النظام يهدد بحملة على حلب...و"درع الفرات" على تخوم الباب

النظام يهدد بحملة على حلب...و"درع الفرات" على تخوم الباب

14 نوفمبر 2016
"درع الفرات" تبعد نحو ثلاثة كليومترات عن الباب(حسين ناصر/الأناضول)
+ الخط -
تتزايد المعطيات عن اقتراب معركة تحضر لها روسيا والنظام السوري في محاولة لحسم المعركة في مدينة حلب، فبعد وصول حاملة الطائرات الروسية، أميرال كوزنيتسوف، إلى قبالة الساحل السوري، حددت قوات النظام 24 ساعة أمس الأحد لفصائل المعارضة للخروج من المدينة، ما قد يكون إشارة إلى تحضيرات لإطلاق الحملة بعد هذه المهلة. مقابل ذلك، تقترب المعارضة السورية المسلحة ضمن عملية "درع الفرات" من مدينة الباب التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، مع نجاحها بالسيطرة على مناطق إضافية في ريف حلب الشرقي.
وأمهل النظام السوري المعارضة المسلحة مدة 24 لإخلاء المنطقة الشرقية من مدينة حلب، محذّراً من "بدء هجوم استراتيجي باستخدام أسلحة عالية الدقة". وجاء تهديد النظام عن طريق رسائل نصية على الهواتف الخليوية وبصيغ مختلفة. وقالت قوات النظام عبر الرسائل إنها ستشن "هجوماً استراتيجياً"، باستخدام أسلحة عالية الدقة على الأحياء الشرقية، إذا لم يسلم مقاتلو المعارضة أسلحتهم ويغادروا المدينة.
وكانت فصائل المعارضة التي فشلت خلال هجومها الأخير في كسر الحصار عن الأحياء الشرقية في حلب، وانسحب مقاتلوها من المناطق التي سيطروا عليها غربي المدينة، قد رفضت سابقاً أكثر من مرة الاستجابة لمثل هذه التهديدات، وتوعّدت بصد أي هجوم لقوات النظام، بينما دعا القاضي العام لـ"جيش الفتح" عبدلله المحيسني فصائل المعارضة إلى الاستعداد لشن هجوم جديد.
وقبل ذلك بساعات، طالب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا، بوقف كل الهجمات التي تستهدف مدينة حلب، إذ قال في كلمة ألقاها عقب اجتماعه مع نائب وزير الخارجية الإيراني حسن جابري أنصاري، في طهران، إن الأمم المتحدة تسعى إلى "تطهير حلب من المجموعات المقاتلة وتحقيق الأمن فيها"، من دون أن يحدد هذه المجموعات. لكنه عبّر عن إدانته لكل "أشكال القتل التي تقع في المناطق الشرقية والغربية لحلب"، مشيراً إلى اقتراحٍ قيد الدراسة، يقضي بإجلاء المدنيين من المدينة، من دون مزيد من التفاصيل.
من جهتها، حددت وزارة الدفاع الروسية عدة شروط للإعلان عن هدنة جديدة في حلب. وقال المتحدث باسم الوزارة إيغور كوناشينكوف إن "إمكانية إقامة التهدئة مرتبطة بتأكيد الأمم المتحدة استعدادها لتسليم المساعدات الإنسانية إلى حلب، فضلاً عن إجلاء الجرحى والمرضى المدنيين، من أحيائها الشرقية بالفعل لا بالكلام"، حسب تعبيره. وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت تعليق طلعات الطيران الروسي في سماء مدينة حلب منذ 18 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، دعماً بحسب قولها "للجهود الإنسانية"، وهو تعليق لا يشمل الريف الحلبي، ولا مناطق الاشتباك جنوب وغرب المدينة.
في غضون ذلك، تواصلت المعارك على جبهات القتال في أطراف حلب، خصوصاً في الجزء الغربي، حيث قالت المعارضة إنها قتلت 13 من أفراد النظام والمليشيات المساندة له. كما بث "جيش المجاهدين" مقطعاً مصوراً لاستهداف مقاتليه بصاروخ من طراز MD، تجمعاً لقوات النظام في ضاحية الأسد غرب مدينة حلب، مما أدى إلى مقتل وجرح عدد من عناصر النظام والمليشيات الموالية لها.
كما ذكر "مركز حلب الإعلامي" أن مقاتلي المعارضة قتلوا 18 من قوات النظام على جبهة عويجة، خلال محاولتها التسلل إلى الحي فجر أمس الأحد. أما في ريف المحافظة الشمالي، فقد أغار الطيران الحربي الروسي بالصواريخ على مدينتي عندان وحريتان، ما أدى إلى إصابة خمسة مدنيين بجراح، فيما قتل خمسة أشخاص وأصيب آخرون نتيجة قصف طيران النظام السوري لقرية غزاوية. ولقي طفل مصرعه بغارةٍ استهداف بها الطيران الحربي مدينة الأتارب.


"درع الفرات" تقترب من الباب
في موازاة ذلك سيطرت فصائل "الجيش السوري الحر" المدعومة من تركيا صباح أمس الأحد، على خمس قرى جديدة، تابعة لمدينة الباب، في إطار العمليات الهادفة إلى طرد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من أهم معاقله في ريف حلب الشرقي.
وقالت مصادر مقربة من غرفة عمليات "درع الفرات"، إن فصائل المعارضة باتت على بعد أقل من ثلاثة كيلومترات من مدينة الباب، بعد سيطرتها على قرى سوسيان وحزوان وقديران والدانا وعولان في الريف الشمالي لمدينة الباب، مرجحة أن تبدأ سريعاً تحت غطاء جوي تركي، عملية اقتحام المدينة التي تعدّ المركز الرئيسي للتنظيم في محافظة حلب.
وكانت فصائل "درع الفرات" قد سيطرت الليلة قبل الماضية على ثماني قرى، بعد طرد مسلحي "داعش" خارجها، إضافة إلى جبل الدير الاستراتيجي، والذي يقع على بعد نحو 5 كيلومترات من مدينة الباب، ويُشرف على مساحة واسعة تؤمن خط نظر مكشوف باتجاه المدينة، ويضم أعلى قمة في المنطقة، ما سيُمكّن "الجيش السوري الحر" من رصد تحركات التنظيم في تلك المنطقة، وقطع خطوط إمداد التنظيم فيها، بحسب ما أكده لـ"العربي الجديد" مصدر في "تنسيقية الباب".
وكان مسلحو التنظيم قد انسحبوا من قرى قرط صغير وقرط كبير والشيخ ناصر وشمال بلدة العريمة، لتسيطر عليها "قوات سورية الديمقراطية" لاحقاً، مستبقة وصول فصائل "درع الفرات" إليها، وذلك في إطار التسابق على تركة التنظيم الذي تتهاوى دفاعاته بصورة غير مسبوقة في ريف حلب الشرقي. ومع هذه التطورات، يتقلص نفوذ تنظيم "داعش" في محافظة حلب، ليقتصر على مدينة الباب وما حولها، وصولاً إلى بلدة دير حافر في المحور الجنوبي، وبلدة مسكنة في الجنوب الشرقي قرب حدود محافظة الرقة.
على صعيدٍ متصل، تتواصل الاشتباكات بين "قوات سورية الديمقراطية" المدعومة بطائرات التحالف الدولي، و"داعش" في ريف الرقة الشمالي، وسط قصف متبادل بين الطرفين. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن "قوات سورية الديمقراطية" سيطرت على قرية الغازلي وقرية شيخ حسن وتلتها وقرية صران، في حين استهدفت الطائرات الحربية التابعة للتحالف بعدة ضربات مواقع ومناطق سيطرة التنظيم في المنطقة، بينما تستمر الاشتباكات في منطقة خنيز وفي محيط بلدة تل السمن.

تصعيد للنظام
ولا يقتصر التصعيد العسكري لمحور النظام، على محافظة حلب وريفها التي سقط فيها ضحايا مدنيون جدد أمس الأحد، ففي محافظة إدلب، قُتل خمسة مدنيين من عائلة واحدة، وهم أم وأطفالها الأربعة، جراء غارات جوية استهدفت مدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي بالتزامن مع غارت مماثلة على مدن وبلدات سراقب وسفوهن وكرسعة وترملا والتمانعة في ريف إدلب.
وفي محافظة حماة، أعلن مقاتلو المعارضة أنهم دمروا طائرة مروحية لقوات النظام، وقتلوا عشرة من جنوده بعد استهداف مستودع ذخيرة في مطار حماة العسكري بصواريخ غراد.

أما في محيط دمشق، فقد واصل الطيران الحربي منذ صباح أمس، استهدافه لمناطق سيطرة المعارضة السورية، مسقطاً قتلى وجرحى. واستهدفت أعنف الغارات، مسجد الهدى في خان الشيح بريف دمشق الغربي، ما أدى لمقتل إمام ومؤذن المسجد، والذي يُعتبر آخر المساجد القائمة حالياً في خان الشيح، بحسب ما أكد من هناك لـ"العربي الجديد" الناشط الإعلامي محمد أبو سالم. وقال الناشط إن "المسجد قد خرج عن الخدمة، وهو أكبر المساجد في مخيم خان الشيح، وكان يتألف من خمسة طوابق، وثانوية شرعية للذكور وأخرى للإناث، كما تضرر بشدة مكتب هيئة فلسطين الخيرية المقابل للمسجد".
وترافق القصف الجوي مع قصفٍ مكثفٍ بالصواريخ، وذلك في إطار سعي قوات النظام إلى الضغط على أهالي المنطقة، للقبول بالتسوية والخروج من المخيم باتجاه إدلب، على غرار مناطق أخرى في ريف دمشق، إذ ارتفع إلى 53 عدد البراميل المتفجرة التي ألقاها الطيران المروحي على مناطق في مزارع خان الشيح ومحيط مخيم خان الشيح خلال الأيام الأخيرة. وتحدثت مواقع موالية للنظام عن أن الأخير يحضر لعملية عسكرية كبيرة في الغوطة الغربية، تشمل بلدات زاكية والمقيلبية وخان الشيح، إذا لم توافق الفصائل المسلحة هناك على الخروج خلال شهر واحد.
في غضون ذلك، قُتل وجرح العشرات بانفجار استهدف أمس الأحد، منطقة تابعة لمدينة عفرين، الخاضعة لسيطرة مليشيا "حماية الشعب الكردية" في شمالي سورية. وقالت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، إن انفجاراً مجهول المصدر استهدف حاجزاً لقوات "وحدات حماية الشعب" في منطقة الغزاوية، التابعة لمدينة عفرين، ما أسفر عن وقوع عشرات القتلى والجرحى، بينهم عناصر من الوحدات ومدنيون.

المساهمون