اللاجئون غير المسجلين في لبنان: أين نعمل؟

اللاجئون غير المسجلين في لبنان: أين نعمل؟

15 فبراير 2016
غياب الحقوق الإنسانية الخاصة باللاجئين السوريين(أنور عمرو/ فرانس برس)
+ الخط -
فادي شاب سوري من منطقة الرقة، لجأ إلى لبنان بسبب الحرب في سورية، ويقول: "قبل ثلاثة أشهر، خرج أخي الصغير بحثاً عن عمل في منطقة الحمراء، فأوقفه عناصر من الأمن الداخلي، وبعدما اكتشفوا أنه لا يملك أوراقا ثبوتية، تم اقتياده إلى مركز الشرطة، حيث حبس لمدة 10 أيام". ويتابع لـ "العربي الجديد": "بقي في السجن إلى أن تمكنا من إيجاد كفيل لبناني لإخراجه من مركز الشرطة، ومن ثم خرج من لبنان". 
مأساة فادي تشبه مآسي المئات من اللاجئين السوريين المهددين يومياً بسبب غياب القوانين التي تراعي ظروفهم. فالعديد منهم لا يملك وثائق ثبوتية أو إفادات تسجيل في المفوضية العليا، الأمر الذي يحرمهم حق العمل، ويعرضهم للترحيل في أي لحظة.
منذ أكثر من 5 أعوام، ما زالت أزمة اللاجئين السوريين تحتل المركز الثاني على صعيد كوارث الحرب، بينما يحتل الموت المستمر المركز الأول منذ مطلع العام 2011. فقد فر اللاجئون من ويلات الحرب نحو بلاد حرمتهم أبسط الحقوق المنصوص عليها في شرعة حقوق الإنسان، ومنها حقوق اللاجئ. وبحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، فإن أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ، تم تسجيلهم في لبنان، فيما لايزال مئات الآلاف من السوريين خارج قيود التسجيل، ولا يمتلكون أوراق دخول أو لجوء، أو حتى إقامة في لبنان.
يعيش هؤلاء اللاجئون في قلق دائم. مجرد فكرة الخروج إلى الشارع بحثاً عن عمل، أو تأمين مستلزماتهم الأساسية، يعتبر كابوساً، خاصة إذا تم إلقاء القبض عليهم من قبل عناصر الأمن، إذ إن الترحيل ينتظرهم في حال عدم تمكنهم من تأمين كفيل خاص.

غياب فرص العمل

كما يعاني اللاجئون من صعوبة بالغة في إيجاد فرص عمل، بسبب عدم حيازتهم أوراقا قانونية، مما يدفع أصحاب المصالح والمحال التجارية لاستغلالهم وتوظيفهم برواتب زهيدة. كما أن أعدادا كبيرة من هؤلاء اللاجئين يعملون في مهن عشوائية، كتلميع الأحذية، أو بيع الزهور والسكاكر في الشوارع وصولاً إلى التسوّل، لتأمين لقمة العيش.

يقول حارث، شاب سوري من درعا، يعمل في تلميع الأحذية: "جئت إلى لبنان منذ أكثر من عام، بحثت عن فرص للعمل، لكنني لم أجد، خاصة أنني لا أملك أي أوراق قانونية، وتعرضت إلى الابتزاز من قبل أصحاب العمل، إذ وافق العديد منهم على تشغيلي مقابل راتب لا يتعدى 200 دولار، وهو ما يعتبر مبلغا زهيدا مقابل ارتفاع الأسعار في بيروت. إلى أن قررت العمل في تلميع الأحذية، بحيث يمكن أن أؤمن الحد الأدنى من المصاريف الأساسية لي ولعائلتي". ويضيف: "أخاف دوماً من دوريات الأمن، إذ إنني معرض للسجن وللترحيل في أي لحظة".
من جهتها، تقول أم طارق، وهي أم لثلاثة أولاد: "بحثت عن عمل في المنازل، لكنني لم أوفق، وكذلك بحثت عن العمل في المطاعم، إذ يمكنني القيام بالتنظيف، ولكنني أيضاً لم أجد أي عمل". وتتابع: "لا أدري كيف أستطيع تدبر شؤون أولادي الثلاثة الذين يفترشون الشارع، الوضع لا يحتمل ولا يوجد أمامنا خيارات، إما أن نموت في الحرب أو نعيش الذل".
أما حسام وهو من حلب، فيشكو أنه منذ ثلاثة أشهر لم يحصل على مرتبه الذي يفترض أن يقبضه في نهاية كل شهر، وذلك لأن صاحب مغسل السيارات يهدده دائماً بسحب "الكفالة" منه كلما ألح عليه". ويضيف: "يقوم صاحب العمل بإعطائي راتبي الزهيد على شكل أقساط، أشعر كأنني أتسول منه الراتب، ولكن قلة فرص العمل وخصوصاً في ظل عدم استطاعتي تحصيل الإقامة في لبنان، يضعني في موقف ضعيف جداً، وبالتالي أسكت عن المهانة، فالقليل من المال الذي أحصّله أفضل من لا شيء".
ويشكو عدد من عمال الورش أيضاً لـ "العربي الجديد" من تعرضهم للضغوطات ذاتها، من تأخير الرواتب إلى الخصومات المالية، وصولاً إلى التهديد بسحب الكفالة. أما من ليس لديهم كفيل فإنهم يعملون سراً باتفاق مسبق مع المسؤولين لكن بأجور أقل من الذين حصلوا على كفالة الشركة.

اقرأ أيضاً:مأساة النزوح في لبنان: فقر وجوع

المساهمون