عمّال الأردن في مواجهة الاستغلال الوظيفي

عمّال الأردن في مواجهة الاستغلال الوظيفي

21 مارس 2016
احتجاجات عمالية في الأردن (Getty)
+ الخط -
يعمل محمد حسن، في أحد المصانع في الأردن. يتقاضى أجراً زهيداً، ويعمل لساعات طويلة، حتى بعد انتهاء دوامه الفعلي، دون تعويضه بأجر إضافي، رغم مطالباته المتكررة باحتساب ساعات العمل الإضافية، لكن "لا حياة لمن تنادي"، كما يقول.
لم يجد محمد حسن حلاً، سوى التوجه إلى الاتحاد العام للعمال الأردنيين لتقديم شكوى بحق مدير المصنع، إلا أنه سرعان ما سحب شكواه، خشية طرده من العمل، وعدم قدرته على إيجاد البديل. يقول: "أحتاج إلى العمل، نظراً للمسؤوليات الملقاة على عاتقي".
في المقابل، يقول رئيس الاتحاد العام للعمال الأردنيين مازن المعايطة: "تكثر الشكاوى المقدمة من العمال، ضد أرباب العمل بشكل يومي، ونقوم بمخاطبة أرباب العمل في سبيل إنصاف العامل وانتزاع حقوقه في حال ثبت ذلك".

ويضيف: "تتم ملاحقة أرباب العمل قضائياً، في حال عدم استجابتهم للمذكرة التي يقوم الاتحاد بإرسالها"، مشيراً إلى أن الاتحاد يُعنى بشؤون العمال الأردنيين والأجانب على حد سواء، من منطلق حقوق العامل مهما كانت جنسيته.
وبحسب المعايطة، فإن أبرز الشكاوى التي تعرض على الاتحاد العمالي، تتعلق بالأجور، وعدم الاستقرار الوظيفي، وزيادة ساعات العمل للعامل دون إعطائه مستحقات إضافية. عدا عن الفصل التعسفي، وعدم شمول العمال في التأمين الصحي والضمان الاجتماعي.
ويؤكد أن القطاع الخاص يعتبر الأكثر سلبية، بسبب "مزاجية" أرباب العمل، "إذ العديد منهم لا يكترث بالقوانين والأنظمة المنبثقة من وزارة العمل"، معبراً عن استيائه من هؤلاء الذين لا ينصفون العمال، ويقومون باستغلالهم بأشكال عدة.
إلى ذلك، يشير المعايطة، إلى أن القيود المفروضة على حرية التنظيم النقابي تعتبر من أبرز التحديات التي تواجه تطبيق معايير العمل اللائق في الأردن. فما زالت الحكومات ترفض إجراء تعديلات تشريعية ملموسة لفك الحظر عن تأسيس نقابات عمالية جديدة خارج إطار النقابات العمالية الرسمية، والتي يصل عددها إلى ما يقارب 17 نقابة، لم يتم رفع عددها منذ ما يقارب أربعة عقود، ولا تمثل سوى أعداد محدودة جداً من العاملين في الأردن، تتراوح ما بين 5 و10% فقط من العمال".

تراجع مستمر

وبحسب المرصد العمالي الأردني، التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، فإن شروط العمل اللائق في الأردن في تراجع مستمر، رغم أن الأردن يعتبر أول دولة عربية وقعت اتفاقية مع منظمة العمل الدولية في العام 2006، لتنفيذ البرنامج الوطني للعمل اللائق، والذي استمر العمل به حتى العام 2009، وتبعه برنامج آخر شكّل مرحلة ثانية للبرنامج الأول، تحت عنوان: "البرنامج الوطني للعمل اللائق" في العام 2012، استمر العمل به حتى نهاية العام 2015.
ووفق الورقة، فإن انخفاض مستويات الأجور يعتبر من أبرز التحديات التي يواجهها العاملون في سوق العمل، مقارنة بمستويات الأسعار لمختلف السلع والخدمات، ما أدى إلى اتساع رقعة العمالة الفقيرة، وتعميق الاختلالات والتفاوتات الاجتماعية.

يقول مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية والمرصد العمالي الأردني المختص بسياسة اقتصادات سوق العمل، أحمد عوض: "هناك اختلالات في سوق العمل، منها غياب التوازن والعدالة بين أطراف علاقات العمل الأساسيين المتمثلين في أصحاب العمل من جهة، والعاملين من جهة أخرى. وهذا يؤدي إلى توتر علاقات العمل والتي عبرت عن نفسها على شكل احتجاجات عمالية، تجاوزت المئات خلال السنوات الثلاث الماضية في مختلف قطاعات العمل. أقل من نصفها بقليل، يتركز في القطاع الخاص".
ويضيف: "تم تعديل قانون العمل منذ سنوات من خلال لجنة العمل النيابية، حيث تم تعديل المواد (2) و(31)، إضافة إلى المادة (54). لكن في المقابل، ما زالت مواد أخرى، منها المادة (98) من قانون العمل والمتعلقة بإنشاء منظمات نقابية تعنى بالعمال محط أنظار اهتمام العمال في شتى المجالات. حيث تمنع المادة العمال من إنشاء منظمات ونقابات خاصة بهم.
ويرى أن ظروف العمل في الأردن صعبة، رغم مواءمة قانون العمل الأردني للمعايير الدولية، إلا أن هنالك خططاً لتشريعات ناظمة للقوانين العمالية لم يتم التوافق عليها.
وبحسب عوض، فإن العمال الوافدين، هم الأكثر تعرضاً للاستغلال، فأوضاعهم في الأردن "هشّة"، ولا توجد جهة تمثلهم وتعيد لهم حقوقهم، خاصة فيما يتعلق بزيادة ساعات العمل، وقلة الأجور، وعدم ضمهم في قانون الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي.

اقرأ أيضاً:مطالب الأردنيين البديهية: نريد العمل اللائق

المساهمون