رسائل فرنسية وجزائرية في جعبة "الصديق" هولاند

رسائل فرنسية وجزائرية في جعبة "الصديق" هولاند

15 يونيو 2015
هولاند يبحث عن دعم الكتلة الانتخابية الجزائرية(سليفين توماس/فرانس برس)
+ الخط -

تأتي زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى الجزائر اليوم، في مرحلة مفصلية داخل البلدين؛ فرنسا والجزائر. إذ تسبق بقليل الانتخابات الداخلية للحزب الاشتراكي الفرنسي، تمهيداً للانتخابات الرئاسية المقررة في منتصف 2017 في فرنسا، وفي ظل حراك سياسي وترتيبات تجري في الجزائر لمرحلة ما بعد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

اقرأ أيضاً: الرئيس الفرنسي إلى الجزائر: تعاون اقتصادي ومحاربة "الإرهاب" 

ترتبط الأحداث السياسية في الجزائر وفرنسا ببعضهما البعض، بحكم العوامل التاريخية والجغرافية. وفي جعبة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند خلال زيارته اليوم إلى الجزائر أكثر من ملف؛ تتصل غالبيتها بالقضايا السياسية والأمنية والاقتصادية. ويأتي ملف ليبيا وتداعيات الحرب الدائرة هناك على أمن المنطقة والمتوسط، في مقدمة هذه الملفات، خصوصاً مع تزايد المخاوف في أوروبا من أن تكون ليبيا المقابلة للضفة الشمالية في أوروبا، منطقة تمركز وتمدد لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) إلى أوروبا. لكن الاشتراك في القلق بين البلدين بشأن ليبيا، يتباين عندما يتعلق الأمر بالحلول الممكنة؛ إذ إن باريس، التي كانت بحسب الجزائر، الطرف البارز في إسقاط نظام معمر القذافي، تتحمل جزءاً من المسؤولية في الانفلات الحاصل في ليبيا، لكنها وجدت نفسها هذه المرة حبيسة الموقف الجزائري المتصلب ضد أي تدخل عسكري في ليبيا.

وضمن الملف الليبي، يقع النقاش حول الهجرة السرية؛ فباريس عبرت عن قلقها من التدفق الهائل للهجرة غير الشرعية. وتحاول أن تدفع الجزائر إلى لعب دور إقليمي للحد من هذه الهجرة. لكن النائب الجزائري، حسن عريبي، يعتقد أن الجزائر ترفض أن تلعب دور شرطي المتوسط أو الدركي المانع للهجرة بالنسبة لأوروبا، وتدافع عن مقاربة ترتبط بحرية التنقل للأفراد، وتحمل أوروبا مسؤولية التنمية في دول الضفة الجنوبية وأفريقيا.

ولا تنفصل زيارة هولاند عن الاستحقاقات الانتخابية المرتقبة في فرنسا. وبحسب المراقبين، فإن هولاند يبحث في الجزائر عن دعم سياسي لصالحه من الكتلة الناخبة الجزائرية والمغاربية، إذ تعد الجالية الجزائرية في فرنسا من أكبر الجاليات، ولعبت دوراً فاعلاً في ترجيح كفته ضدّ الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في انتخابات مايو/أيار 2012.

ويمارس هولاند اليوم، اللعبة نفسها مع الكتلة الناخبة الجزائرية في فرنسا، كما فعل قبيل انتخابات 2012، عندما زار الجزائر كمرشح والتقى الرئيس بوتفليقة وكبار المسؤولين، وحصل على دعم سياسي. لكن بعض الإخفاقات التي برزت في ولايته الرئاسية الحالية، أقلقته من العودة القوية لمنافسه ساركوزي، خصوصاً بعدما أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد "إيفوب" للدراسات، نشر في صحيفة "لو جورنال دو ديمانش"، أن ساركوزي أفضل مرشح بالنسبة لأنصار اليمين واليمين الوسط لتمثيل حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" في الانتخابات الرئاسية المقررة في عام 2017. ويزكي هذا الطرح النائب في البرلمان الجزائري الممثل للجالية في فرنسا عبد القادر حدوش، ويؤكد لـ "العربي الجديد"، أن هولاند يسعى للاستفادة من مخاوف الجالية الجزائرية والمغاربية بشأن إمكانية عودة ساركوزي إلى الحكم، المعروف بسياساته المعادية للمهاجرين، لافتاً إلى أن بعض الأحداث المتصلة بالإرهاب كحادثة شارلي إيبدو، رجحت كفة القوى السياسية المعادية للمهاجرين في فرنسا.   

وبحسب الخبير في الشؤون الاستراتيجية وعميد كلية العلوم السياسية في جامعة ورقلة جنوبي الجزائر قوي بوحنية، فإن زيارة هولاند تحمل رسالة سياسية تحاول من خلالها "فرنسا نقلها إلى الجزائر بأن لها الأفضلية والأولوية في حلحلة الأزمات وضمان الاستقرار في أفريقيا. إضافة إلى رسائل ضمنية ترتبط بدعم المسار السياسي الحالي في الجزائر"، مشيراً إلى أنها في المقابل "لا تحمل حلاً لمشاكل يطالب بها الجزائريون منذ سنوات كالاعتراف بالجرائم الفرنسية، على غرار ما يطالب به الاتحاد الأوروبي مع تركيا تجاه الأرمن. كما أنها لا تحمل تعويضات لضحايا التفجيرات النووية في الصحراء".

ملف التاريخ والذاكرة، هو وحده ما يشوش في كل مرة على زيارات المسؤولين الفرنسيين إلى الجزائر. وزيارة هولاند، التي تأتي عشية احتفال الجزائر بالعيد 63 للاستقلال، تثير مشكلة التاريخ الذي ما زال محل نقاش وجدل سياسي وإعلامي في البلدين؛ فالمجتمع المدني والسياسي في الجزائر يطالب حكومته بالعمل على استعادة الحق التاريخي للجزائريين من المستعمر السابق، والحصول على اعتراف رسمي من الدولة الفرنسية لتحمل مسؤولياتها السياسية والأخلاقية إزاء جرائم الإبادة التي حصلت ضد الجزائريين خلال فترة الاستعمار الفرنسي، وتحصيل تعويضات مادية، ناهيك عن معضلة الآثار المترتبة عن التفجيرات النووية في الصحراء الجزائرية.

اقرأ أيضاً: باريس تشارك في ذكرى مجزرة لاستعمارها بالجزائر