وزير التجارة التونسي الأحول:نواجه تحدّيات كبرى أهمها الإرهاب والتهريب

وزير التجارة التونسي الأحول:نواجه تحدّيات كبرى أهمها الإرهاب والتهريب

20 ابريل 2015
أولوية الوزارة اليوم تحسين القدرة الشرائية للمواطن (العربي الجديد)
+ الخط -
أكد وزير التجارة والاستثمار التونسي، رضا الأحول، أن ما تشهده المنطقة العربية من عمليات إرهابية أثر بشكل واضح على اقتصاداتها. وقال في مقابلة مع "العربي الجديد": "نطمح في الوزارة إلى إعادة ترتيب الاقتصاد التونسي وفق تطلعات الشعب".

وهذا نص المقابلة:

*مرت قرابة ثلاثة أشهر على تأليف حكومة تونس الجديدة، كيف تقيمون أداءها اتجاه المشاكل الاقتصادية التي تواجه البلاد؟
عاشت تونس مجموعة من الصعوبات بعد الثورة، وخاصة منذ بداية عام 2011، لكنها أعطت دفعة قوية للتونسيين، والنتيجة الأولى تجلت في خروج مؤسسات دولة قوية ومنتخبة من طرف الشعب التونسي، ودستور يستجيب لتطلعاته، وبرلمان انتخب بشكل نزيه وشفاف باعتراف المجتمع الدولي.

لقد ذكرت هذا المسار للتأكيد على نقطة مهمة، هي أن تونس تمتلك اليوم حكومة دائمة، ففي السابق كنا أمام أجهزة حكومية لا تستطيع إتمام الورش الاقتصادية والاجتماعية التي تقع على عاتقها، بحكم ضيق الحيز الزمني الذي وفر لها. بدأنا نلمس تحسناً في الاستثمار، وانتعاشاً في التجارة الخارجية، والأمل مع نهاية العام الحالي تحقيق نسبة نمو أحسن مما سجل خلال السنة الماضية.

*هل ترون أن حادثة متحف "باردو" الإرهابية انتكاسة للمجهودات التي تحدثتم عنها، خاصة أن تونس تعول على الاستثمار الأجنبي بشكل كبير؟
ما وقع في متحف "باردو" نعتبره كتونسيين حادثاً منفصلاً عن المسار الذي اختارته تونس. وأؤكد أن هذا الحادث الإرهابي زادنا قوة، وأعطى فرصة لمعرفة حجم الدعم الذي تناله تونس من طرف جميع الدول، سواء العربية أو الأجنبية.


والتعبير عن هذا الدعم كما تابعتم تجلى في المسيرة التي شاركت فيها مختلف الدول والتي عبرت فيها عن دعمها لتونس في مواجهة خطر الإرهاب. وفي الحقيقة توقعنا أن ينتكس مجال الاستثمار وقطاع السياحة في تونس، كان هناك تخوف وردود فعل مختلفة نتيجة الضربة الإرهابية الأخيرة، إلا أن هذا لم يمنع حلفاء تونس من الإبقاء على ثقتهم في البلد، وخير دليل على ذلك، قرار الرئيس الفرنسي "فرنسوا هولاند" خلال زيارة الرئيس التونسي الأخيرة، بتحويل أموال الديون الفرنسية إلى استثمارات مباشرة.

لاشك في أن الإرهاب أصبح اليوم تحدياً حقيقياً أمام الاستقرار السياسي والاقتصادي لجميع الدول العربية، بل والغربية كذلك، وهو ينخر كافة نواحي الحياة الاجتماعية، ولذلك لا خيار غير التكتل والتفكير بشكل جماعي لمواجهته.

*نتحدث على هامش الذكرى 20 لتأسيس المنظمة العالمية للتجارة، هل ترون أن الدول العربية تستفيد من الاتفاقيات الدولية للتجارة؟
استضافت المغرب هذا الحدث، لأن التحديات المستقبلية تفرض التحرك ضمن تكتلات اقتصادية كبيرة، قادرة على التفاوض من موقع قوة، كي تستفيد ما أمكن من الفرص التجارية المطروحة في الأسواق العالمية. نطمح لأن تسمو العلاقات التجارية بين الدول العربية إلى مستوى يرفع من الجدوى الاقتصادية لكل دولة، وكما قلت، التكتلات وحدها قادرة على الإجابة على التحديات المستقبلية، خاصة في مجالي الزراعة والصناعة بالإضافة إلى القطاع الخدماتي.

*هل وضعتم أولويات في خطتكم الوزارية تجاه قطاعات استثمارية أو تجارية معينة لها الأولية للنهوض بالاقتصاد التونسي؟
أشرف على وزارة تهتم بقطاعات التجارة الداخلية والخارجية والاستثمار، وفيما يتعلق بالتجارة الخارجية، نحن مقتنعون بأن المواطن التونسي اليوم يشعر بأنه ضحية القدرة الشرائية، ولا يمكن انتزاع هذه القناعة من المواطنين من دون إصلاح منظومة الإنتاج، ومعها منظومة التجارية الداخلية.


بدأنا بتطبيق خطة الحكومة والوزارة، أمام توقعات وآمال كبيرة للتونسيين بانخفاض الأسعار، واستشعرنا أن الشهر الحالي عرف انخفاضاً نسبياً في الأسعار، وذلك بمعدل 0.1% وهذا شيء مهم. أما على مستوى التجارة الخارجية تقلص العجز في الميزان التجاري خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي بنسبة 25.8%، وهذا مؤشر إيجابي ومشجع أيضاً.

ويعود الفضل في تحقيق هذه النسبة من التراجع في العجز، إلى نمو صادرات تونس من زيت الزيتون، والمواد الكهربائية المصنعة محلياً والميكانيكية كذلك، مع تسجيل تراجع في بعض الواردات، لكن من دون المساس بالمواد الأولية، وذلك باتفاق مع شركائنا في الاتحاد الأوروبي. وأشدد على أن هذه النسبة المسجلة في تراجع العجز في الميزان التجاري أفضل ما سجلته تونس منذ عام 1993.

من جهة أخرى، أطلقنا مفاوضات شاملة ومعمقة مع دول الاتحاد الأوربي، شملت قطاع الخدمات والمنتوجات الزراعية، ودخلنا كذلك في مفاوضات ثنائية مع دول المغرب العربي، بغية تعزيز التبادل التجاري بين دوله، وجمعني قبل إجراء الحوار، لقاء مع وزير التجارة المغربي، انتج اتفاقاً يقضي بضرورة تقوية العلاقات التجارية مع البلدين، كما بادرنا الى عقد اتفاقيات مع الجزائر. ونطمح لأن يكون التوافق بين دول المغرب جدياً ونافعاً، وأن تعطي تونس دفعة قوية لحقبة جديدة عنوانها التكامل والتقارب الاقتصادي بين كافة الدول.


إلى ذلك، أود القول ان قوة تونس تكمن اليوم، في خضوع الخطط والبرامج الحكومية لرقابة تتبع أربع منظمات، لها الحق في الاقتراح والتدخل في حال وجود خلاف بين القوى الوطنية والأحزاب المشكلة للحكومة. وهذه الجهات ممثلة في اتحاد الصناعة والتجارة، الاتحاد العام التونسي للشغل، عمادة المحامين، ومنظمة الدفاع عن حقوق الإنسان، وقد ظهر دورها بشكل جلي خلال الحوار الوطني التونسي، وتدخلها في محاصرة الخلاف كي لا تصير هناك إشكاليات تعيق مسلسل الإصلاح في تونس.

*بعد تشكيل الحكومة التونسية رفع مجموعة من خبراء الاقتصاد التونسيين مذكرة عنوانها "40 إجراء لنمو اقتصادي قوي"، ما هو حجم حضور توصيات الخبراء في خطتكم الحكومية؟
تتجلى أولوية الوزارة اليوم في تحسين القدرة الشرائية للمواطن عبر مواجهة غلاء المعيشة. وأؤكد أن الحكومة التونسية أخذت قرارا بعدم رفع الضرائب على المواطنين والشركات كذلك، وخاصة شريحة الموظفين، بغية الحد من الضغط على جيوب التونسيين. كما أؤكد أن الحكومة تعهدت بعدم رفع أسعار المواد الأساسية المدعمة حتى نهاية عام 2015، على أن يتحمل الصندوق العام للتعويض التبعات المالية المرتقبة لهذا القرار.

ولضمان تنفيذ هذا الإجراء على أرض الواقع، أتوجه إلى التونسيين بالقول لهم إنني أتحمل مسؤوليتي الكاملة تجاه ما أعلنت، أورد بعض نتائج الفرق الاقتصادية التي تشرف على مراقبة الأسعار في الأسواق، وهذه الأخيرة قامت بقرابة 71 ألف زيارة ، كانت نتائجها تحرير ورفع 10 آلاف مخالفة اقتصادية خلال الربع الأول من العام الحالي وسوف تتعامل القطاعات الحكومية المختلفة بجدية وحزم مع هذه المخالفات بغية عدم المساس بالقدرة الشرائية للمواطنين خارج إطار القانون.

كما أخذنا بالعديد من التوصيات، ومن بينها الاهتمام بالاقتصاد غير المهيكل، والإسراع بسن قوانين وتشريعات تنعش مناخ الاستثمار. وقد قمنا بإعداد مجموعة منها وعرضناها على مجلس النواب، ومن بينها قانون "المنافسة والأسعار"، قانون "تنمية الصادرات"، ونحن بصدد إعداد قانون "سلامة المنتوجات الصناعية والغذائية"، هذه القوانين سوف تسرع من وتيرة المفاوضات التي دخلت فيها تونس مع العديد من الأطراف، وخاصة الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في المنظمة العالمية للتجارة، بالإضافة إلى أن سنّ هذه التشريعات سيمنح تونس فرصة التفاوض من موقع قوة قانونية وتشريعية وطنية.


وأطلقنا كذلك خطة لدعم وتنمية التجارة الإلكترونية في تونس، وكما نعلم أصبح لهذا المجال دور مهم، ولكن للأسف تمثل عندنا نسبة 0.05% فقط من مجموع العمليات التجارية في البلد. وأطلقنا كذلك برنامجا لتأهيل قطاع الخدمات، وبرنامجا لدعم التصدير في تونس.

*حدود تونس لم تعد آمنة ما شجع عمليات التهريب، والتي باتت تشكل بحسب تقارير البنك الدولي 5% من الواردات الرسمية، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع حجم الخسائر الجبائية إلى ما يزيد على 609 ملايين دولار، ماذا قدمتم للحد من هذا الوضع؟
يجب التأكيد أولاً أن الإرهاب والتهريب وجهان لعملة واحدة. وما يقع في الشقيقة ليبيا، فاقم من الوضع على الحدود، وسهل نشاط الأفراد والجماعات الذين يمتهنون التهريب. ولمواجهة هذا الخطر والحد منه على الأقل، أعلنّا إنشاء منطقة تجارية حرة في "بن قردان"، وهذا حدث مهم، غايته دفع سكان المناطق الحدودية التونسية الليبية للتأقلم مع التجارة المنظمة.

وسوف نطلق إجراءات قريباً للحد من التجارة الموازية، والتي لها تأثير على الاقتصاد التونسي. ونأمل أن يصل الأشقاء في ليبيا إلى حل سلمي، لأن هذا الخيار قادر على تأمين الحدود، ومواجهة خطر الجماعات التي تنشط في التهريب وتمول عبر الإرهاب، لأنه كما ذكرت في السابق، بالإرهاب يأتي التهريب، وبهذا الأخير ينمو وينتعش الأول.

*أعلنت وزارة السياحة التونسية تراجعا ملحوظا في القطاع السياحي. حيث تراجعت الإيرادات بنسبة 6.8% خلال الربع الأول من العام الحالي مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي. هل من حلول استثمارية ناجعة للخروج من هذا النفق؟
من الطبيعي أن نعيش مثل هذا التراجع بعد الضربات التي عرفتها تونس من طرف الإرهابيين. ففي الفترة السابقة كنا نستقبل قرابة مليون سائح جزائري، لكن الرقم تقلص بشكل ملحوظ.

ما أود أن أؤكد عليه، هو أن رد الفعل السلبي بعد الأحداث الإرهابية التي شهدتها تونس كان لحظياً، وأجرينا اتصالات مكثفة مع جميع الدول التي سقط لها ضحايا فوق الأرض التونسية. وأكدنا خلال حديثنا مع مسؤولي الدول ومنظماتها أن الخطر الإرهابي في تونس مستورد، وليس وليد البلد، ولذلك قدمنا جميع الضمانات التي تؤكد يقظة الأمن التونسي مستقبلا في مواجهة خطر الإرهاب.

تحديات الاقتصاد التونسي
اعترفت الحكومة التونسية الجديدة على لسان وزيرها في المالية، سليم شاكر، أن التحديات الاقتصادية المستقبلية للبلاد كبيرة جداً، خصوصاً في ما يتعلق بتغطية عجز الميزانية لهذا العام، حيث توقع الوزير أن تحتاج بلاده إلى 1.3 مليار دولار عبارة عن تمويلات وقروض أجنبية.

وقال الوزير، سليم شاكر، في ندوة صحافية منتصف الشهر الحالي، إن الحكومية التونسية تعول على دعم مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لتغطية جزء مهم من عجزها، وحدد القيمة التي تحتاجها بلاده من المؤسستين في مبلغ مليار دولار خلال هذا العام.

كما تتوقع الحكومة في حال نجاح مساعيها لتطويق عجزها المالي، أن تقف عند سقف عجز في الميزانية لا يتجاوز 5% من الناتج المحلي الإجمالي في متم سنة 2015، أي بناقص 0.8% مقارنة بالعام الماضي، الذي سجل فيه العجز نسبة 5.8%.

وتحاصر الأزمات الاقتصادية تونس من كل جانب، وأهمها تراجع مداخيل الفوسفات، وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر بسبب الوضعية الاقتصادية التي تعيشها دول الاتحاد الأوربي، وكذلك تراجع إيرادات قطاع السياحة الذي يعد ثاني مصدر للعملة الصعبة في البلاد، بالإضافة إلى اعتماد تونس على حصص مهمة من القروض التي تحصل عليها في تغطية مصاريف موظفيها.

بطاقة:
يتقلد رضا الأحول منصب وزير التجارة والاستثمار في الحكومة التونسية الجديدة. من مواليد عام 1957. مهندس في الصناعات الغذائية. شغل عدة مناصب عمومية بين عامي 1994 و2013، تسلم حقيبة وزير، ورئيس مدير عام الشركة التونسية لأسواق الجملة. وسبق له أن زاول مهنة التدريس.

إقرأ أيضا: وهم انحسار البطالة المقنعة في فلسطين المحتلة


المساهمون