فرنسا تحاول إطفاء لهيب أعمال عنف وشغَب بأحياء نانت

فرنسا تحاول إطفاء لهيب أعمال عنف وشغَب بأحياء نانت بعد مقتل شاب

04 يوليو 2018
محاولات لتهدئة الوضع (سيباستيان سالوم غومي/ فرانس برس)
+ الخط -

بعد ليلة صاخبة شهدت استنفارا أمنيا وأحداث شغب في أحياء مدينة نانت في غرب فرنسا، ليل الثلاثاء، إثر مقتل شاب يبلغ من العمر 22 عاماً برصاص شرطي أطلق عليه النار، يواصل المسؤولون الفرنسيون مساعيهم إلى امتصاص غضب المحتجين، فيما حاولت زعيمة حزب اليمين المتطرف، مارين لوبان، ركوب الموجة عبر إبداء مواقف داعمة للشرطة.


وفي بادرة لتهدئة الأجواء دعت وزيرة العدل، نيكول بيلوبي، إلى "التزام الهدوء لأنّ دولة القانون سيتم احترامها بشكل كامل"، مشيرة إلى تكليف المفتشية العامة للشرطة الوطنية باستلام الملف، متعهّدةً بـ"شفافية كاملة". أما وزير الداخلية الفرنسي، جيرار كولومب، فصرح بأن "العدالة وحدها من يجب عليها أن تلقي كل الضوء على الظروف التي أدت إلى وفاة سائق السيارة بعد تفتيش بوليسي"، ودعا السكان إلى الهدوء، مُديناً بأشد عبارات الإدانة "العنفَ غير المقبول والتخريب الذي حصل طوال الليل".

أما لوبان فاختارت في تغريدة جديدة تفسّر مواقفها المتضامنة، من دون شروط مع أفراد الشرطة، حتى في تجاوزاتهم وقبل ظهور التحقيقات، التي تجريها عادة "شرطة الشرطة"، والقضاء. وكتبت: "أرفض إلقاء اللوم على رجال الشرطة، الذين اضطُرّوا للرد في مدينة نانت على أحد الأفراد الذي كان قد صدرت في حقه مذكّرة توقيف. إن شُبهة الذنب التي تستهدف بشكل مستمر قواتِ الأمن شيءٌ لا يُحتَمل".

واندلعت اضطرابات عنيفة في أحياء "براي"، و"ديرفاليير" و"مالاكوف" بمدينة نانت الفرنسية مساء أمس الثلاثاء، إثر إقدام قوات الأمن الفرنسية على قتل شاب في الثانية والعشرين من عمره.

ويتعلق الأمر بعملية تفتيش روتينية تقوم بها الشرطة الفرنسية، بخاصة في الأحياء الشعبية، المعروفة بتأزم العلاقات فيها بين الشباب ورجال الأمن، أدت إلى إقدام شرطي على استخدام سلاحه مرديا حياة الشاب. وسمعت عدة طلقات نار من أمكنة بعيدة في المدينة، تخيّلها الكثيرون عمليات إطلاق نار من رشاشات الكلاشنيكوك، التي تستخدمها عادة عصابات الجريمة وبعض العصابات الإرهابية.

تفتيش بوليسي

التفتيش البوليسي جرى في الساعة الثامنة والنصف من ليل الثلاثاء وصباح الأربعاء، في شارع "ليبلانت"، حين أراد أفراد من الشرطة إيقاف سائق سيارة. وبحسب الرواية البوليسيبة، فإن السائق رفض الاستجابة لطلبات الشرطة وقاد سيارته إلى الخلف فصدمت ركبتي أحد أفراد الشرطة، فاستخدم أحد زملائه النار من أجل إيقاف السائق، مما ترتّبت عليه وفاة الشاب على الفور، بعد إصابته في عنقه.

وقد هزّت هذه الحادثة شباب أحياء "براي" و"ديرفاليير" و"مالاكوف"، الذين انتفضوا على الأعداد الكبيرة من رجال الأمن، وعلى الشرطي الذي لم يطلق طلقات تحذيرية على السائق، مستخدمين مقذوفات مشتعلة وكوكتيل مولوتوف، مما استدعى استخدام الشرطة القنابل المسيلة للدموع.

وقد تسببت الاشتباكات في احتراق الكثير من السيارات، وأيضا اشتعال النيران في بيت الجمعيات في الحي وفي أماكن أخرى في الحي.

وتذكّر هذه الاشتباكات بين شباب الأحياء ورجال الأمن بالتوتر المستمر بين الطرفين منذ فترة طويلة (وهذه المرة هي الثالثة بهذا الشكل من العنف في غضون عشر سنوات، والأولى منذ 25 سنة). وهو ما تفسره تصريحات العديد من سكان الحي من أن ما حدث "لم يكن مفاجأة"، و"كان لا بُدّ أن يحدث".

وطوال الليل، كانت مجموعات من الشباب الملثّم مستنفرة للاشتباك مع أفراد الشرطة. كما أن "كلّ الأمهات كنّ خارج بيوتهنّ"، كما أكد أحد سكان الحي للصحافة.

وعلى الرغم من حضور رئيس إدارة الأمن العمومي والمدعي العام للجمهورية في مدينة نانت، إلى المكان في عز الليل، إلا أن الأمور ظلت على توتّرها، رغم ما قيل عن تفاجؤ المسؤولين الأمنيين الرفيعين من كون الطلقة جاءت من سلاح رجل الأمن.

ولا يزال سكان هذا الحي حتى اليوم تحت صدمة ما حدث، وأيضا بسبب حصيلة الاشتباكات وأعمال الشغب، حيث لا تزال بقايا السيارات المحترقة، وأيضا الحرائق التي لم تَسْلم منها حتى العيادة الطبية، التي استمر احتراقها حتى الصباح، وأيضا البلدية الملحقة والمكتبة، إضافة إلى ستة متاجر، ونحو 30 سيارة.



ويخشى الكثير من سكان الحيّ من تعاظم التوتّر في منطقتهم تغذّيه عصابات مستقرة في الحيّ، ويغذّيه، أيضا، الردّ غير المناسب من قوات الأمن.

كما تخشى قوات الأمن من استغلال بعض الغاضبين احتفالات 14 يوليو/تموز، عيد الاستقلال الفرنسي، لإشعال الحرائق وإحراق أكبر قدر ممكن من السيارات.