الأموال الليبية المهربة: ستعود يوماً

الأموال الليبية المهربة: ستعود يوماً

23 فبراير 2015
البحث لا يزال جارياً عن الأموال الليبية (فرانس برس)
+ الخط -
عقب سقوط نظام القذافي، كثر الحديث عن الأموال الليبية أو الأصول والأرصدة التي كان النظام السابق يستثمرها عبر هيئة الاستثمار الليبية و"محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار" وشركة "أفريقيا للاستثمار". إذ كانت تلك المحافظ الاستثمارية موزعة على عدة دول أفريقية وأوروبية. ومن بين هذه الدول، دولة جنوب أفريقيا حيث أكدت صحيفة "إندبندنت" في تقرير لها العام الماضي أن الأموال الليبية المهربة تقدر بـ 350 مليار دولار مخبأة في جنوب أفريقيا، بالإضافة إلی مئات الأطنان من الذهب، و6 ملايين قيراط من الألماس. 

وعود بإعادة الثروة
المسؤولون الجنوب أفريقيون الذين لم يفصحوا عن مقدار تلك الأرصدة، صرحوا مرات عدة أن هنالك أصولاً ستعود إلى الدولة الليبية ويعتقد أنها كميات من الماس والذهب. وأتت تلك التصريحات بعد زيارة محققين ليبيين في شهر مايو/ أيار من العام 2013، حيث قدموا أدلة الى وزارة الخزانة الجنوب أفريقية تؤكد على أن الأرصدة مودعة في أربعة مصارف محلية وشركتين أمنيتين. إلا أن المسؤولين في الدولة الليبية، يقولون إنهم لم يحصلوا على أجوبة مؤكدة في هذا الموضوع حتى اليوم.
يقول مدير المكتب الإعلامي في مصرف ليبيا المركزي، عصام العول، لـ"العربي الجديد" إن "مسألة هروب الأموال لا يمكن تأكيدها كما لا يمكن نفيها، إلا أن المؤكد أن النظام السابق كانت له علاقة قوية جداً مع بعض المسؤولين في دولة جنوب افريقيا، ما يعني احتمال تهريب بعض الأموال إلى هذه الدولة".

معوقات استرجاع الأموال
ويشير الخبير في الشؤون الدولية، الدكتور عبدالله عثامنة، إلى أنه من الصعوبة تأكيد حجم الأموال التي تم تحويلها الى الخارج، كما يصعب معرفة آليات تهريبها. ويقول لـ"العربي الجديد": "لا شك أن قضية الأموال المهربة الى الخارج تثير إشكاليات كثيرة، أبرزها، أن النظام السابق أودع العديد من رؤوس الأموال بأسماء أشخاص أو مؤسسات محسوبة عليه، وهذه الشركات كانت تحمل أسماء محددة، ما يعني غياب القيد القانوني المتعلق بأصول هذه الأموال، أو ملكيتها التابعة للدولة الليبية".
ويلفت عثامنة في هذا الإطار الى أن الأمر يتعلق بطبيعة هذه الأموال، فيقول: "هناك أموال بيضاء وأموال سوداء، وفي العادة نحن نعلم أن مصطلح غسل الأموال هو إدخال الأموال المشبوهة أو الآتية من أنشطة غير قانونية أو غير محسوبة في الاقتصاد المحلي أو إيرادات الاقتصاد المحلي، وهو أمر في غاية الخطورة، إلا أن الأخطر من هذا هو قيام الدولة بهذه العملية، عن طريق إدخالها عبر مؤسسات تجارية من خلال توقيع عقود مع الشركات، أو إصدار أوامر جلب مواد وسلع سواء أكانت مدنية أم عسكرية".
من جهة أخرى، يلفت عثامنة إلى أنه لا يمكن إطلاق وصف التهريب على هذه الأموال، نظراً لغياب الأدلة الواضحة، ولكن يمكن إطلاق وصف أموال مخفية. ويقول: "ومن وجهة نظري، فإن استرداد هذه الأموال يحتاج الى تفعيل المنظومة الرقابية والمحاسبية، إذ إن متابعة ورصد الأموال ليست بالعملية المعقدة، إذ يمكن رصدها، بحسب عثامنة، عبر ملاحقة القيد الدفتري في السجلات الرسمية، وكذلك عبر التدقيق في المنظومة الإلكترونية لتحويل الحسابات والأموال، وفي حال تم إخفاء هذين القيدين، يمكن للسلطات الليبية اللجوء عندها الى قاعدة البيانات أو المعلومات التابعة للشريك الأجنبي التي تعاملت معه الدولة الليبية".
ويضيف: "يتوجب على الدولة الليبية التحرك سريعاً، وعدم المساومة كما حصل سابقاً، سواء في القرار رقم 10 إبان المجلس الانتقالي أو القرار رقم 25 المنبثق من المؤتمر الوطني بشأن متابعة الأموال المهربة ومنح 10 % مكافأة للأشخاص أو اللجان القائمة على جلب هذه الأموال. حيث حصل تلاعب كبير وتستر عن أموال موجودة في مصارف سويسرا وتركيا وبريطانيا.
هل يمكن لعودة هذه الاموال الى ليبيا أن تساعد الاقتصاد الوطني فعلاً في الظروف القائمة حالياً؟ يجيب عثامنة بأن المتتبع للاقتصاد الليبي بعين المجهر يعي أن نمو الاقتصاد سلبي في ليبيا، وبالتالي أي سياسات وقائية ستكون محبذة، في حين أن إعادة الأموال سواء أكانت قد نهبت أم سرقت أو حتى المغفل عنها ستلعب دوراً حيوياً في الاقتصاد الليبي، حيث يمكن للنظام في ليبيا توجيه هذه الاموال نحو إعادة الإعمار ودعم المشاريع والمؤسسات التي تعيد للنمو الاقتصادي الليبي مكانته.
هكذا، تبقى الأموال الليبية الموزعة على دول العالم سراً خفياً، لربما تعود خلال السنوات المقبلة إلى صاحبها، وهو الشعب.

إقرأ أيضاً: "طابور الوقود"... ظاهرة غريبة تحيّر الجزائريين

المساهمون