العبادي يجمّد قانون "الحشد"... ويشترط سحب فصائله من سورية

العبادي يجمّد قانون "الحشد"... ويشترط سحب فصائله من سورية

20 اغسطس 2017
يبلغ عديد "الحشد" 120 ألف مقاتل (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من الوعود الكثيرة التي يطلقها رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، بشأن رعايته لمليشيات "الحشد الشعبي" وقرب تفعيل كافة بنود قانونهم الخاص الذي أقره البرلمان، نهاية العام الماضي، إلّا أنّ الواقع الفعلي يؤكد مماطلة العبادي بتفعيل عدد من بنود القانون، خصوصاً ما يتعلق بفقرات التسليح وحصتهم من نفقات الجيش العراقي ومساواة مرتباتهم بمرتبات الجنود وعناصر الشرطة. هذا الأمر دفع بقيادات داخل "الحشد" وأعضاء في البرلمان إلى اتهامه بالانصياع لرغبة أميركية بتعطيل القانون، أو المماطلة بتطبيقه، لما بعد الانتخابات التشريعية المقبلة، أو انتهاء صفحة تنظيم "داعش" على أقل تقدير من العراق بشكل نهائي.

ويقول مقربون من رئيس الوزراء العراقي إن العبادي يحاول من خلال مماطلته مع "الحشد" فرض شروط لتحجيم دوره وتأطيره بأطر لا يستطيع تجاوزها، ولا يكون أقوى من القوات النظامية العراقية، وليرتبط، في النهاية، بشكل مباشر بشخص رئيس الوزراء فقط، وفك ارتباط فصائله بالجهات السياسية في محاولة منه للسيطرة على هذه المليشيات، في وقت ما زال فيه قادة "الحشد" يرفضون شروط العبادي التي يعتبرونها تجاوزاً على حقوق وقانون المليشيا. ويرجح مراقبون فرض العبادي شروطه على تلك المليشيات بعد أن استطاع مساومتها على تفعيل قانون "الحشد" أو تعطيله.

وقال مسؤول، قريب من كتلة التحالف الوطني البرلمانية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "رئيس الحكومة حيدر العبادي جمّد فقرات مهمة في قانون الحشد الشعبي ومنع تفعيلها"، مبيناً أنّ "ضغوطات كبيرة يمارسها قادة الحشد وقادة التحالف على العبادي لتطبيق هذا القانون، الذي تمّ إقراره في البرلمان منذ عدّة شهور". وأضاف أنّ "العبادي يماطل منذ فترة، ويحاول تسويف تطبيق القانون، لكنّه في آخر اجتماع له مع قادة الحشد وضع أمامهم عدّة شروط لقبوله بتطبيق القانون، أهمها فك ارتباط فصائل الحشد بجهاتها السياسية وقياداتها المليشياوية وسحب أجنحتها العسكرية الموجودة في سورية، وتبييض سجون المليشيات من المواطنين وتسليمهم للحكومة ليتم عرضهم على القضاء". وبين المسؤول أنّ "العبادي طلب أن تكون تلك الفصائل منفصلة بشكل كامل عن كافة ارتباطاتها الحالية". وأكد أنّ "العبادي ركّز على نقطة أساسية، وهي أن تعمل كافة الفصائل تحت مسمّى الحشد، لا تحت مسميات فصائلها، وأنّ يكون ارتباطها وأوامرها حصراً من قبله شخصياً (العبادي). كما أكد على عدم حمل الفصائل أي رايات تمثل جهاتها وارتباطاتها السياسية، وأن تعمل تحت علم العراق حصراً"، موضحاً أنّ "قادة الحشد وقادة الفصائل المليشياوية لم يرق لهم ذلك، بينما ما زالت المفاوضات مستمرّة بشأنها".


وتشكو قيادات "الحشد الشعبي" من عدم صرف الحكومة لمخصصات المليشيا، وتؤكد وجود تعقيدات كبيرة وضعتها الحكومة في طريق صرف المستحقات. وقال المتحدّث باسم مليشيا "الحشد"، النائب أحمد الأسدي، في بيان له أمس الجمعة، إنّ "الحشد مكمّل للمنظومة الأمنية العراقية لمواجهة أي خطر يواجه البلاد"، مؤكداً أنّه "لا توجد خطوط حمر على مشاركة الحشد في جميع المعارك". وأبدى استغرابه من "عدم صرف الحكومة حتى الآن لمخصصات الحشد، بالرغم من تصويت البرلمان عليها منذ عدّة شهور"، موضحاً "عندما طالبنا بالزيادة وصلنا الرد من قبل الحكومة بوجود تعقيدات وعدم وضوح بالهيكلية التي قدّمها الحشد لآلية صرف الزيادات". وأشار إلى أنّ "الهيكلية التي كنّا قدمناها كانت واضحة جداً وغير معقدة كما تدعي الحكومة". وقال نائب رئيس المليشيا، أبو مهدي المهندس، في خطاب، إن "الحكومة لم تفعل فقرات القانون بالشكل الكامل"، مبيناً أنه "منذ خمسة أشهر والحكومة لم تفعل فقرة المرتبات ومخصصات الحشد ولا مرتباتها التقاعدية، ويجب مساواتهم مع القوات المسلحة". واتهمت النائبة عن "ائتلاف دولة القانون"، نهلة الهبابي، "جهات داخلية وخارجية بممارسة ضغوط من أجل إعاقة تطبيق قانون الحشد". وقالت الهبابي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الضغوطات الكبيرة التي تمارسها جهات فاعلة، داخلية وخارجية، هي التي تعيق تطبيق الحكومة لقانون الحشد، ما تسبب بتأخر صرف رواتب المقاتلين من أبطال الحشد"، مشددة على ضرورة "طرح مسألة تطبيق القانون تحت قبة البرلمان من جديد، نظراً إلى مطالبة بعض النواب بحقوق أبناء الحشد، الذين ضحوا بدمائهم في سبيل استعادة الأراضي العراقية".

ويؤكد مراقبون أنّ "العبادي يخشى من زيادة قوة الحشد الشعبي، ويستشعر الخطر من ذلك". ويقول الخبير السياسي، غانم العوادي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "قوة الحشد وارتباطاته المتعددة لا تهدد المواطنين فحسب، بل يمتد خطرها إلى الحكومة"، مبيناً أنّ "العبادي أدرك حجم هذا الخطر، ما دفعه إلى محاولة تقييد الحشد ووضع شروط وآليات محكمة لعمله". وأكد أنّ "الآلية التي اشترطها العبادي، وهي فك ارتباط فصائل الحشد بجهاتها السياسية، ستحد من انتهاكات الحشد ومن خروجه عن الأوامر الحكومية"، مرجحاً "نجاح العبادي في هذه الخطوات". ولفت إلى أن "الولايات المتحدة قد تكون سبباً مباشراً لمماطلة العبادي بتفعيل قانون الحشد بشكل كامل". يشار إلى أنّ البرلمان العراقي كان أقرّ قانون "الحشد الشعبي" بالتصويت عن طريق الأغلبية النيابية، بينما تمت مصادقة رئاسة الجمهورية على القانون. وتشكلت مليشيات "الحشد الشعبي" منتصف العام 2014 بفتوى من المرجع الديني، علي السيستاني، بعد اجتياح تنظيم "داعش" مساحات واسعة من البلاد. وتألفت من ست مليشيات خلال الأسبوعين الأولين من صدور الفتوى، ليرتفع العدد بشكل تدريجي، خلال الأشهر اللاحقة، إلى 73 مليشيا مسلحة، بعديد عناصر بلغ أكثر من 120 ألف مقاتل، تولت إيران عملية تدريبها ورعايتها. ومن أبرز تلك المليشيات "سرايا السلام"، و"بدر"، و"العصائب"، و"حزب الله"، و"النجباء"، و"الأبدال"، و"الوعد الصادق"، و"الخراساني" و"لواء أسد الله الغالب"، و"اليوم الموعود"، و"لواء كفيل زينب"، و"سرايا أنصار العقيدة"، و"لواء المنتظر"، و"سرايا الدفاع الشعبي"، و"درع الشيعة"، و"التيار الرسالي"، و"عاشوراء"، و"كتائب مالك الأشتر"، و"حركة العراق الإسلامية"، و"كتائب الإمام علي"، و"جيش المختار"، و"العباس"، و"الكرار"، و"جند المرجعية"، و"الإمام الغائب"، و"الإمام الحجة" و"جند الولي الفقيه".

المساهمون