار لمساعدة بعض الدول التي تعاني من انتشار الفيروس. وتعتبر هذه مساهمة شحيحة، خصوصا أنها أتت بعد ضغوط وجدل بين دعاة عولمة المعركة مع الفيروس وبين معارضي هذا التوجه.

ففيما شدّد الفريق الأول على ضرورة نزول واشنطن بقوة وقيادتها للحملة العالمية في هذا المجال، اكتفت الإدارة بهذ القدر من المشاركة التي كان الرئيس ترامب قد حصرها في البداية بالناحية الاقتصادية، ثم جرى تصويبها نحو الشق الطبي من الموضوع. وبكل حال تبقى المساعدة مرهونة بطلب رسمي من الدول المعنية، على أن يبقى لوزارة الخارجية البت بالأمر، وفق معايير صحية وسياسية على ما يبدو.

فالتسييس رافق هذا الموضوع من البداية عندما حرص ترامب على إعطاء فيروس كورونا هوية صينية، ليس فقط من باب أن الصين هي البلد التي انطلق منها الفيروس، بل أيضاً من زاوية تحميلها مسؤولية انتشاره.

فجرى اتهام الصين بأنها تعمدت حجب المعلومات عن الوباء ما أدى إلى انتشاره الواسع. ومع ارتفاع وتيرة التمدد في أميركا، تصاعدت النبرة في واشنطن مع شيء من الغمز الذي مارسته بعض الأوساط حول ما إذا كان في الأمر "مؤامرة صينية"، الأمر الذي ردت عليه بكين باتهام الجيش الأميركي بزرع الفيروس.

رافق هذا الشطط من الجانبين تزايد استخدام عبارة "الفيروس الصيني" في خطابات ترامب. وهي تسمية أثارت اعتراضات من باب أنها تترك الانطباع وكأنها مطليّة بمسحة عنصرية. لكن الإدارة صعّدت لهجتها من خلال وزير الخارجية الذي صوب تهمة تشويه المعلومات إلى الحزب الشيوعي الصيني، وليس الحكومة الصينية التي حرص الرئيس ترامب على مواصلة التشاور معها من خلال اتصالاته بالرئيس شي جين بينغ.

هذه الازدواجية بدت مقصودة، بحيث تسمح للإدارة بمواصلة رمي المسؤولية على الصين لتغطية قصورها في التصدي المحلي للوباء، ومن جهة ثانية تقطع الطريق على تعاون دولي جدّي في خوض هذه الحرب.

ويشير إلى ذلك شح المبالغ التي خصصتها لمحاربة الوباء دولياً، مع أن الرأي الراجح في واشنطن يؤكد على أن عولمة الوباء تفرض عولمة محاربته حتى لا يتفشّى مجدداً.

ويشمل ذلك الخصوم مثل إيران التي تزايدت المطالبات في الأيام الأخيرة لمساعدتها على التغلب على الوباء عن طريق تخفيف العقوبات الأميركية عليها.

وخصصت صحف رئيسية مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست افتتاحيات لحث الإدارة على اتخاذ مثل هذه الخطوة. لكن إدارة ترامب ما تزال تتجاهل الأمر. في مقابلة له اليوم مع إحدى محطات الراديو، لم يتناول الوزير مايك بومبيو الحديث حول هذه الخطوة، ولو بالتلميح بقدر ما صوب نحو سياسات إيران الخارجية، مع التركيز على الأسير الأميركي الذي تردد أنه توفي في السجون الإيرانية.

تعرف واشنطن أن التحدي عالمي، وأن كبحه في الداخل مرهون إلى حد بعيد بالسيطرة عليه في الخارج، لكن مواجهتها متعثرة على الصعيدين خاصة في معركتها المحلية، فالنقص في المعدات والأجهزة الطبية يربك الجهات الصحية، ويفاقم الموجة التي تجاوزت مئة ألف مصاب.