المهجر كهوية جديدة... هل يُنتج ثقافته؟

المهجر كهوية جديدة... هل يُنتج ثقافته؟

26 نوفمبر 2016
المهجر كهوية جديدة... جبران خليل جبران (العربي الجديد)
+ الخط -


حمل المهاجرون العرب الأوائل إلى الأميركيتين في القرن التاسع عشر، معهم هويتهم وثقافتهم وحنينهم الى الأوطان. وتجسد ذلك بحراك ثقافي بينهم، وشكلوا روابط فكرية كان لها دور وتأثير في حركة الأدب العربي، وهي ما اصطلح على تسميتها بـ "شعر/ أدب المهجر" والذي كان يحمل في طياته شحنة عاطفية لأشخاص ابتعدوا جسداً عن أوطانهم، لكن روحهم ما زالت تحلق وتطوف في قراهم ومدنهم، لا بل أكثر من ذلك. فهم على الرغم من البعد الجغرافي عن المشرق العربي إلا أن كتاباتهم وقفت مليًا على هموم الأمة العربية والنوائب التي حلت بها، وكأنهم يؤكدون أن الألم عابر للحدود ويلامس وجدانهم وأن أرواحهم ما زالت معلقة في قرى ومدن وضياع تركوها رغماً عنهم. 
ومن أهم تلك الروابط الأدبية والفكرية التي تأسست عام 1920 هي "الرابطة القلمية" في أميركا الشمالية والتي ضمت كلاً من جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة، و"العصبة الأندلسية" في أميركا الجنوبية التي ضمت كلاً من ميشيل معلوف وإلياس فرحات وعقل الجر.
اليوم، ونتيجة لهجرات عربية جديدة، في ظل الأزمات التي تعصف بالمنطقة، لماذا لم نشهد تشكل حراك ثقافي فكري في دول اللجوء الجديدة؟



ربما الجواب يكمن في آثار العولمة الثقافية التي جعلت من العالم مشتركاً في الأفكار والمعاني والقيم، وتكرست ثقافة الاستهلاك الرأسمالي من خلال التقنيات العالية، والتي فككت الحدود الجغرافية وقصرت المسافات، وخلقت معها وسائل جديدة للتواصل، مختلفة عما كان سائداً في القرن التاسع عشر. أمر ربما قاد إلى تشكيل أنماط جديدة من العلاقات الاجتماعية، وبالتالي حالة فكرية وثقافية مختلفة وتنشئة اجتماعية عند شريحة واسعة من عرب المهجر.

ذلك خلق نوعاً جديداً من الانتماء السياسي، والاجتماعي وطرق للتعبير عن الحنين إلى الوطن، وبالتالي للارتباط بالوطن الأم، عند شريحة واسعة من المهاجرين انعكاسات على الحالة الثقافية والفكرية عند الجاليات العربية. وبات اليوم الكل قادر على التعبير عن أفكاره وأرائه، في شبكات التواصل الاجتماعي، دون الحاجة لقراءة صحيفة أو كتاب أو رواية أو الاجتماع في منتدى أو صالون أدبي للوقوف على حركة الأدب والشعر. وبالطبع في ذلك تهديد حقيقي لهوية الجاليات العربية، التي يقع على عاتقها الاندماج الفعلي في مجتمعات المهجر وفي الوقت ذاته الحفاظ على الهوية والثقافة العربية.

المساهمون