هذه هي الجرائم الاقتصادية للزند

هذه هي الجرائم الاقتصادية للزند

28 مارس 2016
ارتفاع أعداد الفقراء في مصر (Getty)
+ الخط -
أقيل وزير العدل المصري، أحمد الزند، بسبب تصريحه الأخير بحبس النبي. إلا أن الزند يعتبر من أشد الأصوات استبداداً وفساداً داخل الحكومة المصرية، وقد أتى إلى منصبه إرضاءً لتكتلات سياسية من أصحاب المصالح، في إطار معادلات التوازن بين الكتل الحاكمة. الزند الملقب بأسد القضاة اتخذ موقفاً معارضاً، ضد مشاريع استقلال القضاء وتطهيره من مظاهر الفساد والتبعية للسلطة التنفيذية، خلال الفترة التي أعقبت الثورة. وقد حصلت هيئات القضاة على مكافآت مالية فتم رفع بدلاتهم أكثر من مرة، وحين تململت وزارة المالية من توفير الزيادات، فرضت رسوماً قضائية تصب لتغطية الزيادات المالية.

للزند تاريخ طويل لمعاداة الديمقراطية، فهو من أبرز المعادين لتيار استقلال القضاة، وقام الرجل بمحاربة كل رموز هذا التيار متهمهم بممارسة السياسة، من بينهم زكريا عبدالعزيز الذي أحيل للتقاعد بدعوى قضائية اتهمته بالتحريض على اقتحام مقار أمن الدولة، وممارسة السياسة.
أثارت إقالة الزند غضب مجموعات المصالح، وفكرت تلك المجموعات في خلق تحركات مناوئة للقرار وراحت كل الأصوات المساندة لدولة الفساد والاستبداد تدافع عنه وتعدد محاسنه. على جانب آخر تجند كتاب وصحافيون للدفاع عن الزند، ارتدى بعضهم زي العلمانية والتنوير، وتعلل بعضهم الآخر برفض الإقالة من منطلق نبذ الأصولية، وتوارت تلك الأصوات في دفاعها عن الزند خلف شعارات احترام قيم القانون. لكن تلك الأصوات لم تفتح ملفات فساد الزند ولم تطالب بتقديمه للمحاسبة ولم تشتبك معه في القرارات والقوانين التي أصدرها والتي تسهل الفساد.

مصالح رجال الأعمال 

اقتصادياً وظف الزند آليات التشريع لاسترضاء الحكم القائم لخدمة مصالح وفئات محدودة. ولعب دوراً محورياً، من خلال موقعه، في إصدار قوانين اقتصادية كرست مصالح رجال الأعمال وسهلت التربح عبر ممارسات تتصف بالفساد. أبرز تلك التشريعات قانون التصالح مع الفساد، والذي يسهل عودة رجال الأعمال الفاسدين من الخارج دون محاسبة، إلى جانب أن هذا التشريع ينتهك مبدأ المحاسبة والعقاب ليصبح اللصوص جزءاً من إدارة العملية الاقتصادية والسياسية بما يمتلكونه من نفوذ وسلطة مالية وإعلامية مؤثرة في المشهد السياسي. وبفضل هذا القانون سوف تعود كتلة اقتصادية معادية للثورة للعب دورها التخريبي.

كذلك أصدر الزند قانون الاستثمار والذي كرّس نهج الدولة في منح المستثمرين تسهيلات ومنح وإعفاءات بدعوى تشجيع الاستثمار وجذب رؤوس الأموال للسوق المصرية، وعلى الرغم من ذلك لم يسهم هذا القانون في إنعاش الاقتصاد أو تحقيق الأهداف التي أعلنتها الحكومة. كذا طرح الزند مسألة تمليك الأراضي عن طريق البيع أو تخصيصها للمستثمرين.
جمع الزند بين ثنائية الاستبداد والفساد، فتناول في تصريحاته الإعلاميين وهددهم بالحبس وحضر قوانين تضيق مساحة الحرية.
كما لعب الزند دوراً هاماً في إصدار قرار جمهوري يتيح لرئيس الجمهورية إقالة رؤساء الجهات الرقابية، على الرغم من أن تلك الجهات تم تحصينها من الإقالة. خاض الزند معركة حامية ضد رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، المستشار هشام جنينه، والذي تعتبره قوى الفساد والاستبداد إحدى العثرات التي تفضح هيمنتها وفسادها المالي. انزعج الزند من جنينه وتقاريره التي أشارت إلى الفساد الذي طاول أجهزة سيادية وقيادات أمنية والهيئات القضائية وعلى رأسها الزند نفسه.
الجرائم الاقتصادية التي ارتكبت بسلاح التشريع تستحق المحاسبة، سواء كانت بإصدار القوانين أو التستر على من مارسوا الفساد أو التصالح مع اللصوص بسيف التشريع.
ومن المهم الإشارة إلى أن أسباب إقالة الزند لا تتعلق بتصريحه حصراً، إذ إنها تحمل إشارات عديدة، من ضمنها إن الزند ومجموعته تتكتل للدفاع عن مصالحها ومستعدة لخوض المواجهة ضد النظام ذاته وهي جزء منه، فهو صراع تكتلات لا أكثر. وإقالة الزند، ستحول السلطة إلى موقع دفاعي بطولي، لتبدو وكأنها تستجيب لمطلب الرأي العام المصري، محاسبة الوزير الذي ينفر المواطنين، ليصبح شمّاعة الفساد الذي ينخر الدولة.
(باحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية)

المساهمون