النظام المصري "يدلّع" أباطرة الحديد ويثبّت احتكاراتهم

النظام المصري "يدلّع" أباطرة الحديد ويثبّت احتكاراتهم

18 مايو 2015
إمبراطور الحديد أحمد عز الذي حوكم باحتكار السوق(فرانس برس)
+ الخط -
"أسعار الوحدات السكنية مرتفعة للغاية، ولا نستطيع تحمل زيادة جديدة في الأسعار الآن"، عبارة أطلقها الموظف محمد عبدالقادر، تعبيراً عن موقفه إزاء قرار وزير الصناعة والتجارة المصري فخري عبد النور، فرض رسوم وقائية بنسبة 8% على واردات البلاد من الحديد لـ "حماية صناعة الحديد والصلب المحلية من الحديد المستورد المنخفض الثمن"، وفقاً للوزير... ولكن، هل هدف النظام حماية المنتج المحلي أم تعزيز احتكار سوق الحديد وتوسيع الإمبراطوريات القائمة؟

يقول عبد القادر: "أعلن الوزير أن الشركات المحلية لن ترفع أسعار البيع، وأن الهدف من القرار منحها فرصة لهيكلة تكاليف الإنتاج، ولكن لا يوجد أي بند يلزمها بذلك، فالشركات ترفع دائماً الأسعار حتى في حالة انخفاض أسعار المواد الخام طمعاً في تحقيق المزيد من الأرباح، ما سيرفع أسعار الشقق".

وما يزيد من مخاوف عبد القادر وكذا عدد كبير من المواطنين، هي الإمبراطوريات الحديدية القائمة في مصر، وعمادها كل من شركة "حديد عز" المملوكة من أمين الحزب الوطني المُنحل أحمد عز (حوكم بقضية الاحتكار)، الذي يحتكر سوق الحديد، والذي يعتزم افتتاح مصنع للحديد المختزل بطاقة 1.8 مليون طن سنوياً بكُلفة 550 مليون دولار خلال العام المقبل، لتوسعة هيمنته على سوق الحديد البالغة 52% حالياً.

أما الإمبراطور الجديد في سوق الحديد المصرية، فهو أحمد أبو هشيمة رئيس شركة "حديد المصريين"، والأخير أطلق مجموعته في العام 2010، وأصبح حالياً مقرباً من نظام السيسي، وهو أحد رعاة مؤتمر مصر الاقتصادي الذي عقد في مارس/آذار الماضي. وهو من لام رجال الأعمال على عدم البذخ على صندوق "تحيا مصر". وأبو هشيمة نفسه، هو من يقود حملة زيادة الرسوم الوقائية على الحديد، ويطرح أن تصل إلى 20%.

ويعمل أبو هشيمة حالياً على زيادة عدد مصانع الحديد التابعة لمجموعته، حيث صرّح لوكالة "رويترز" في فبراير/شباط الماضي، أن إجمالي الطاقة الإنتاجية لشركته سيرتفع من 800 ألف طن سنوياً إلى 3.5 مليون طن قبل منتصف 2016.

ويحظى قرار وزارة الصناعة بترحيب شركات الحديد طبعاً، خصوصاً مع الوعود الاستثمارية الكثيرة التي تتزاحم على السوق المصرية، وفورة المشاريع العقارية المقبلة... إلا أن المدير التجاري لشركة حديد عز سمير نعمان، يقول لـ "العربي الجديد" إن "واردات الحديد الصينية والتركية شكلت مخاطر كبيرة على صناعة الحديد، بسبب انخفاض أسعارها، لذا كان هناك مصلحة قومية تقضي بفرض رسوم على الحديد المستورد للحفاظ على مُستقبل شركات الحديد المصرية".

ورداً على مخاوف المواطنين إزاء رفع الشركات أسعار بيع الحديد، يُشير نعمان إلى أن "الإجراءات الوقائية المؤقتة تصُب في مصلحة المستهلك في النهاية، لأنها تضمن استمرار عمل عدد كبير من المنتجين ومن ثم استدامة المنافسة السعرية التي تخدم المستهلك".

لا يمكن التسليم بالسيناريو الذي طرحه نعمان، نظراً لوجود بعد آخر بالغ الأهمية، ألا وهو اضطرار المواطن إلى دفع أموال أكثر للحصول على احتياجاته. ويقول رئيس إحدى الشركات المتخصصة في التجارة واستيراد حديد التسليح، محمد سليمان، إن استيراد الحديد حد من احتكار الشركات المصرية لصناعة الحديد والتي كانت تُغالي في الأسعار بشدة.

ويُكمل سليمان أن سعر الحديد التركي كان يدور قبل فرض رسوم وقائية عليه حول 4900 جنيه أي بفارق 300 جنيه عن الحديد المحلي الذي يبلغ 5200 جنيه، بالرغم من أن الحديد التركي يتحمل مصروفات شحن بقيمة 250 جنيهاً للطن.

"لا يوجد أي إلزام على الصناع المصريين لتثبيت أسعار بيع الحديد"، والحديث لرئيس شعبة مواد البناء بالغرف التجارية بالقاهرة محمد الزيني، والذي يتوقع أن ترتفع أسعار بيع الحديد في مصر، عن المستويات السعرية العالمية، بخاصة مع توجه البلاد لتنفيذ حزمة مشروعات عقارية. ما يعني أن المواطن هو من سيدفع الثمن في النهاية لأن أسعار الشقق سترتفع حتماً.

ويؤكد الزيني أن شركات الحديد المحلية الكبرى هي المستفيد الأول من الرسوم الوقائية حتى تتمكن من تصريف إنتاجها، في ظل استحواذها على أكثر من 70- 80% من إنتاج الحديد في مصر. ويشير إلى أن هذه الشركات كانت ستقع في مأزق إذا استمر الحديد المستورد في التدفق إلى السوق بالأسعار القديمة، نظراً لأن أغلبها يستعد لافتتاح مصانع جديدة.

إقرأ أيضا: وزير السياحة المغربي: نسعى للتوزيع العادل للثروة في السياحة

المساهمون