القصّة الكاملة لإعلانات الكراهية ضد مسلمي أميركا

القصّة الكاملة لإعلانات الكراهية ضد مسلمي أميركا

07 يونيو 2015
أطفال أميركيون من أصول عربية في متحف(Getty)
+ الخط -

بدأت القصة في 2012 بهذا الإعلان: "في أي معركة بين الرجل المتحضّر والهمجي.. ادعم الرجل المتحضر، ادعم إسرائيل واهزم الجهاد". كان هذا الإعلان جزءاً من حملة ضد المسلمين وداعمة لإسرائيل موّلتها منظمة "المبادرة الأميركية للدفاع عن الحرية".
قامت هذه المنظمة بنشر مئات الإعلانات في محطات الأنفاق في نيويورك وواشنطن. ولأول مرة يضطر المسلمون الأميركيون للتعايش مع حملة تأجيجية وعنصرية تستهدف حياتهم ومعتقداتهم.
وقد رفضت إدارة المواصلات في نيويورك عرض إعلانات المنظمة قائلة إنها مخالفة لشروط الإعلانات بعدم الإساءة لأشخاص أو مجموعات على أساس العرق أو الدين أو الأصل.

بيد أن رئيسة منظمة "المبادرة الأميركية للدفاع عن الحرية"، باميلا غيلر، رفعت قضية ضد إدارة المواصلات، وقضت محكمة فيدرالية بأن منع الإعلانات يشكل تقييداً لحرية التعبير المكفولة في التعديل الأول للدستور الأميركي. وفي النهاية، اضطرت سلطة المواصلات إلى عرض الإعلانات.
لم يمر سوى أسبوع واحد حتى تعرضت مئات النسخ للتشويه. واحتجت المنظمة المتشددة ووسائل إعلام يمينية متطرفة، خاصة قناة فوكس نيوز ضد من سمّتهم بـ"المخربين".
وفي الـ25 من سبتمبر/ أيلول 2012، اعتقلت شرطة نيويورك الناشطة الأميركية المصرية منى الطحاوي في ميدان تايمز سكوير بنيويورك أثناء محاولتها طمس الإعلان.

تطورات الأحداث دفعت "اللجنة الأميركية العربية لمناهضة العنصرية في الولايات المتحدة" لإطلاق حملة ضغط على شركة قطارات الأنفاق من أجل حملها على توضيح موقفها من الإعلانات التي تحمل عبارات عنصرية ضد العرب والمسلمين في الولايات المتحدة.
وانضمت إلى هذه المبادرة 127 منظمة مسيحية وإسلامية، إضافة إلى جمعيات مدافعة عن حقوق الإنسان وحرية الرأي، وذلك بهدف إقناع شركة مترو الأنفاق للنأي بنفسها عن هذا الإعلان المثير للجدل، الذي يصف المسلمين بـ"الوحوش" في حين يصنّف إسرائيل على أنها "المتحضّر الذي يجب مساندته".

وقال مدير مشروع "رحلة عبر أميركا"، وهو ناشط حقوقي ينتج دراسات وأفلاماً وثائقية حول المسلمين في أميركا، إن العالم يبدو في يومنا هذا منقسماً، رغم أن قيم "الآباء المؤسسين للولايات المتحدة" وإيمانهم بأن أميركا ستبقي ذراعيها مفتوحتين لاحتضان من يقصدها بغض النظر عن دياناتهم ومعتقداتهم".
وأضاف أنه لا ينبغي للأميركيين والمسلمين أينما كانوا أن "يفاجأوا عندما يجدون أن كتابات "الآباء المؤسسين" تكشف عن وجهة نظر منفتحة بل فيها قبول مطلق للإسلام. وبالطبع لباقي الديانات على حد السواء".

التمييز وجرائم الكراهية
يخشى المسلمون الأميركيون أن يؤدي التأجيج الإعلامي ضدهم إلى جرائم كراهية تطالهم كما وقع في الآونة الأخيرة. فقد قام أميركي متعصب، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بإطلاق النار على ثلاثة مسلمين من عائلة واحدة في مدينة تشابل هيل بولاية كارولاينا الشمالية. وفي شباط/ فبراير الماضي، لقي شاب عراقي مصرعه بالطريقة نفسها بولاية تكساس الجنوبية.

وأكد مسؤول بـ"اللجنة الأميركية لتحقيق تكافؤ الفرص في العمل"، حصول زيادة في عدد الشكاوى المتعلقة بالتمييز في مقرات العمل على أساس ديني، بعد أحداث 11سبتمبر، مشيراً إلى أن غالبية الشكاوى من المسلمين والعرب.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدأ سياسيون ووسائل إعلام يمينية بتصعيد خطاباتهم ضد الإسلام والمسلمين وترديد شعارات تؤلّب الناخب الأميركي ضد "الخطر الإسلامي".

فحينما أعلنت السلطات إنشاء محكمة إسلامية في شمال تكساس، ثارت وسائل الإعلام ذات التوجه اليميني ضد القرار، واصفة إياه بالخطوة الأولى باتجاه سيطرة المسلمين على نظام القضاء الأميركي.
وعلّق الخبير القانوني أندرو نابوليتانو، لمحطة فوكس نيوز، على القرار قائلاً: "هذه المحكمة الجديدة ستطغى على القانون الأميركي، إذا أجمع الطرفان على الالتزام بقراراتها".

شهادات أميركيين عرب
تقول شهيرة، 23 سنة، أنه في 2013 قامت شركة "دي أش أل" (DHL)، للبريد بطرد 24 عاملاً مسلماً بسبب إقامتهم للصلاة داخل مقر العمل في ولاية أوهايو.
وقالت إحدى الضحايا، وتدعى شهيرة عبد الله، لـ"العربي الجديد"، إن قصة طردها من العمل برفقة 23 شاباً مسلماً، منهم من اشتغل لدى شركة "دي أش أل" منذ أكثر من سبع سنوات، "كانت بسبب الصلاة".
وأضافت شهيرة، ذات الأصول الصومالية: "ذهبت برفقة زملائي لأداء صلاة المغرب، واستدعانا المسؤول مباشرة وحذرنا من تكرار الخروج للصلاة من دون إذنه".
لكن في التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول 2013، "استشرنا مسؤولنا المباشر وطلبنا منه أن نأخذ استراحة قصيرة للصلاة، لكنه رفض ذلك وجمعنا في أحد المكاتب لمدة ساعة واستدعى مسؤولاً في مصلحة الموارد البشرية، وحذرنا من الصلاة مجدداً وإلا تعرضنا للطرد".
وأكدت أن المسؤول السابق "كان يتفهّم أن نأخذ وقتاً قصيراً لممارسة شعائرنا الدينية، لكن المسؤول الجديد أراد أن يمنعنا نهائياً من الصلاة، مخالفاً بذلك القوانين السابقة للشركة".
وقد نفذ المسؤول تهديده وطرد العاملين، لكن الشركة عادت وقالت إنها تضمن لعامليها حقوقهم وفق ما تقتضيه القوانين.
تقول شهيرة: "قد لا يطردون المسلمين في كل الشركات التي يشتغلون بها لأن القانون صارم وواضح، لكن التمييز ضد المحجبات واضح جداً".
وفي 2008 أيضاً، قامت شركة تمتلك مصنعاً لتعليب اللحوم في ولاية كولورادو بطرد حوالي مائتي موظف صومالي مسلم يعملون لديها، وذلك على خلفية رغبتهم في أخذ استراحة خلال فترة المغرب لأداء الصلاة وتناول الإفطار في شهر رمضان.


إيمان إيلوف: نضال باسم كل محجبات أميركا
تعود قضية إيمان إيلوف إلى أكثر من ست سنوات حين تقدمت الفتاة، التي لم يتجاوز عمرها آنذاك 17 سنة، بطلب عمل كبائعة لدى متاجر إبركرومبي للملابس الجاهزة، لكن جرى رفضها بسبب الحجاب.
وفي أميركا، ينص القانون الفيدرالي على ضرورة احترام الحقوق المدنية للمستخدمين وعدم التمييز ضدهم على أساس الدين وتوفير البيئة المناسبة التي تتوافق مع توجهاتهم الدينية.
ويمنع القانون الأميركي الشركات من سؤال المتقدمين بطلب العمل عن خلفياتهم الدينية.
تقول إيمان، لـ"العربي الجديد"، إن قضيتها تلخّص معاناة المحجبات المسلمات في بيئة كارهة للمسلمين بسبب الدعاية في الإعلام اليميني، مشيرة إلى أن "الحكومة الأميركية تؤكد باستمرار أن ارتداء الحجاب ممارسة دينية وحق مصان".
وتعتبر إيمان أن سر نجاح الولايات المتحدة الأميركية يعود بالأساس إلى ضمان الحريات الدينية للأقليات، مضيفة: "حتى الآن لا يزال هذا البلد أفضل من بلدان غربية كثيرة على مستوى الحريات الدينية. ونحن نخوض هذه المعركة للإبقاء على أميركا لجميع الأميركيين".
المسلمون الجدد.. العائلة تلفظهم
يعاني الكثير من حديثي العهد بالإسلام في أميركا من عقبات تصعّب عليهم الانتقال إلى أسلوب حياة جديد تؤطره العقيدة الإسلامية، إما بسبب ضغوط العائلة والأصدقاء أو صعوبة التأقلم مع المحيط الجديد.
مصطفى رايموند، أو إدوارد رايموند، اعتنق الإسلام في 2010 وتزوج سيدة مغربية، لكن عائلته وأصدقاءه لم يتفهموا خطوة تركه المسيحية إلى الإسلام.
يقول، لـ"العربي الجديد"، إنه لم يكن يتوقع أن يكون رد فعل العائلة قوياً بسبب اعتناقه الدين الجديد، مضيفاً أن "الشيطنة التي تقوم بها بعض وسائل الإعلام اليمينية ضد المسلمين في أميركا نفّرت الناس هنا من الإسلام".
واعتبر مصطفى أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001 هي نقطة التحوّل في علاقة أميركا بالمسلمين.
وقال: "كانوا أصدقائي دائماً.. المسلمون مثل بقية الأقليات الدينية في أميركا، لكن بعض المنظمات اليمينية تزرع السموم بين أصحاب العقائد المختلفة".
ورغم أنه أصبح يعيش في محيط عائلي جديد، خاصة وسط الجالية المغربية بواشنطن، إلا أنه يشتاق لوالدته التي رفضت أن تكلمه حتى يخرج من الإسلام.

المساهمون