ألغاز اختفاء التشيكيين الخمسة في لبنان وتأخر تحرك براغ

ألغاز اختفاء التشيكيين الخمسة في لبنان وتأخر تحرك براغ

25 يوليو 2015
الأجهزة اللبنانية تتساءل عن سر عدم تعاون براغ(حسين بيضون)
+ الخط -
بلغ مستوى الانفلات الأمني والفوضى في لبنان إلى حدّ اختفاء خمسة مواطنين تشيكيين منذ أسبوع من دون توصّل الدولة اللبنانية وأجهزتها إلى أي خلاصة واضحة. كل ما في جعبة الدولة على المستوى الرسمي اختصره وزير الداخلية، نهاد المشنوق، من باريس بعبارة "توصلت الأجهزة إلى بداية طرف خيط ويبدو أنّ الأمر يتعلق بالمافيات وتجارة المخدرات والسلاح".

وفي حين لا تملك دوائر الإعلام والتواصل في قوى الأمن الداخلي ما تقوله لحين عودة الوزير المشنوق من جولته الباريسية، أشارت مصادر أمنية لـ"العربي الجديد" إلى أنّ فرع المعلومات في قوى الأمن تسلّم هذا الملف وتابع تفاصيله منذ الساعات الأولى لاختفاء التشيكيين الخمسة في بلدة كفريا في البقاع الغربي (شرقي لبنان). وقالت المصادر نفسها إن التحقيقات، التي لا تزال على ما يبدو أولية على الرغم من مرور أسبوع على الحادثة، تشير إلى فرضيّتين: أنْ تكون المجموعة التشيكية قد دخلت الأراضي السورية، أو أن يكون اختفاؤها ناجماً عن خطف بهدف تبادل أفرادها مع أحد الموقوفين اللبنانيين في السجون التشيكية وهو علي فياض، وخصوصاً أن شقيق الأخير صائب يملك السيارة التي استقلّها التشيكيون خلال تنقلهم في البقاع. مع العلم أنّ أحد المخطوفين الخمسة هو وكيل فياض أيضاً لدى القضاء التشيكي.

اقرأ أيضاً: خطف المصرفيين "غير مجدٍ مالياً" في لبنان

فياض، بحسب المصادر الأمنية اللبنانية، موقوف في براغ منذ مارس/آذار 2014 بتهم التهريب والإتجار بالسلاح والممنوعات. وهو يحمل الجنسية الأوكرانية أيضاً، ضليع في هذه المهمات وسبق أن شغل وظيفةً رسمية في "المؤسسة الوطنية للتسلّح الأوكرانية"، كما شغل منصب مستشار في وزارة الدفاع الأوكرانية. كل هذا يقود المحققين اللبنانيين إلى حقيقة أنّ قضية اختفاء التشيكيين الخمسة "مسألة تتخطى الحدود اللبنانية" نظراً لارتباطاته الخارجية والأدوار التي كان يلعبها. وفي هذا الإطار لا يخفي أحد الأمنيين المطلعين على هذا الملف أن فرضية ثالثة تطرح نفسها وهي "إمكانية أن يكون الأمر اتفاقاً بين الخاطف والمخطوفين بهدف التمكن من إطلاق سراح فياض من السجون التشيكية".

على مستوى الدولة التشيكية، لا تزال الأجهزة اللبنانية تستغرب مدى البرودة التي تعاملت بها براغ مع هذا الملف، خصوصاً أنّ الدولة الأوروبية لم ترسل إلى بيروت وفداً لمتابعة القضية سوى بعد مضي خمسة أيام على الحادثة. كما أنّ الضباط اللبنانيين يؤكدون لـ"العربي الجديد" تمنّع السلطات التشيكية عن تقديم أي معلومات لها خاصة بالمخطوفين الخمسة. لا معلومات رسمية عن سيرهم الذاتية ولا عن نشاطاتهم في تشيكيا أو حتى المهمة التي جمعتهم وأتت بهم إلى بيروت. لكن ما كان لافتاً زيارة قام بها السفير التشيكي في بيروت، سباتوبلوك كومبا، إلى عائلة فياض في جنوبي لبنان، فالتقاها بشكل فردي من دون معرفة أسباب وتداعيات هذه الزيارة. وهو ما يجب التوقف عنده، بحسب بعض الأمنيين المتابعين لهذا الملف.

لذلك لا يزال المحققون اللبنانيون متوقّفين عند هويات المخطوفين الخمسة ومهنهم، باعتبار أنّ اثنين منهما صحافيان وثالثهم رجل أمن ورابعهم مترجم سوري الأصل بالإضافة إلى محامي فياض. وبالتالي إنّ تركيبة هذا "الوفد" التشيكي "غريبة ومتنوّعة"، بحسب أحد الضباط الأمنيين المطلّعين على هذا الملف، باعتبار أنّ كثيراً من التساؤلات لا تزال بلا أجوبة أهمها ماذا يفعل المحامي في مخيّمات للاجئين السوريين باعتبار أن اهتمام الصحافيين الآخرين منطقي بأوضاع مخيّمات اللجوء. ليبقى السؤال الأبرز حول مهمة رجل الأمن التشيكي بين الأربعة الآخرين ومرافقته لهم في المناطق اللبنانية.

اقرأ أيضاً: لبنان: اختفاء خمسة تشيكيين في بلدة كفريا

لا يسع المحققين اللبنانيين سوى الربط بين ملف اختفاء التشيكيين الخمسة واحتجاز فياض، باعتبار أنّ جميع الخيوط تقود إلى الربط "ولو أنّ الفرضيات الأخرى تبقى محتملة". وبغض النظر عن سياق هذه الفرضيات، لا تزال التساؤلات أيضاً تطاول الطرف القادر على خطف خمسة أشخاص وإخفائهم بهذه السهولة بعيداً عن أنظار الدولة اللبنانية ونشاطها الجدي في منطقة البقاع التي كثرت فيها خلال السنوات الأخيرة ظاهرة الخطف مقابل فدية وغيرها من الأعمال المشابهة بالسطو وسلب السيارات. وفي هذا الإطار يقول أحد الأمنيين لـ"العربي الجديد" إنّ "عملية التشيكيين الخمسة، في حال ثبت أنها اختطاف، هي عمل دولة أو ما يشبه أعمال الدول"، مشيراً إلى أنّ في لبنان "شبه دولة وأطراف تتصرّف كأنها أكبر من الدولة"، في حين يبقى ما قاله الوزير المشنوق واضحاً في هذا الإطار: هذا لعب مافيات.

دلالات